الفرق بين التعليم عن بعد والتدريس عن بعد في حالات الطوارئ

عدد القراءات
2,977
عربي بوست
تم النشر: 2020/04/02 الساعة 15:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/02 الساعة 15:38 بتوقيت غرينتش

"عملية التعلم عن بعد ذات التخطيط الجيد تختلف كلياً عن التدريس عن بُعد استجابةً لحالة الطوارئ الحالية. أتمنى أن تدرك المؤسسات التعليمية هذا الاختلاف عندما يبدأ الحديث عن تقييم التدريس عن بُعد في حالات الطوارئ".

نظراً لخطورة انتشار جائحة فيروس كورونا، اتخذت العديد من الدول في أنحاء العالم إجراءات الطوارئ للحد من انتشار الفيروس من خلال إغلاق المدارس والجامعات، بالإضافة إلى التباعد الاجتماعي. 

بالرغم من تعليق المدارس والجامعات مع استمرارية التعليم من أجل التوعية والتواصل مع الطلبة وأولياء أمور، فقد تم اتخاذ قرارات حول كيفية مواصلة التدريس والتعلم مع الحفاظ على سلامة المعلمين والطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات. كانت الحكومة الفلسطينية من أوائل الحكومات العربية التي اتخذت قراراً بحالة الطوارئ لمدة 30 يوماً. منذ اللحظة الأولى لإعلان حالة الطوارئ، سارعت مؤسسات التعليم العالي في فلسطين إلى إلغاء جميع الفصول الدراسية الوجاهية، بما في ذلك المختبرات العملية والتدريب العلمي والانتقال إلى التعليم عن بعد، للمساعدة في منع انتشار فيروس كورونا. 

لقد تبنت فكرة التعليم عن بعد جميعُ الجامعات والكليات من أجل استمرارية التواصل مع الطلبة، وتقديم الخدمات التعليمية. التعلم عن بُعد هو نظام تقوم به مؤسسة تعليمية تعمل على إيصال المادة التعليمية أو التدريبية للمتعلم في أي مكان وأي وقت، عن طريق وسائل اتصال متعددة، مثل الأقمار الصناعية (الراديو والتلفاز)، أو أشرطة الفيديو، أو الأشرطة الصوتية، أو الحاسوب، أو الإنترنت، أو تقنيات الوسائط المتعددة أو غير ذلك. ولقد تعددت وتنوعت طرق هذا النوع من التعليم وكثرت مسمياته، وينطوي تحته التعليم بالمراسلة، التعليم المنزلي، التعليم المفتوح (محمد السيد، 2004).

إن التحول المفاجئ من التعليم التقليدي إلى التعليم عن بعد ربما يتيح مرونة في التدريس والتعلم من أي مكان وفي أي وقت، وذلك خلال سرعة مذهلة في التحول، بالرغم من أن بعض المؤسسات التعليمية بدأت بالفعل في التعلم الإلكتروني منذ ما يزيد عن 10 سنوات، ولكن كان هناك عدم تقبل للموضوع بالرغم من المسميات التي تم إطلاقها على التحول إلى التعليم عبر الإنترنت كالتعلم الإلكتروني، والتعلم عن بعد، والتعليم عن بعد، والتعليم الإلكتروني. ولكنه في الواقع ليس تعلماً عن بعد أو تعلماً إلكترونياً، بل هو تعليم عن بعد؛ أي أنه استخدام للتكنولوجيا من قبل المحاضر في المحاضرة .

إن تصميم المقررات الجامعية لنمط التعلم عن بعد أو التعلم الإلكتروني يحتاج من 6-8 أشهر من التخطيط والتصميم والتطوير، ومن ثم نشر المقرر وفق المعايير الدولية . 

إن المقررات التعليمية لنمط التعلم عن بعد ذات جودة عالية، والسبب كما ذكرت فترة التخطيط والتصميم والتنفيذ لتلك المقررات، القائمة على تلبية احتياجات الطالب، وتتفق مع أنماط التعلم للطلبة، ويتم تصميمها لتكون فعّالة من خلال إشراك الطالب في التصميم واختيار ما يناسبه. المقررات الإلكترونية يتم بناؤها وتصميمها وفق نماذج عالمية ذات معايير متفق عليها، تسعى لتحقيق التوازن بين البيئة التعليمية "البيت أو مكان العمل"، وتحقيق المساواة وسهولة الوصول لجميع أفراد العينة، من خلال تحديدها قبل البدء بالتصميم "مرحلة تحديد الاحتياجات".

إن عملية التقييم في التعلم عن بعد تكون عملية متكاملة ما قبل التصميم من خلال التقييم التشخيصي، ومن ثم خلال التعلم وبعده، من خلال استخدام أدوات التقييم عبر التعلم عن بعد، والتي غالياً يطلق عليها التقييم البديل، أو التقييم الواقعي Authentic Assessment. والتي تتنوع ما بين منتديات النقاش، والتعلم من خلال المشاريع، والواجبات الفردية، وأوراق العمل والتأمل. فكل هذه الأدوات يتم الإعداد لها مسبقاً أثناء عملية تصميم وتطوير المقرر الإلكتروني.

التدريس عن بعد في حالات الطوارئ

عملية التدريس عن بعد في حالات الطوارئ عبارة عن تحول مؤقت لنقل التدريس من النظام التقليدي إلى التعليم عن بعد من خلال التكنولوجيا، وسوف يعود التدريس إلى ما كان عليه قبل حالات الطوارئ. إن التدريس عن بعد في حالات الطوارئ وجد من أجل توفير التعليم والتواصل مع الطلبة بطريقة سريعة وبشكل موثوق أثناء الطوارئ أو الأزمات. 

بمعنى آخر، استثمار التكنولوجيا في التواصل مع الطلبة واستخدام التكنولوجيا في تقديم الخدمات ليس دليلاً على التعلم عن بعد، فالعنصر الأساسي في التعلم عن بعد أو التعلم الإلكتروني هو الطالب، ولكن في الوضع الحالي بقي المعلم أو المحاضر هو مصدر المعلومات الوحيد، مع عدم وجود أي دور يذكر للطالب. 

وهناك العديد من التجارب العالمية في التدريس عن بعد في حالات الطوارئ، مثل جنوب إفريقيا، وأفغانستان، وكوسوفو، والبوسنة والهرسك . 

في النظام الحالي للتدريس عن بعد في حالات الطوارئ لن تتمكن فرق الدعم الفني المتوفرة في الجامعات من العمل بشكل مهني ومتواصل، وبنفس المستوى من الدعم لجميع أعضاء الهيئة التدريسية والطلاب الذين يحتاجون إليه، مع أعضاء الهيئة التدريسية والطلاب. 

قد يتوفر حالياً دعم لاعضاء الهيئة التدريسية لاستخدام التقنية في تقديم محاضراتهم، وتقديم فرص للتطوير المهني، ولكن هناك أمور أكثر أهمية، وهي عملية تطوير المحتوى وأدوات التقييم واستراتيجيات التدريس التي لها دور مهم جداً في زيادة دافعية الطالب للتعلم عبر الإنترنت، والاستمرار في متابعة تلك المحاضرات.

محاضرات التدريس عن بعد في حالة الطوارئ لا تلبي الحد الأدنى من الجودة، فهي قائمة على الارتجالية دون تلبية احتياجات الطلبة، لاسيما أنها جاءت تلبية لنداء حالة الطوارئ، وغالباً ما تكون معدة مسبقاً للتدريس الوجاهي. 

إن عملية التحول للتدريس عن بعد في حالات الطوارئ ليست فقط استبدال النظام التقليدي في التعليم بآخر تقني، دون مراعاة للأسس التربوية في التصميم والتقييم والتقديم. 

يجب على فرق الدعم الفني في مراكز التعلم الإلكتروني أو وحدات التعلم عن بعد الموجودة في مؤسسات التعليم العالي إيجاد طرق لتلبية الحاجة المؤسسية لتوفير الاستمرارية التعليمية، مع مساعدة أعضاء هيئة التدريس على تطوير مهارات العمل والتدريس في بيئة عبر الإنترنت. 

على هذا النحو، يجب على المؤسسات إعادة التفكير في الطريقة التي تقوم بها وحدات الدعم التعليمي بعملها، على الأقل خلال الأزمة. (3)

إن الاختلاف القائم بين التعلم عن بعد والتدريس عن بعد في حالات الطوارئ يحتّم على صانعي القرار في مؤسسات التعليم العالي اعتماد الأساليب والأدوات المثالية في تقييم الطلاب، واعتماد معايير ذات شفافية عالية في تقييم أداء الطلاب، وتحقيق المساواة وسهولة الوصول إلى المحتوى التعليمي، وخاصة أن الفجوة الرقمية زادت أضعافاً بسبب فيروس كورونا، وذلك بسبب وجود الحجر الصحي.

المراجع

1-    Laura Czerniewicz, "What We Learnt from 'Going Online' during University Shutdowns in South Africa," PhilOnEdTech, March 15, 2020. 

2-  Czerniewicz, L., Trotter, H., & Haupt, G. (2019). Online teaching in response to student protests and campus shutdowns: academics' perspectives. International Journal of Educational Technology in Higher Education, 16(1), 43.

3-    Affouneh, S., Khlaif, Z., & Salha, S. (2020). Can distance education save education at Coronavirus crisis? (unpublished).

4-    Jonathan Zimmerman, "Coronavirus and the Great Online-Learning Experiment," Chronicle of Higher Education, March 10, 2020. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
زهير خليف
محاضر في جامعة النجاح الوطنية بفلسطين
أكملت دراستي العليا في الولايات المتحدة الأمريكية في مجال تكنولوجيا الأنظمة التعليمية والتصميم التعليمي، عملت في عدة شركات في التصميم التعليمي وتطوير المحتوى الرقمي. قدمت العديد من الدورات التدريبية في التصميم التعليمي وتطوير المحتوى الرقمي في كل من السعودية، والإمارات، وسلطنة عمان، وفلسطين. وحالياً أنا عضو هيئة التحرير في مجلة التكنولوجيا التعلم والمعرفة الألمانية.
تحميل المزيد