أجبرت جائحة فيروس كورونا حكومات دول العالم على إغلاق المؤسسات التعليمية؛ مما تسبب في حرمان 89% 0(أكثر من 1.5 مليار متعلم) من 188 دولة من الوصول إلى المؤسسات التعليمية لتلقي التعليم الوجاهي (اليونسكو، 2020). ومع ذلك الانتشار تم تكليف المعلمين في التعليم الجامعي وما قبل الجامعي بالانتقال إلى التدريس عن بعد في حالات الطوارئ والتي هي عبارة عن الانتقال من التدريس الوجاهي إلى استخدام التدريس عن بعد من خلال توظيف أنواع متنوعة من التكنولوجيا تبدأ بالإنترنت مروراً بالفضائيات والبث الإذاعي .
من خلال الإعلان الرسمي في تلك الدول أشاروا إلى أهمية الاستمرار في التواصل مع الطلبة في ظل جائحة كورونا سواء كان من ناحية إكمال ما تبقى من العام الدراسي أو من ناحية الدعم والتوجيه في التعامل مع حالة الطوارئ لزيادة التوعية بخصوص طرق انتشار الفيروس وطرق الوقاية للحد من الانتشار.
نعمة أم لعنة على التعلم عن بعد؟!
تركت الخطوة السريعة في التدريس عن بعد في حالات الطوارئ المعلمين يتدافعون لمعرفة كيفية استخدام الأدوات الرقمية والموارد عبر الإنترنت والتطبيقات لمواصلة التواصل مع طلبتهم وتقديم الخدمات التعليمية عن بعد. تهافت المعلمون على تعلم كل ما هو جديد ومحاولة تنفيذه على أرض الواقع سيكون له دور مهم جداً على مستقبل التعلم عن بعد من حيث اهتمام المعلمين بهذا النمط في التدريس في حالات الطوارئ. بالرغم من الاتجاهات السلبية المحدودة لدى بعض المعلمين إلا أنه هناك اتجاهات إيجابية من قبل المعلمين ونجدها أكثر عند الإناث. وعلى أي حال وعلى الجانب الآخر، في جميع مجالات التعليم ما قبل الجامعي والجامعي، لم يكن المعلمون على استعداد كامل للتحول بشكل مفاجئ للتدريس عن بعد في حالات الطوارئ والذي سيولد عند نسبة كبيرة منهم تجربة سيئة ستبقى محفورة في أذهانهم.
قام المعلمون باستحداث العديد من المجموعات المغلقة على مواقع التواصل الاجتماعي والتعاون فيما بينهم وتبادل الملفات التعليمية، مما ينعكس إيجاباً على تطوير مهاراتهم في التعلم عن بعد مستقبلاً ويساعد في اعتماد وقبول التعلم عن بعد مستقبلاً بعد انتهاء أزمة كورونا، وهذا بالطبع سيكون للمؤسسات التعليمية وصانعي القرار في تلك المؤسسات دور مهم جداً في اعتماد التعلم عن بعد كاستراتيجية جديدة في العملية التعليمية التعلمية مستقبلاً.
بالنسبة للطلبة، تعتبر هذه الفترة فترة ذهبية لتجربة التعلم عن بعد واكتساب مهارات جديدة في مجال اللغات، الذكاء الاصطناعي، البرمجة، الروبوت، البرمجة، الكتابة الإبداعية، الرسم وغيرها. ففي هذا الإطار، قامت عدة مؤسسات عالمية وعربية بتشجيع التفكير الإبداعي لدى طلبة المدارس والجامعات من خلال تشجيعهم على ابتكارات تساعد في الحد من انتشار جائحة سواء في مجالات التعليم، الصحة، الاقتصاد وغيرها.
غالباً ما تعاني وحدات التعلم عن بعد أو مراكز التعلم الإلكتروني من نقص في الموارد البشرية والتعليمية في أفضل الأوقات، وكذلك تعاني من نقص في استثمار المؤسسة اللازم في تحقيق جودة التعليم عن بعد. فالتحول المفاجئ إلى التدريس عن بعد تحت حالات الطوارئ، يضاعف من التحديات ويجعله أسوأ وليس أفضل.
التصميم التعليمي له دور مهم جداً في مقررات التعلم عن بعد أو التعلم الإلكتروني ولكن لضيق الوقت ولضعف الإمكانيات بالإضافة إلى عدم الاستقرار النفسي بسبب تفشي الفيروس يعيق من الوصول إلى جودة عالية في المقررات مما، ينعكس سلباً على أداء المعلمين أثناء التدريس عن بعد ويسبب لهم إحراجاً أمام الطلاب سواء من حيث تقديم المحتوى التعليمي أو استخدام التكنولوجيا في دروسهم .
ما أود أن أقوله أنه لا أحد يعتقد أن طريقة التدريس عن بعد في حالات الطوارئ ستؤدي إلى تطوير تعليم عن بعد عالي الجودة نتيجة للتحول المفاجئ وغير المخطط له مما يؤدي إلى اكتساب بعض المفاهيم الخاطئة حول التعلم عن بعد بشكل عام من قبل الطلاب والمعلمين، والتي يصعب لاحقاً تغييرها سواء من خلال النشرات أو الدورات التدريبية. تحقيق المساواة الرقمية، التعليم وسهولة الوصول الى المحتوى الرقمي، بالإضافة إلى المحافظة على خصوصية الطلاب، له دور مهم مستقبلاً في التحول الرقمي طويل الأمد.
ومن أجل أن تكون تجربتنا نعمة على التعلم عن بعد مستقبلاً وتساهم في اعتماد التعلم الإلكتروني في مؤسسات التعليم العالي، ولنسجل إنجازاً أو انتصاراً في التعليم في عصر كورونا لا بد من:
– تقديم الإرشاد والدعم المستمر لأعضاء الهيئة التدريسية والمعلمين باستمرار من خلال الورشات العملية القصيرة وتصميم الأدلة لكي تكون بين أيدي المدرسين.
– إن السؤال المهم والحيوي للطالب وولي الأمر هو نظام التقييم للتعلم عن بعد في (التدريس في حالات الطوارئ أو ما بعده) لا بد أن يكون واضحاً لدى الجميع وتوفير نظام للتقييم مناسب للتعلم عن بعد.
– مساعدة أعضاء هيئة التدريس على دعم الطلاب في هذه الظروف والتعاطف معهم من خلال التركيز على مشاركة ما يقلق الطلاب وأهاليهم وأعضاء الهيئة التدريسية.
للقيادة التربوية في المؤسسة التعليمية لها دور حيوي في بيئة التدريس عن بعد في حالات الطوارئ وبعدها، ويتمثل ذلك في:
– متابعة الضغط المهني والشخصي لأعضاء الهيئة التدريسية والمعلمين والعمل على تشجيعهم وتلبية الاحتياجات الضرورية لهم.
– جعل التوقعات واقعية ومنطقية.
– توفير وتقديم إرشادات حول التدريس عن بعد بما في ذلك أدوات، توضيح آلية التواصل، التأكيد على الخصوصية والمساواة الرقمية في التعليم للجميع.
– العمل على تعديل سياسة المؤسسة التعليمية بعد انتهاء الأزمة من أجل دعم التعلم عن بعد.
– لا داعي لتقييم فعاليات في التدريس عن بعد "تختلف عن تقييم الطلاب" في حالات الطوارئ أكثر من مجرد عبث فستكون عملية التقييم فالتركيز حالياً يجب أن يكون على حل المشكلات التي تواجه الطالب والمدرسة وتقديم العون لهم.
الخلاصة
إن التدريس عن بعد في حالات الطوارئ جاء ضرورة ملحة في وقت إغلاق الجامعات، فهناك من أخفق في التعامل مع الأدوات التكنولوجية أو التعامل مع الطلبة وهناك من اخترق خصوصيات الطالب والمؤسسة الأكاديمية. وأيضاً المئات من قصص النجاح في التواصل مع الطلبة وتقديم الخدمات التعليمية عن بعد في حالات الطوارئ. المرحلة الحالية مليئة بالتجارب الناجحة والفاشلة، لا بد من رصد الدروس المستفادة واستخلاص العبر للتخطيط لمستقبل أفضل.
المراجع
– UNESCO (2020). Education in Coronavirus Crisis. Retrieved from: https://en.unesco.org/covid19/educationresponse
– Khan, B., H., Affouneh, S., Salha, S., & Khlaif, Z. (2020). The role of e-Learning in emergencies remote education in Coronavirus crisis. Med Sci, (Unpublished)
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.