“فلنُجرِ التجارب على سكان إفريقيا بدلاً من فئران المعامل”.. العنصرية الأوروبية في زمن كورونا!

عدد القراءات
2,750
تم النشر: 2020/04/06 الساعة 12:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/06 الساعة 12:18 بتوقيت غرينتش
من اليمين: سيدة إفريقية وابنها ثم الطبيب الفرنسي الذي اعتبر الأفارقة حقل تجارب

في ظل أزمة كورونا التي يواجهها العالم في هذه الأيام العصيبة والمؤلمة التي تمر بها الإنسانية، طفا إلى السطح مجدداً الخطاب الاستعماري الغربي، الذي لا يرى في الآخر سوى عبد وخادم للرجل الأبيض، ففي هذه الأيام خرج أحد الأطباء الفرنسيين في إحدى القنوات الإخبارية، بتصريح مليء بالعنصرية والاحتقار والدونية للأفارقة، وقد قال بالحرف الواحد "إن كنت أستطيع أن أكون مستفزاً شيئاً ما، ألا ينبغي لنا أن نقوم بهذه الدراسة في إفريقيا حيث لا توجد أقنعة، ولا علاج، ولا عناية مركزة؟ كما فعلنا في بعض الدراسات حول الإيدز. لقد جربنا أشياء على البغايا لأنهن معرضات للغاية ولا يحمين أنفسهن".

"Faut-il faire cette étude en Afrique, où il n'y a pas de masques, pas de traitements, pas de réanimation"

ما قاله هذا الطبيب ينمُّ عن النظرة الفوقية التي ما زال بعض الغربيين يرون بها الشعوب الأخرى وخاصة شعوب إفريقيا، كما أن النظرة الاستشراقية الفوقية التي كانت في القرن 19 و20، والتي تعتبر الشعوب الأوروبية هم شعب الله المختار وأن الشعوب الأخرى مجرد أدوات (عبيد) لخدمة أسيادهم في مركز الحضارات والعالم "أوروبا"، هذه النظرة الهيغلية التي عادت إلى الواجهة لدى بعض الأشخاص في المجتمعات الغربية. ولحسن الحظ التاريخ لا ينسى فالاستعمار الأوروبي كان السبب المباشر في التأخر والتراجع الحضاري الذي تعيشه هذه المناطق، فالإمبريالية الغربية دمرت البلاد والعباد وأحرقت الأخضر واليابس من الإرث الحضاري والثقافي، مما أدى إلى التخلف والفقر الذي تعيشه مناطق العالم الثالث.

لقد عاشت هذه الدول ما يكفي من المأسي (الحروب والأوبئة والمجاعات..)، لذلك على هؤلاء دعاة العنصرية، أن يعيدوا النظر في إنسانيتهم، الآن العالم في حاجة أكثر من أي وقت لقيم الرحمة والتعاون والتضامن والمحبة، ولا حاجة لشعوب العالم بكل ألوانهم وأطيافهم للعنصرية الرخوة التي تزيد من تعقيد الأمور وتأجيج موجة الكراهية بين الشعوب، كما أنها تثير مشاعر البغض والحقد على هؤلاء الذين عليهم إعادة النظر في إنسانيتهم.

وهكذا، الإنسانية في حاجة إلى نبذ العنصرية والاحتقار والعودة إلى الفضيلة من حب ورحمة وتضامن، وعلى العالم العودة إلى إنسانيته التي لا فرق فيها بين إفريقي وأوروبي وأمريكي وآسيوي إلا بما يقدمه للبشرية، كما أن الجميع في هذا الكوكب له دور في الخروج من هذه الكارثة الإنسانية (فيروس كورونا)، وأرجو أن يتخلص دعاة العنصرية من هذا الفيروس الأخطر من فيروس كورونا، ولا ننسى أن نذكر هؤلاء أن "إفريقيا للأفارقة" كما قال القائد الأمازيغي ماسينيسا، كما أنها لم تعد تلك الحديقة الخلفية للإمبريالية الغربية.

وفي الأخير كل التضامن مع الشعوب المنكوبة من هذا الوباء الخبيث في كل أقطار العالم بجميع ألوانهم وأعراقهم وأديانهم. ونختم بما قاله المناضل العظيم غاندي "يجب أن لا تفقدوا الأمل في الإنسانية، إن الإنسانية محيط، وإذا كانت بضع قطرات من المحيط قذرة فلا يصبح المحيط بأكمله قذراً".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حسنيوي عبدالرحمن
باحث مغربي في التاريخ السياسي
حسنيوي عبدالرحمن هو باحث ومدوّن من المغرب، حاصل على الإجازة في التاريخ والحضارة من جامعة المولى إسماعيل بمكناس، والآن باحث بسلك الماستر بمعهد الدوحة للدراسات العليا، وتنصبُّ اهتماماته البحثية على التاريخ السياسي الراهن في المغرب.
تحميل المزيد