وسط استمرار انتشار وباء كورونا في العالم كله، بات الكثيرون يفقدون أحبابهم وأقاربهم بسبب هذا الفيروس اللعين.
ولقد وصلتني الكثير من الأسئلة عن كيفية تغسيل الموتى في عصر الوباء الذي نعيشه الآن، ولطالما كان ديننا سمحاً صالحاً لكل زمان ومكان، لذلك رأيت أهمية الكتابة في هذا الموضوع وتوضيح ما وضعته الشريعة الإسلامية في هذا الأمر.
إن جمهور الفقهاء اتفقوا على أن غسل الميت فرض كفاية[1]، هذا عند تعذر الموانع.
كما اتفق الجمهور على أنه إذا تعذر غسل الميت كما بينت الشريعة، وذلك لوجود مانع كحرق أو ما يضر بالغاسل أو المغسول، فإنه الغسل بمعناه الحقيقي يسقط، ويكون الغسل بمجرد صبّ الماء، وإلا كان التيمم بديلاً.
قال النووي: إذا تعذر غسل الميت لفقد الماء أو احترق بحيث لو غسل لتهرى لم يغسل بل ييمم، وهذا التيمم واجب لأنه تطهير لا يتعلق بإزالة نجاسة، فوجب الانتقال فيه عند العجز عن الماء إلى التيمم، كغسل الجنابة ولو كان ملدوغاً بحيث لو غسل لتهرى أو خيف على الغاسل يمم لما ذكرناه[2].
وقيل في كتاب (الشرح الكبير على متن المقنع): من تعذر غسله يمم من تعذر غسله لعدم الماء وللخوف عليه من التقطع بالغسل كالمجدور والغريق والمحترق يمم إذا أمكن كالحي العادم للماء أو الذي يؤذيه الماء، وإن أمكن غسل بعضه غسل ويمم للباقي كالحي، ويحتمل ألا يمم ويصلى عليه على حسب حاله[3].
وعليه فإن الميت في الأوبئة ومنها (فيروس كورونا) يتم التعامل معه على هذا النحو:
1-تغسيله كغيره ما لم يكن هناك ضرر في تغسيله لا على الغاسل أو المغسل.
2- الاكتفاء بصب الماء دون دلك، إن كان في الدلك إلحاق ضرر بالغاسل أو المغسل[4].
3- التيمم إذا تعذر صب الماء كما لو أشار المتخصصون باحتمالية انتشار العدوى بصب الماء.
4- يرى بعض العلماء ترك التيمم عند تعذر الغسل -رواية عند الحنابلة- لأن القصد من غسل الميت التنظيف وهذا غير حاصل بالتيمم، ومن ثم فإن سقط الغسل سقط التيمم.
5- إذا أمكن تغسيله بأخذ الاحتياطات اللازمة دون حدوث أدنى ضرر غُسّل.
6- إذا أمرت الجهات المختصة (أطباء ومسؤولون) بأن في الاقتراب منه غسلاً أو تيمماً خطورة وجب دفنه بدون غسل أو تيمم.
7- لا يترك أمر شرعي إلا إذا أكد المتخصصون والمسؤولون وجود ضرر حقيقي من هذا الفعل، وعليه فإنه ينتقل من الأعلى (الغسل) إلى الأدنى (الصب) ثم ما بعده (التيمم) وأخيراً الدفن دون هذا أو ذاك عند العجز.
المراجع:
[1] المجموع للنووي (5/ 128)، و المحلى لابن حزم (5/ 113).
[2] المجموع شرح المهذب (5/ 178).
[3] الشرح الكبير على متن المقنع (2/ 337).
[4] وهناك قول بالغسل أيضاً حتى وإن كان في ذلك ضرر بالميت كإسراع البلى، قال النووي: وذكر إمام الحرمين والغزالي وآخرون من الخراسانيين أنه لو كان به قروح وخيف من غسله إسراع البلى إليه بعد الدفن وجب غسله لأن الجميع صائرون إلى البلى. المجموع شرح المهذب (5/ 178).
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.