مايكل أوين.. سنوات التيه بين أنفيلد وأولد ترافورد

عدد القراءات
4,107
عربي بوست
تم النشر: 2020/04/08 الساعة 13:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/08 الساعة 13:16 بتوقيت غرينتش
مايكل أوين.. سنوات التيه بين أنفيلد وأولد ترافورد

في صيف عام ٢٠٠٤ ركب مايكل أوين السيارة متجهاً إلى مطار ليفربول، حيث تنتظره الطائرة المتوجهة إلى العاصمة الإسبانية مدريد.. بكى الإنجليزي الشاب طوال الطريق إلى المطار، فذاك الطريق يعني نهاية رحلته مع فريق طفولته ليفربول وبداية حكاية أخرى في مدينة أخرى بعيدة عن الوطن. 

ذهب أوين إلى مدريد وهو أحد أفضل المهاجمين في العالم وجوهرة أخرى تضاف إلى "غلاكتيكوس مدريدي" يسعى للسيطرة على العالم. 

بعد ٥ سنوات من هذه الرحلة كان مايكل أوين في طريق العودة إلى الوطن، ولكن إلى مدينة إنجليزية أخرى، تعشق كرة القدم، وقريبة جداً من مدينته الأم ليفربول، لكنها تختلف عنها في كل شيء. هذه المرة كان الطريق أسهل على أوين الذى كبر فى العمر وأراد اللحاق بعجلة الزمن التي لم ترحمه من خلال اللعب لأحد الأندية الكبيرة في أوروبا بعد سنوات من التيه في الشمال الإنجليزي البارد.. هذه المدينة كانت مانشستر وهذا النادي كان مانشستر يونايتد.. العدو اللدود لليفربول. 

فتى الكرة الذهبية

بالعودة إلى البداية التي لم تكن طبيعية بأي درجة ولون، ذاع صيت مايكل الصغير منذ نعومة أظافره، بإحرازه الغزير للأهداف على مستوى الناشئين، وبكسر جل الأرقام القياسية للمراحل السنية والذي عجّل من وصوله في سن الـ ١٦ إلى الفريق الأول في ليفربول. 

فخر ليفربول

الانتقال من مرحلة الناشئين إلى اللعب مع الرجال لم تكن صعبة على مايكل الذي شارك مع ليفربول لأول مرة ضد ويمبلدون في المباراة التي خسرها ليفربول بهدفين لهدف وحيد أحرزه أوين. 

هدف أوين والذي أعلن به عن نفسه مهاجماً مستقبلياً لليفربول كان الخبر السار الوحيد لجماهير الفريق بعد المباراة، حيث فتحت هذه الخسارة الطريق أمام مانشستر يونايتد للتتويج باللقب. 

العام التالي شهد فشلاً آخر من ليفربول في التتويج ببطولة الدوري، لكنه شهد سطوع نجم أوين في سماء إنجلترا بعد تتويجه بلقب الحذاء الذهبي في نهاية الموسم وجائزة أفضل لاعب صاعد في الدوري. هذا السطوع سيستمر مع أوين رغم إصاباته المتكررة حتى رحيله إلى ريال مدريد. 

رغم فشل ليفربول في التتويج ببطولة الدوري فإن أوين عاش أياماً زاهية مع الفريق، ولعب دوراً كبيراً في تتويجه بالخماسية التاريخية عام ٢٠٠١ ما منحه جائزة الكرة الذهبية وهو لم يكمل عامه الـ ٢١. 

حالة من الحب والعشق المتبادل نشأت بين أوين وجماهير ليفربول وكان فيها مهاجمهم الصغير سلوتهم الوحيدة عن غياب بطولة الدوري عن خزينة النادي وأعطى مع ستيفان جيرارد وغيره من اللاعبين الأمل للجماهير في أن القادم أفضل، إلى أن جاء الاتصال من مدريد.

الطريق نحو مدريد 

"لم أصدق ما سمعته عن رغبة ريال مدريد في التوقيع معي.. كنت أريد البقاء دائماً مع ليفربول لكن حين جاء ريال مدريد بالتاريخ الكبير والملعب التاريخي وكل هؤلاء النجوم.. قررت الذهاب". 

  • مايكل أوين 

وضع أوين نصب عينيه تجربة مهاجم ليفربول التاريخي أيان راش الذي رحل إلى يوفنتوس موسماً واحداً ثم عاد مرة أخرى إلى الريدز.. أراد أوين تجربة اللعب في مدريد، في دوري آخر، مع لاعبين آخرين مع الحفاظ على رغبته بالعودة يوماً ما إلى فريق الطفولة. 

وافق أوين على العرض حتى لا يعيش طوال حياته يتساءل عما كان سيحدث لو قبل العرض.. فقرر الذهاب إلى مدريد ومنافسة أفضل مهاجمي ذلك الجيل رونالدو وكابتن الفريق راؤول على مكان أساسي فى تشكيل الميرينغي. 

معاناة في مدريد

الحياة في مدريد اختلفت تماماً عن الحياة في ليفربول التي كان فيها النجم الأول لجماهير المدينة، لكن في مدريد النجوم تتزاحم من أجل نيل إعجاب الجمهور. ذهب أوين إلى مدريد بعد أن قضى ٧ مواسم مرتدياً قميصه الأحمر عابثاً بدفاعات الخصوم، لكن في مدريد تبدل اللون الأحمر بالأبيض وتبدلت مناطق جزاء الخصوم بدكة بدلاء ذهبية. 

فشل أوين في حجز مكانه في تشكيلة المدرب ديل بوسكي الأساسية وذاق مرارة مقاعد البدلاء لأول مرة. أدرك أوين مع مرور الوقت أن أيامه في مدريد أصبحت معدودة وأن العودة للديار أصبحت مسألة وقت، خاصة مع الحياة الأسرية الصعبة لزوجته وطفله في فنادق العاصمة. 

كما كان متوقعاً ظهر بطل أوروبا ليفربول كأول الراغبين في استعادة أوين وقدموا عرضاً بثمانية ملايين يورو، لكن عرضاً آخر ظهر في الأفق بضعف هذا الرقم من نيوكاسل الذي أراد تعويض الرحيل المرتقب لمهاجمه الأسطوري ألان شيرار. 

أراد أوين العودة لليفربول لكن ريال مدريد، الذي اعتمد بشكل أساسي على أموال صفقة أوين من أجل ضم مدافع إشبيلية الشاب سيرجيو راموس، خيروا أوين بين قبول عرض نيوكاسل أو البقاء على دكة بدلاء الفريق، وهو ما رفضه أوين لرغبته في لعب كأس العالم في ألمانيا مع المنتخب الإنجليزي. 

عودة اضطرارية 

في النهاية اضطر أوين لقبول عرض نيوكاسل لكنه وضع في عقده شرطاً يسمح له بالعودة إلى ليفربول في الصيف القادم. واستعد أوين لرحلته إلى شمال شرق إنجلترا، حيث تعتبر جماهير نيوكاسل اللعب لفريقها هو أقصى ما يحلم به لاعب كرة القدم. 

كان على أوين أن يجرب اللعب لفريق لا ينافس على البطولات ويعتبر مشجعوه الهروب من الهبوط إنجازاً يستحق الاحتفال بعد أن اعتاد قيادة خط هجوم أفضل فرق العالم وحمل آمال الجماهير بالتتويج بأقوى البطولات. 

أراد أوين قضاء سنة واحدة مع نيوكاسل يلعب فيها مع أسطورة الفريق ألان شيرار ويضمن مكاناً أساسياً في تشكيلة الأسود الثلاثة في كأس العالم ثم يعود إلى ليفربول وقد ترك أثراً جميلاً مع جماهير نيوكاسل. لكن هذا العام سيتحول إلى ٤ أعوام تنمو فيها العداوة بينه وبين ألان شيرار، وسيتعرض إلى أحد أقوى الإصابات في مسيرته خلال كأس العالم، ثم تلاحقه الإصابات بعد ذلك، فتهتف ضده الجماهير بأنه مضيعة للمال.. أما عن قميص ليفربول فإن أوين لن يرتديه مرة أخرى في حياته. 

الحياة في نيوكاسل لم تكن سهلة على أوين الذى لم يعتد في حياته اللعب في الأندية ذات الطموح المتوسط ووجد نفسه بعد أقل من عام من اللعب رفقة أفضل لاعبي العالم يتشارك التدريبات والمباريات والطموح مع لاعبين أقل منه في المستوى وهو ما زال في ريعان شبابه وفي قمة مستواه. 

أدرك الإنجليزي الشاب أن عليه بذل أقصى ما يستطيع من أجل الحفاظ على مستواه ومساعدة الفريق للوصول إلى نتائج أفضل وليثبت للجميع قيمته وأنه ما زال مهاجم إنجلترا الأول. 

لكن منذ بدايته مع نيوكاسل طاردته لعنة الإصابات.. الأولى أبعدته عن بداية الموسم لكنه عاد ليشارك شيرار هجوم الفريق ويقودهم إلى الفوز على بلاكبيرن وهو الفوز الأول لنيوكاسل في الموسم بعد أن جمعوا نقطتين فقط من أول خمس مباريات.. وبدأت عجلة الأهداف تدور مع أوين ومعها تحسنت نتائج نيوكاسل لكن الفريق خسر خدمات أوين مع انتصاف الموسم بعد إصابته أمام توتنهام ليغيب عن الفريق حتى نهاية الموسم. 

رغم غيابه الطويل انضم أوين إلى قائمة المنتخب الإنجليزي المسافرة إلى مونديال ألمانيا، لكن إصابته في أول دقائق المباراة ضد السويد بقطع في الرباط الصليبي أبقته بعيداً عن الملعب لمدة قاربت العام، ليعود إلى نيوكاسل قبل شهرين من نهاية موسمه الثاني مع الفريق لكن هذه العودة إلى الملعب انتهت سريعاً بعد إصابة أوين مرة أخرى بعد احتكاك مع زميله في الفريق ماتي باتيسون ليغيب حتى نهاية الموسم. 

إصابة المونديال

رغم الغيابات المتكررة تلقى أوين العديد من العروض لمغادرة نيوكاسل لكنه قرر البقاء مع الفريق لموسم آخر وصل فيه أسطورة إنجلترا كيفن كيغان لقيادة الفريق ورغم الإصابات التي لحقت بأوين طوال الموسم فإنها لم تبعده فترة كبيرة عن الملاعب مثل ما حدث في أول موسمين. 

أنهى أوين موسمه الثالث مع الفريق محرزاً ١١ هدفاً وينهي الموسم بطريقة مميزة لينجح في إبعاد نيوكاسل عن دوائر الهبوط وتوقع الجميع أن يقدم أوين أفضل مستوياته في الموسم الأخير في عقده.. لكن هذا الموسم سيكون كارثة على اللاعب والنادي. 

في الوقت الذي بعدت فيه الإصابات عن أوين وبدأ نيوكاسل يفكر في تجديد عقد اللاعب.. طاردته لعنة أخرى وهي لعنة الهزائم وفشل أوين في تحسين أوضاع فريقه الذي قضى معظم الموسم في مناطق الهبوط، ما دعا إدارة الفريق لاستدعاء نجمهم المعتزل حديثاً ألان شيرار لقيادة الفريق في آخر 8 مباريات من الموسم. 

رغم الآمال المعلقة على شيرار لقيادة الفريق نحو الحفاظ على موقعه في دوري الدرجة الأولى إلا أن نيوكاسل تلقى الهزيمة تلو الأخرى ولم يحقق الفريق تحت قيادة شيرار إلا ٥ نقاط من فوز وتعادلين وأربع هزائم.. وبقى له مباراة واحدة خارج ملعبه أمام أستون فيلا ليتفادى الهبوط الذي تنافس عليه مع ثلاثة فرق أخرى من الشمال هال سيتي وميدلزبره إضافة إلى الغريم التقليدي سندرلاند. 

أراد شيرار الاستعانة بأكثر لاعبيه خبرة مايكل أوين فى المباراة.. لكن أوين كان قد تعرض لإصابة على مستوى العضلات جعلته غير جاهز بنسبة مئة بالمئة ليشارك في المباراة أو على الأقل من وجهة نظر أوين التي أخبر بها شيرار وطلب منه الاستعانة به في الشوط الثاني حسب سير المباراة. 

رغم عدم اقتناع طبيب الفريق بوجهة نظر أوين وأنه قادر على المشاركة في المباراة كاملة فإن شيرار قرر الاستماع لكلام أوين وتركه بجواره على مقاعد البدلاء وأشركه في الشوط الثاني لكن نيوكاسل خسر المباراة ليرافق ميدلزبره وويست بروميتش إلى الدرجة الثانية. 

أصبح شيرار هو المدرب الذي هبط بنيوكاسل إلى الدرجة الثانية وألقي جزءاً من اللوم على أوين لأنه لم يبذل كل شيء ممكن ولم يتحامل على إصابته من أجل الفريق. أما أوين فرأى أنه فعل كل ما يستطيع من أجل إنقاذ نيوكاسل.. منذ ذلك اليوم توترت العلاقة بين النجمين وانتهت الصداقة بينهما بصورة سيئة تلائم الرحيل المر لأوين عن نيوكاسل. 

خائن أم بطل؟

لم يكن يعلم أوين مصيره بعد أن انتقل من قمة كرة القدم إلى هبوط من الدوري الإنجليزي في أقل من ٥ سنوات. وهو الآن الخائن الأعظم من وجهة نظر جماهير نيوكاسل وملكهم الجريح. لكن كل ذلك تغير مع وصول مكالمة من مانشستر.. السير أليكس فيرغسون يريد التوقيع معك. 

دار كل شيء في رأس أوين بعد تلقيه عرض مانشستر يونايتد وفكر في رد فعل جمهور ليفربول لكن أوين كان قد سأم اللعب مع أنصاف الطامحين وأراد العودة مرة أخرى إلى القمة حتى ولو كان من باب سيسلبه حب جماهير ليفربول مع أول طرقة عليه. لكن أوين كان يسعى وراء إحساس اللعب لفريق كبير مرة أخرى ما جعل عرض مانشستر يونايتد طوق نجاة له ولمسيرته. 

مايكل أوين بالقميص الأحمر

بالفعل، انضم أوين إلى مانشستر يونايتد.. لعب هناك ثلاثة مواسم وقادهم إلى التتويج بكأس الرابطة ورفع معهم لقب البريميرليغ الوحيد في تاريخه ووصل معهم إلى نهائي دوري أبطال أوروبا وذاق مرة أخرى معنى اللعب مع نجوم يعتبرون كل البطولات التي يشاركون فيها من حقهم ويبذلون المستحيل من أجل التتويج بها. 

ذاق أوين مرة أخرى حلاوة الإحساس الذي ضاع منه في رحلته مع كرة القدم وصراعه ضد عضلات قدميه التي لم تسانده في أحلامه بالبقاء على القمة كما بدأ. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد سلطان
صحفي رياضي
صحفي رياضي
تحميل المزيد