يحبه المدرب وأسلوبه مناسب.. لماذا يجب أن لا نتفاجأ بانضمام الجزائري ماندي لبرشلونة؟

عدد القراءات
3,554
عربي بوست
تم النشر: 2020/04/03 الساعة 10:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/08 الساعة 10:19 بتوقيت غرينتش
يحبه المدرب وأسلوبه مناسب.. لماذا يجب أن لا نتفاجأ بانضمام الجزائري ماندي لبرشلونة؟

تفاجأ الكثير من المتتبعين الرياضيين، وخاصة العرب منهم، لتداول اسم المدافع الجزائري عيسى ماندي، من طرف الصحافة الإسبانية، في الفترة الأخيرة، ضمن قائمة اللاعبين المرشحين لتدعيم نادي برشلونة الإسباني لكرة القدم، بداية من الموسم القادم.

وقصد التقليل من مفعول هذه المفاجأة، أردت التعريف بهذا اللاعب المميز  واستعراض بعض الأسباب والعوامل التي قد تسمح له بالتواجد ضمن تشكيلة "البرسا"، المُدجّجة بالنجوم العالميين.

البداية في فرنسا والتألق في إسبانيا 

ولد عيسى ماندي يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 1991 بمدينة "شالون أون شامبان" الفرنسية من أبوين جزائريين تعود جذورهما لمدينة الشلف بالوسط الغربي الجزائري.

وبدأ عيسى ممارسة رياضة كرة القدم في سن الثامنة من عمره ضمن مدرسة نادي ريمس الفرنسي، حيث تكوّن إلى غاية انضمامه للفريق الرديف لنفس النادي في أبريل/نيسان 2009، وأصبح قائداً له في مطلع عام 2010، قبل أن يصعد إلى الفريق الأول في صيف نفس السنة ويبقى معه الى غاية مايو/أيار 2016، حيث شارك في 172 مباراة رسمية، سجل خلالها 14 هدفاً.

وبعد سقوط نادي ريمس إلى دوري الدرجة الثانية الفرنسي عند نهاية موسم 2015- 2016، رأى ماندي أنّ الوقت قد حان لمغادرة فريق نشأته والارتقاء بمساره الاحترافي نحو دوري أقوى وأفضل، فانضم لنادي ريال بيتيس الإسباني في صفقة بلغت قيمتها 4 ملايين يورو.

وكانت بداية ماندي مع ريال بيتيس متواضعة بحيث اكتفى في موسمه الأول ( 2016- 2017) بالمشاركة في 28 مباراة رسمية تحت إشراف المدربين الأوروغوياني غوستافو بويت ثم الإسباني فيكتور سانشيز. لكن النجم الجزائري انفجر عند قدوم  المدرب الإسباني كيكي سيتين، في صيف 2017، الذي اعتمد عليه في 35 مباراة رسمية في موسم 2017 -2018 وفي 48 مباراة بكل المسابقات المحلية والأوروبية في موسم 2018 – 2019.

علاقة مميزة بين المدرب والنجم الجزائري  

وقد امتدت ثقة المدرب سيتين بلاعبه الجزائري ماندي إلى درجة منحه شارة قيادة الفريق، كما بلغ الإعجاب باحترافيته إلى حد وصفه بأنه اللاعب الأكثر تطوراً الذي شاهده طيلة 40 عاماً في مشواره المهني كلاعب وكمدرب، فخلال لقاء بيداغوجي مع أطفال مدرسة نادي ريال بيتيس، في عام 2019، قال سيتين، بحسب ما نقلته الصحافة الإسبانية، في ذلك الوقت: "ماندي هو مثال للاحترافية فهو جد صارم مع نفسه، ويطلب إعادة مشاهدة مقاطع الفيديو لتصحيح أخطائه، كما أنّ نسبة انتقاده الذاتي جد مرتفعة". 

عيسى ماندي مع كيكي سيتين

وأضاف: "وقدرته على التعلم وتلقي المعلومات كبيرة جداً، كما أنّ درجة تطور مستواه منذ سنتين جد هائلة حتى أصبح الآن لاعباً كبيراً.. صحيح أنه لا يزال بحاجة لتحسين بعض الأمور لكنه يتطور كل يوم".

وتابع سيتين ممتدحاً عيسى ماندي: "عندما ينتهى من  خوض أي مباراة لا يخلع قميصه، ويجلس على الأرض ويمسك بملعقته ويأكل الأرز، يفعل ذلك لاستعادة الطاقة التي فقدها أثناء المباراة على الفور. فيأكل كل شيء عليه تناوله بكل جدية وحزم سواء كان فاكهة أو أرزاً أو سمكاً أو لحماً.. وينفذ كل ما يقدم له من نصائح بالحرف الواحد".

وختم  المدرب الحالي لبرشلونة، متحدثاً عن ماندي: "التطور الذي بدا عليه منذ أن بدأنا اللعب في هذا الموسم (يقصد موسم 2018-2019) إلى غاية الآن يعتبر أفضل عملية تطور شاهدتها طيلة 40 سنة".

فإذا كان هذا الكلام والثناء من مدرب تجاه أحد لاعبيه فلا نتعجب إذا ما سعى سيتين للاستفادة من خدمات النجم الجزائري في فريقه الجديد برشلونة، في حال ما بقي على رأس الجهاز الفني للنادي الكاتالوني في الموسم القادم. حيث قد يُعزز ماندي وسط دفاع فريق "البرسا" في ظل تراجع أداء الإسباني جيرارد بيكيه وتقدمه في السن والرحيل المتوقع للفرنسي صامويل أومتيتي بسبب انخفاض مستواه بشكل حاد وتعدد إصاباته.

وعلى الرغم من أنّ ماندي يفضل اللعب كمدافع أوسط إلّا أنّه يمكنه شغل منصب الظهير الأيمن دون أي مشكل، ليكون بذلك خير بديل للمدافع الأيمن الحالي لفريق برشلونة، البرتغالي نيلسون سيميدو، في حال غياب هذا الأخير بسبب الإصابة أو العقوبة أو في حال الاستعانة به كمتوسط ميدان على الجهة اليمنى مثلما كان الشأن في بعض مباريات الفريق الكتالوني في الفترة السابقة.

رحلته مع الجزائر

ولمن لا يعرف عيسى ماندي جيداً فإنّ مبارياته الأولى مع المنتخب الجزائري كانت كظهير أيمن، وقد تألق بشكلٍ لافتٍ في هذا المنصب رفقة المدرب البوسني وحيد خاليلوزيدش خلال نهائيات مونديال البرازيل 2014.

نصل الآن إلى مشوار ماندي مع منتخب بلده لنشير أنه وبخلاف معظم اللاعبين الدوليين الجزائريين المولودين بفرنسا، فإنّه لم يسبق له حمل ألوان المنتخبات الشابة لبلد مولده ونشأته بل انضم مباشرة لمنتخب بلده الأصلي الجزائر في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، عشية مباراة الإياب أمام منتخب بوركينا فاسو للدور الأخير للتصفيات الإفريقية لكأس العالم 2014، لكنه انتظر يوم 4 مارس/آذار 2010، ليخوض أول مباراة ضمن التشكيلة الأساسية لفريق "محاربي الصحراء"، وكان ذلك خلال مواجهة ودية أمام منتخب سلوفينيا (2-0).

وشارك ماندي مع منتخب بلده في 55 مباراة، من بينها 6 لقاءات في نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم التي احتضنتها مصر في الصيف الماضي وفاز بلقبها المنتخب الجزائري.

ماندي بقميص منتخب الجزائر

ولم يمر ذلك التتويج دون أن يحرك مشاعر المدرب كيكي سيتين الذي هنأ شخصياً لاعبه السابق عيسى ماندي من خلال تغريدة على"تويتر" على الرغم من أنه كان قد غادر الإدارة الفنية لريال بيتيس، قبل شهرين من إنجاز الجزائر، ما يؤكد العلاقة الجيدة والمميزة التي تربط المدرب الإسباني المخضرم بالنجم الجزائري.

أسلوب لعب ملائم للبرسا؟

ويجرنا هذا الكلام للعودة إلى الحديث عن مدى إمكانية انضمام عيسى ماندي لنادي برشلونة، فنقول إنّ سيتين واحد من المدربين المولعين باللعب الجميل والاعتماد على الاستحواذ والتمريرات القصيرة. وقد بلغ معدل استحواذ ريال بيتيس في كل مبارياته للدوري الإسباني في موسم 2018-2019 نسبة 62.5 %، ما شكل رقماً قياسياً في تاريخ مسابقة "الليغا" منذ موسم 2005-2006، لكن دون احتساب نادي برشلونة، الذي يعتبر ظاهرة عالمية في هذا المجال.

وبما أنّ ماندي كان قطعة أساسية لفريق ريال بيتيس لموسم 2018-2019، فإنّه لن يجد صعوبة كبيرة في التأقلم مع طريقة لعب برشلونة، خاصة في حال بقاء كيكي سيتين طبعاً، والذي يفضل انطلاق هجمات فريقه من الخلف وبالضبط من وسط الدفاع بخطة (4-1-4-1) أو على الأطراف بخطة (3-5-2).

ويتميز عيسى ماندي برزانة كبيرة في اللعب وإجادة المراقبة اللصيقة بمهاجم الفريق المنافس والصراعات الثنائية وانتزاع الكرة دون ارتكاب الخطأ، كما يحسن أيضاً اللعب في الكرات الهوائية سواء عند الدفاع أو عند مساعدة خط الهجوم.. وهي كلها خصائص مطلوبة لدى لاعبي خط دفاع برشلونة. 

لن نختم المقال دون الإشارة إلى أنّ عقد ماندي مع ريال بيتيس ينتهي في يونيو/حزيران 2021، وأنّ قيمة الشرط الجزائي تقدر بـ30 مليون يورو، وهو مبلغ في متناول إدارة نادي برشلونة.

ويبقى كل هذا مجرد تخمينات واحتمالات لأنّ كل الأمور قد تتغير في الصيف القادم في ظل الغموض الذي يخيم على مستقبل النشاط الرياضي في العالم بسبب تفشي فيروس "كورونا".

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مراد حاج
صحفي وكاتب جزائري
صحفي وكاتب جزائري
تحميل المزيد