أخيراً فهمها العالم: افحص أكثر، شخِّص أبكر، اعزل أفضل، وأنقذ اقتصادك

عدد القراءات
3,400
عربي بوست
تم النشر: 2020/04/13 الساعة 17:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/13 الساعة 17:29 بتوقيت غرينتش
فيروس كورونا

أخيراً فهم العالم المتقدم أن الطريقة المثلى لمجابهة الوباء هي الفحص المبكر والسريع لأكبر عدد من المواطنين المحتمل إصابتهم والتحديد الدقيق للمشتبه فيهم وعزلهم فوراً لأنه من المستحيل اكتشاف لقاح أو دواء في فترة وجيزة. وهذا يعني أنه إذا فحصت أكثر فعدد الحالات المصابة سيكون بالتأكيد أكبر بكثير ولكنه سيمكنك بكفاءة من حصر الفيروس والقضاء عليه بسرعة. 

وكلما كنت جاهزاً لذلك وفي فترة وجيزة بعد ظهور المرض كان نجاحك مضموناً حتى بلا شلل لاقتصادك. وقد أعطت كوريا الجنوبية المثال لذلك فكان معدل الفحص في بداية الوباء ٥٢٠٠ في المليون فلم تحتج لشل اقتصادها بالحظر وانتصرت تماماً على الفيروس وانخفضت الوفيات فيها إلى ١,٢٪؜ من الحالات المصابة. ولم يدرك العالم الغربي ذلك إلا متأخراً ولكنه فهم الدرس بالطريقة الصعبة وغير خططه سريعاً وأصبح يسعى محموماً لزيادة الفحص مع تطبيق الحظر للحد من انتشار الوباء. 

تتصدر ألمانيا المشهد حيث تجري حوالي ١٥ ألف فحص في المليون نسمة تليها أستراليا ١٣ ألفاً في حين أن معظم العالم الغربي بين ٧-٩ آلاف تحليل للمليون نسمة. ولقد قامت الولايات المتحدة بإجراء ٢,٦ مليون فحص حتى الآن وبمعدل ٧٢٠٠ تحليل لكل مليون نسمة وكندا ٩٨٠٠ تحليل في المليون لذا لا عجب من العدد المهول للحالات التي تم تشخيصها هناك وفي فترة وجيزة. وقد أجرت مصر حوالي ٢٥ ألف تحليل لكامل الدولة أي بمعدل ٢٤٤ تحليل لكل مليون نسمة كما هو موضح في الخريطة الملحقة. لقد غدت نصيحة الخبراء حول العالم ومنذ أسابيع افحص أكثر وحدد بدقة المشتبه فيهم وانشر الوعي السليم عن خطورة الوباء تصل سريعاً إلى بر الأمان، خاصة إن كانت نسبة الوفيات عندك كبيرة لأن المقام في هذه النسبة يعكس عدد المفحوصين المشخصين.

لو فحصت وشخصت ١٠٠ شخص وكانت وفياتك فيهم ٨ أشخاص فإن نسبة وفياتك ٨٪؜ أعلى بكثير إن فحصت وشخصت ٢٠٠ شخص وظلت وفياتك ٨ أشخاص فمعدلك حينها سيصبح ٤٪؜. لذا إذا نظرنا للولايات المتحدة فإن نسبة الوفيات فيها ٣,٨٪؜ وفي ألمانيا أكثر الدول فحصاً ٢,٣%. لكن الكثير من الدول توهمت انخفاض عدد الحالات عندها لقلة الفحص أو لعدم الدقة في تحديد المشتبه فيهم أو ظنت أنها بأمان وتعلقت في قشة أو قشتين لم يثبت بدقة صحتهما علمياً، ونامت تحلم بمعجزات الأدوية الحالية والمستقبلية. لذا فإن الخبراء في إدارة الأزمات في الدول الغربية تحولوا سريعاً بعد فهمهم إلى العناية بعدد المفحوصين ودقة اختيارهم وهو ما لم توص به منظمة الصحة العالمية، ربما لتخيلها أن دول العالم الفقيرة لن تستطيع ذلك لما تشكله التكلفة الكبيرة في الفحص. ولكن القصور في الرؤى يؤدي إلى التوفير على المدى القصير ولكن التكلفة تكون أكثر ضخامة على المدى الطويل لاستمرار انتشار المرض من خلال الأشخاص المصابين وغير المشخصين.

 لذا لا عجب من ثورة بعض الدول المتقدمة على بعض نصائح المنظمة. والحقيقة أني أتعجب حين يذكر أحد أن نسبة الحالات الإيجابية للمفحوصة ضئيل لأن ذلك ليس معناه بالضرورة قلة الإصابه بقدر ما هو سوء اختيار المشتبه فيهم وتقوم الدول الآن بتوزيع تطبيقات تساعدها في حصر المشتبه فيهم بدقة كما فعلت كوريا في بداية الأزمة. وأسعدني منذ 3 أيام أن مصر دشنت تطبيقاً على التليفون اسمه "صحة مصر" متصل بالرقم القومي ليس فقط للتوعية ولكن لتتبع الحالات والأعراض والمساعدة وهو استخدام أمثل للتكنولوجيا الرقمية ولكن يبقى التوسع الكبير في الفحص والتوقف عن عبارات الإشادة ونلحق بالعالم في فهمه وإدراكه حتى نعبر بسلام إلى شط الأمان.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أسامة حمدي
أستاذ بجامعة هارفارد
أستاذ بجامعة هارفارد
تحميل المزيد