حوالي ٨ ملايين مصري مصابون بمرض السكر. وعادة ما يتكرر سؤالهم لنا نحن أطباء السكر هل يمكنني صيام شهر رمضان؟
وسواء كانت الإجابة بلا أو نعم فإن غالبية مرضى السكر لا يستمعون للنصح ويصرون على صيام رمضان، وهو ما قد يعرض الكثيرين منهم لخطورة شديدة. فقد رصدت الدراسات أن حوالي ٩٤٪ من مرضى السكر يصومون أكثر من خمسة عشر يوماً من الشهر الكريم وأن حوالي ٦٧٪ منهم يصومون الشهر كاملاً، ورغم معرفتهم بقول الله تعالى "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"، إلا أن غالبية مرضى السكر لا يعتقدون أن مرض السكر يمنعهم من الصوم. والحقيقة أن مريض السكر معرض لأربع مشاكل في منتهى الخطورة مع صيام شهر رمضان خاصة إن كانت فترة الصيام طويلة كما هي الآن.
أول هذه الأخطار الانخفاض الشديد في نسبة السكر في الدم والذي ربما قد يؤدي للغيبوبة أو التشنجات وربما لا قدر الله الوفاة. وثانيهما الجفاف الذي قد يؤدي الى الفشل الكلوي الحاد. وثالثهما ارتفاع نسبة السموم الكيتونية في الدم وخاصة في مرضى السكر من النوع الأول وهو من أخطر المضاعفات الحادة لمرض السكر. ورابعهما الارتفاع الشديد في نسبة السكر في الدم خاصة بعد الإفطار.
لذا فقد وضعت رابطة السكر في رمضان التي أسسها أخي الحبيب الدكتور محمد حسنين والتي أتشرف بمشاركته فيها بالتعاون مع الاتحاد الدولي للسكر وبعد استشارة دار الإفتاء المصرية وبمشاركة العالم الكبير الدكتور مجدي عاشور وكيل دار الإفتاء المصرية ضوابط واضحة تحدد من يمكنه صيام شهر رمضان ومن يجب عليه عدم صومه. وندعو جميع المصابين بمرض السكر لمراجعة هذه الضوابط بدقة شديدة والالتزام بها لدرء الخطر وزيادة النفع. (وللتذكرة مرة أخرى فإن هذه الضوابط قد أجازتها دار الإفتاء المصرية حتى يطمئن قلب المرضى من الناحية الشرعية). مع التذكرة بما قاله رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه".
وقد قسمت هذه الضوابط جميع مرضى السكر إلى ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى:
لا يجب عليها (بتاتاً) صيام رمضان لما فيه من خطورة شديدة مع ضرورة الاستماع لنصيحة الأطباء بعدم الصوم. وتشمل هذه المجموعة:
١- أي مريض سبق له الإصابة بالانخفاض الشديد للسكر في الشهور الثلاثة السابقة لشهر رمضان
٢- أي مريض أصيب بارتفاع الأحماض الكيتونية في الدم في الشهور الثلاثة السابقة لشهر رمضان
٣- أي مريض أصيب بالارتفاع الحاد جداً للسكر في الدم مع زيادة المعدل الاسموزي في الدم وفيه يكون معدل السكر قد تجاوز ٥٠٠ مغم/مل وذلك في خلال الثلاثة شهور السابقة لشهر رمضان
٤- الإصابة المتكررة بانخفاض السكر في الدم
٥- فقدان الإحساس بأعراض انخفاض السكر
٦- مرضى السكر من النوع الأول غير المنتظمين ويعرّف ذلك بارتفاع معدل السكر التراكمي A1C عن ٧٪
٧- الإصابة بأي مرض حاد آخر
٨- مرضى السكر الحوامل ممن يعالجون بالأنسولين أو منتجات السلفوناميد كأقراص الدوانيل والديامكرون والأماريل.
٩- مرضى السكر المصابون بالفشل الكلوي من المرحلة الرابعة والخامسة والمرضى المعالجون بالغسيل الكلوي
١٠- المرضى المصابون بأمراض الشرايين من المراحل المتقدمة كقصور الشريان التاجي أو جلطات القلب والمخ أو إنسداد شرايين الأطراف
١١- المرضى من كبار السن أو المصابون باعتلال الصحة
المجموعة الثانية:
ليست على نفس درجة الخطورة الشديدة ولكن يجب عليها أيضاً عدم صيام رمضان والاستماع للنصيحة الطبية وتشمل هذه المجموعة:
١- مرضى السكر من النوع الثاني وغير المنتظمين ويُعّرف ذلك بزيادة معدل السكر التراكمي A1C عن ٧٪
٢- مرضى السكر من النوع الأول المنتظمون
٣- مرضى السكر من النوع الثاني الذين يعالجون بحقنتين أو أكثر من الأنسولين يومياً
٤- المرضى بسكر الحمل ممن يعالجون بالحميّة أو الحبوب
٥- مرضى الكلى من المرحلة الثالثة
٦- مرضى السكر المصابون بأمراض الشرايين المستقرة حالتهم الصحية
٧- المرضى بعلل أخرى بالإضافة لمرض السكر
٨- مرضى السكر الذين يقومون بمجهود عضلي كبير
٩- مرضى السكر الذين يعالجون بأدوية تؤثر على قدرتهم على التركيز والذاكرة ووظائف المخ
المجموعة الثالثة:
يمكنها الصوم بعد مناقشة الطبيب المعالج للتأكد من القدرة على الصوم مع ضرورة سماع النصح إذا قرر الطبيب عدم الصوم. وتشمل هذه المجموعة:
١- مرضى السكر من النوع الثاني المنتظمون (نسبة السكر التراكمي أقل من ٧٪) والمعالجون بالحميّة فقط أو بأي من الأدوية التالية:
– الميتفورمين (جلكوفاج أو سيدوفاج) وبدون تعديل في الجرعة
– منتجات السلفوناميد (دوانيل أو ديامكرون أو أماريل أو جلوكوڤانس) مع ضرورة تعديل الجرعة عن طريق متخصص في السكر
– جميع الأدوية الأخرى عن طريق الفم بدون تعديل في الجرعة
– الأدوية المستخدمة بالحقن غير الأنسولين مثل ڤيكتوزا وتروليسيتي بدون تعديل في الجرعة
– فقط الأنسولين طويل المفعول مع الحبوب وبدون أنسولين قصير المفعول مع احتمال تعديل جرعة الأنسولين بمعرفة متخصص في السكر
وفِي حالة إصرار المريض على الصيام يجب اتباع الآتي:
١- تلقي التدريب الكامل على معالجة السكر
٢- أن يتابع حالته الصحية بصفة مستمرة مع متخصص في السكر
٣- فحص السكر في الدم عدة مرات يومياً خاصة الفترة من الظهر وحتى المغرب حيث يزيد معدل إنخفاض السكر في الدم كذلك بعد الإفطار والسحور بساعتين حيث يرتفع السكر بنسبة كبيرة. ورأت دار الإفتاء أن فحص السكر لا يبطل الصيام.
٤- تعديل جرعات ومواعيد أدوية السكر بمعاونة الطبيب خاصة الأنسولين ومنتجات السلفوناميد (دوانيل، ديامكرون، أماريل) لتجنب الانخفاض الشديد للسكر في الدم
٥- الاستعداد فوراً للإفطار إذا شعر المريض بأعراض انخفاض السكر في الدم أو إن كان معدل السكر في أي لحظة أقل من ٧٠ مغم/مل. وفي حالة انخفاض السكر عن ٩٠ مغم/مل ينصح بتكرار قياس السكر مرات عديدة حتى موعد الإفطار مع وقف الصيام فوراً إذا انخفض معدل السكر عن ٧٠ مغم/مل
٦- التوقف تماماً عن الصيام إذا تكرر الارتفاع والانخفاض في نسبة السكر في الدم.
٧- شرب الماء بكثرة بين الإفطار والسحور لتجنب الجفاف
٨- الإفطار على الماء وعلى تمرة واحدة أو اثنتين فقط، بعدها القيام للصلاة
وكل عام وأنتم بخير وصحة وسعادة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.