ربما تتساءل: ما القاسم المشترك الذي قد يجمع منظمة مثل "مراسلون بلا حدود" التي تهتم بالصحافة وحرية التعبير حول العالم، بلعبة شهيرة مثل ماين كرافت، يلعبها ملايين الأطفال والشباب. أعزائي في الحقيقة السؤال وجيه، ولكن بما أن الحكومات تتطور دائماً لمحاربة حرية الرأي والتعبير، كان على المهتمين بتلك الأمور الثانوية في نظر الحكومات، أن يطوروا من طرقهم في سبيل توصيل الحقائق إلى مَن يبحث عنها ومَن لا يبحث عنها. حيث أنشأت المنظمة مكتبة افتراضية داخل اللعبة. وهي المرة الأولى من نوعها بالتأكيد، التي تقدم فيها معلومات وتقارير صحفية عبر لعبة فيديو، تحتوي على الكثير من الموضوعات الممنوعة، مثل المقالات والأخبار والتقارير الخاصة، في بعض البلدان حول العالم وهي: مصر والمكسيك والمملكة العربية السعودية وروسيا وفيتنام، ضمن احتفال "مراسلون بلا حدود" باليوم العالمي ضد الرقابة السيبرانية، تحت عنوان "المكتبة غير الخاضعة للرقابة". كما تضم المكتبة مؤشر حرية الصحافة لمنظمة مراسلون بلا حدود وتقارير حول حرية الصحافة في 180 دولة، وتحتوي على أكثر من 200 كتاب مكتوب ومسموع، منها كتب باللغة العربية، وتسعى المنظمة لإضافة صحفيين جدد، ودول أخرى، ومزيد من المحتوى المحجوب حول العالم.
بينما تقضي وقتاً سعيداً داخل اللعبة مع الأصدقاء مليئاً بالسعادة والحماس، ربما تفكّر في أخذ استراحة هادئة، حينها تكون المكتبة حلاً مناسباً. تجلس بها قليلاً للتخلّص من متاعبك، فتجد متاعب العالم حولك من دول وقارات متعددة، ربما تقع أمام عينيك أسماء وأحداث لم تسمع عنها من قبل، من بعيد يظهر لك بوضوح تمثال عملاق لـ"يد" ممسكة بقلم، تعبرعن رمز مؤسسة مراسلون بلا حدود لحرية الصحافيين. تقترب أكثر، فتجد حديقة كبيرة تحيط بالمكتبة، فالورود والكلمات يتشابهان كثيراً، بطراز كلاسيكي رائع، صممت المكتبة الافتراضية، مثل نوع العمارة الذي تراه في المتحف البريطاني ومكتبة نيويورك العامة، دليل على عراقة الفكرة، وعظمة رسالة الصحافة. حيث استخدمت المنظمة هذا النمط المعماري لاستخدامه من قبل الحكومات لتعزيز مواقفها، وبداخل المكتبة العديد من صالات العرض للدول الخمس، وبها قبة معمارية فريدة بنيت في سقف المكتبة تضم أعلام الدول المختلفة، كما نقش على إحدى الغرف عبارة "لا حرية بدون حرية الصحافة"، للتأكيد على أهمية حرية الصحافة من أجل حرية الشعوب.
يستطيع المستخدم أو اللاعب التجول داخل اللعبة، ودخول تلك الصالات، لتصفح محتوياتها في محاكاة للمتاحف الأثرية العريقة. حيث تحتوي على أعمال الصحفيين المحظورين أو المنفيين أو القتلى، حسب إعلان مراسلون بلا حدود، لجعلها متاحة للعامة، دون عرقلة قوانين الرقابة المحلية، ويمكن الوصول إليها من قبل الجميع بسهولة. كما يمكن الإطلاع عليها باللغة الإنجليزية، واللغات المحلية للدول المختلفة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.