- مناطق النشاط؛ المهاجم الصريح وباعتبار دوره الرئيس المتمثل في الإسهام في اختتام الهجمات ينشط في الغالب في الربع الأخير من الملعب. أي بمحاذاة قلوب دفاع الخصم (كما توضح الخريطة الحرارية للدولي البولندي روبرت ليفاندوفسكي في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم). وأما المهاجم الوهمي وباعتبار دوره الرئيس المتمثل في الإسهام في صناعة اللعب فإنه ينشط في الثلث الأخير من الملعب وما قبله وصولا إلى دائرة المنتصف (الخريطة الحرارية للدولي البرازيلي روبيرتو فيرمينو في دوري الأبطال هذا الموسم كمثال).
- عدد الأهداف؛ وهذا الاختلاف ما هو إلا نتيجة منطقية للاختلاف السابق المتعلق بمناطق النشاط، فالمهاجم الصريح وبحكم قرب مناطق نشاطه من مرمى الخصم فإن وضعيات التسجيل تسنح له أكثر من المهاجم الوهمي. الأمر الذي تكون نتيجته تفوق المهاجم الصريح على المهاجم الوهمي في عدد الأهداف المسجلة؛ وهنا يتضح مكمن الخلل في حكم بعض المتابعين على مهاجم يقوم بأدوار المهاجم الوهمي بالفشل بسبب عدم تسجيله لعدد كبير من الأهداف أو تفضيلهم لمهاجم آخر يقوم بأدوار المهاجم الصريح عليه لكون هذا الأخير قد تفوق عليه في عدد الأهداف. ذلك أنهم ينظرون إلى السجل التهديفي بمعزل عن الخريطة الحرارية لكل لاعب، والتي تحددها الأدوار المسندة لكل منهما. وبذلك يكون من الخطأ تفضيل ليفاندوفسكي عن فيرمينو في دوري الأبطال هذا الموسم مثلاً لمجرد تفوق ليفاندوفسكي عن فيرمينو تهديفياً. حيث سجل البولندي 11 هدفاً مقابل هدف وحيد للبرازيلي، أي نعم من الممكن أن يكون مستوى ليفاندوفسكي في دوري الأبطال هذا الموسم أفضل من فيرمينو، لكن الحكم بذلك يجب أن يكون من خلال مقاربة شمولية في مقارنة أداء اللاعبين. وليس من خلال مقاربة ضيقة تقارن سجلهما التهديفي فقط، وذلك باعتبار اختلاف أدوارهما في الملعب وإن تشابهت مراكزهما.
- تحقيق أفضل استغلال لأحد مهاجمي الفريق الذي يمتاز بقدرات عالية من ناحيتي صناعة اللعب وتسجيل الأهداف. وقد كان هذا هو الدافع الذي نتج عنه تقديم أفضل نسخة مرت من المهاجم الوهمي، والحديث هنا عن نسخة ميسي التي تحدثنا عنها في سياق مقالنا. ويتمثل هذا الدافع ببساطة وكما قام بذلك غوارديولا في الرغبة في تحقيق أكبر استفادة من حالة الجودة الهجومية الكبيرة والمتنوعة التي يمتلكها أحد مهاجمي الفريق. والذي قد يكون لاعبا رقم 9 بالأصل، مهاجماً ثانياً (في الرسومات التكتيكية التي تضم ثنائية في الهجوم) أو لاعب جناح كما هو الأمر في حالة ميسي إبان تلك الفترة، ويتجسد الدافع عملياً في وضع اللاعب المعني في مكان (عمق الخصم) يكون فيه أثر مراوغاته، تمريراته، تسديداته أكبر من لو تم توظيفه كلاعب رقم 9 تقليدي، مهاجماً ثانياً أو جناحاً.
- تحقيق أفضل توظيف ممكن للاعب رقم 9 الذي تتغلب قدرات صناعة اللعب لديه عن القدرات التهديفية؛ حيث تكون قدرات المراوغة، النظرة، التمرير بدقة، الحركة الفعالة بدون كرة… لدى هذا المهاجم أكبر من قدرات التمركز التهديفي والإنهاء، الأمر الذي يكون معه توظيفه كمهاجم وهمي من أفضل الخيارات التكتيكية للاستفادة منه بأكبر قدر ممكن.
- تحقيق أكبر استفادة من القدرات التهديفية لأحد أجنحة الفريق؛ حيث يمتلك الفريق جناحا بقدرات عالية على مستوى التمركز التهديفي والإنهاء؛ ورغبة في الاستفادة بأكبر قدر ممكن من قدراته تلك يعمد المدرب إلى توظيف المهاجم الأوسط للفريق كمهاجم وهمي تسخيرا لأدواره بالكرة وبدونها بما يتيح للاعب الجناح أكبر عدد ممكن من وضعيات التسجيل إما من خلال الثغرات التي تحدثها حركة اللاعب رقم 9 أو من خلال التفوق على مستوى صناعة اللعب الذي يحدث بانضمام هذا الأخير إلى بقية اللاعبين في الصناعة. وكمثال على ذلك توظيف الألماني يورغن كلوب مدرب نادي ليفربول الإنجليزي لفيرمينو كمهاجم وهمي لتحقيق أكبر إنتاجية تهديفية لجناح الفريق الدولي المصري محمد صلاح الذي يمتاز بقدرات تهديفية مهمة. ما أسهم بشكل بارز في الأرقام التهديفية الرائعة لصلاح مع ليفربول؛ حيث سجل منذ قدومه "للريدز" قبل موسمين ونصف 91 هدفا في 142 مباراة خاضها مع الفريق.
- صناعة ثغرات في دفاع الخصم يستغلها أي لاعب من الفريق للتسجيل؛ ويبدو هذا الدافع مشابها للذي سبقه، وهو كذلك فعلا، مع اختلاف وحيد يتمثل في نقطة تحديد اللاعب المستفيد من أدوار المهاجم الوهمي الحاضرة في الدافع السابق (اللاعب الجناح) والغائبة في هذا الدافع. بمقتضى هذا الدافع لا يهم اللاعب الذي تكون معه الكرة في مساحة فارغة في معترك الخصم، بل ما يهم فقط هو تواجد الكرة مع أحد لاعبي الفريق في تلك المساحة. وقد يعمد المدرب إلى هذا الخيار دون سابقه بسبب تعادل أو تقارب لاعبي المقدمة على مستوى القدرات التهديفية، فيعمد بذلك إلى خيار لا يتضمن مفاضلة لأحد عن أحد. وكمثال على تطبيق هذا الخيار توظيف الهولندي إريك تين هاغ مدرب نادي أياكس أمستردام الهولندي للدولي الصربي دوشان تاديتش كمهاجم وهمي في الرسم التكتيكي "1-3-2-4" مع إحداث لا مركزية بينه وبين الثلاثي المتواجد خلفه والمكون من الدولي المغربي حكيم زياش، الدولي الهولندي دوني فان دي بيك والدولي البرازيلي ديفيد نيريس. ولقد كان لهذا الخيار التكتيكي أثر لافت في التطور الكبير للأداء الهجومي لأياكس في الموسمين الماضيين، خصوصا موسم 2018-2019 الذي حقق فيه النادي ثنائية محلية ووصل لنصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
- امتلاك لاعب تتوفر فيه صفات المهاجم الوهمي؛ فالفكرة لا تقوم إلا بوجود مجسدها، والتي تتمثل عموما في أن يكون المهاجم موضوع التوظيف جيدا في القدرات المتعلقة بصناعة اللعب، وقد فصلنا القول فيما سبق من محاور عن هذه القدرات.
- تَناسُب التمركز بين المهاجم الوهمي واللاعبين المعنيين بتحركاته، ويعني ذلك بالدرجة الأولى شَغل اللاعبين المعنيين للثغرات التي يعمل المهاجم على صنعها بشكل سريع، ذلك أن تلك الثغرات لا تدوم إلا ثانية أو ثانية وبضعة كحد أقصى، الأمر الذي يستلزم وجود انسجام ونضج تكتيكي كبيرين عند اللاعب رقم "9.5" والمستفيدين من تحركاته. وتبقى ثنائية بنزيما المهاجم الوهمي ورونالدو الجناح الهداف التي استمرت لسنوات والتي أسهمت بشكل كبير في نجاحات نادي ريال مدريد الإسباني في السنوات القليلة الماضية من أفضل النماذج عن حالتي الانسجام والنضج التكتيكي الواجب توافرهما بين مجسد فكرة اللاعب رقم "9.5" والمستفيد منها.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.