هاجر أبواه هرباً من بطش نظام الأسد.. هل يرتدي “الألماني” محمود داوود قميص سوريا؟

عدد القراءات
6,883
عربي بوست
تم النشر: 2020/03/26 الساعة 12:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/26 الساعة 12:27 بتوقيت غرينتش
هاجر أبواه هرباً من بطش نظام الأسد.. هل يرتدي "الألماني" محمود داوود قميص سوريا؟

يعرف متتبعو الرياضة العالمية الكثير من اللاعبين العرب الناشطين في الدوريات الأوروبية الكبيرة، على غرار المصري محمد صلاح، والجزائري رياض محرز، والمغربيين حكيم زياش وأشرف حكيمي، أو ذوي الأصول العربية ككريم بنزيمة وسمير نصري ووسام بن يدر.

وكل هؤلاء النجوم من منطقة شمال إفريقيا، ولذلك قد يتعجب البعض لما يعلم أنه يوجد لاعب متألق في الدوري الألماني، تعود جذوره إلى بلد عربي من غرب آسيا، وبالتحديد من سوريا، وهو متوسط ميدان نادي بوروسيا دورتموند الألماني، محمود داوود. 

النشأة والبدايات

وُلد محمود داوود يوم 1 يناير/كانون الثاني 1996 بمدينة عامودا التابعة لمحافظة الحسكة القريبة من الحدود التركية، وذات الأغلبية الكردية.

وقد هاجر محمود، رفقة والديه، إلى ألمانيا لما كان يبلغ من العمر 9 أشهر فقط. وبدأ ممارسة رياضة كرة القدم في عمر الخمس سنوات، ضمن فريق جيرمانيا روسرات، التابع للحي الذي كان يقطن به بمدنية لانجيفيلد، قبل أن ينضم لمدرسة نادي فورتونا دوسلدورف في عام 2010 ، ثم للمركز التكويني لنادي بوروسيا مونشنغلادباخ في سنة 2014.

انضم للفريق الأول لمونشنغلادباخ في سن الـ17 

وفي مطلع موسم 2013- 2014، وعلى الرغم من أنه لم يكن يبلغ من العمر سوى 17 عاماً، تم تصعيد محمود داوود للفريق الأول لنادي بوروسيا مونشنغلادباخ،  بطلب من المدير الفني السويسري لوسيان فافر، مدربه الحالي في نادي بروسيا دورتموند، لكن تعرّضه لإصابات عدة حال دون مشاركته في أي لقاء رسمي، واكتفى بخوض 11 مباراة فقط مع فريق الشباب لأقل من 19 سنة.

محمود داوود بقميص مونشنغلادباخ

وتكرر نفس السيناريو تقريباً في الموسم الموالي (2014-2015)، حيث شارك في مباراة واحدة في الدوري الألماني ومباراتين في مسابقة الدوري الأوروبي لكرة القدم.

وانتظر داوود بداية موسمه الثالث مع الفريق الأول لمونشنغلادباخ ليفجر إمكانياته ويتعرف عليه المتتبعون الرياضيون بألمانيا وهو في سن الـ19، وتحت قيادة المدرب الألماني أندريه شوبرت، الذي خلف لوسيان فافر في سبتمبر/أيلول 2015، حيث شارك محمود في 32 مباراة كاملة بمسابقة البوندسليغا لموسم (2015-2016)، سجل خلالها اللاعب ذو الأصول الكردية 5 أهداف وصنع 8 أهداف أخرى، كما شارك في 6 مواجهات بدوري أبطال أوروبا.

ولم يمر تألق اللاعب الشاب دون أن يلفت انتباه بعض الأندية الأوروبية الكبيرة، لكنه فضل البقاء في بوروسيا مونشنغلادباخ  لموسم آخر (2016- 2017) بغرض مواصلة تكوينه وتطوره ضمن محيط يعرفه جيداً، قبل أن يغادر في صيف 2017 نحو نادي بروسيا دورتموند الذي تعاقد معه حتى يونيو/حزيران 2022، في صفقة بلغت قيمتها 12 مليون يورو.

وبعدما كان يلعب بشكلٍ شبه منتظم ضمن التشكيلة الأساسية لفريق بروسيا دورتموند في الموسم الأول (2017-2018) بمشاركته في 34 مباراة رسمية في كل المسابقات المحلية والقارية، رفقة المدرب الهولندي بيتر بوش والنمساوي بيتر ستوغر، أصبح فجأة لاعباً احتياطياً في الموسم الثاني، تحت قيادة لوسيان فافر، وذلك رغم أن المدرب السويسري يعرف جيداً قدراته المميزة لما كان يشرف عليه في مونشنغلادباخ.

هل يحجز مقعداً أساسياً مع أسود فستفاليا؟

وشارك محمود مع فافر في 22 مباراة رسمية في 2018-2019، سجل خلالها هدفاً واحداً، وفي 11 مباراة رسمية منذ بداية الموسم الجاري (2019-2020)، قبل أن يتوقف النشاط الرياضي في ألمانيا وفي أوروبا كلها في مطلع شهر مارس/آذار بسبب تفشي وباء فيروس كورونا.

تُوّج بلقب كأس أوروبا لأقل من 21 عاماً

يملك محمود  داوود الجنسيتين السورية والألمانية، لكن مشواره الدولي اقتصر حتى الآن على المشاركة مع مختلف منتخبات الفئات الشابة الألمانية، حيث خاض مباراة رسمية واحدة مع فريق أقل من 18 عاماً و7 لقاءات مع فريق أقل من 19 عاماً، و4 مواجهات مع فريق أقل من 20 سنة.

وكان تألقه الأبرز ضمن المنتخب الألماني لأقل من 21 عاماً، الذي شارك معه في 22 مباراة كاملة، سنتي 2016 و2017، سجل خلالها 4 أهداف، وتُوّج معه، أيضاً، بلقب كأس أوروبا للآمال في صيف 2017 ببولندا.

داوود بقميص الألمان

ونصل الآن إلى السؤال المهم: هل يمكن لمحمود داوود اللعب مع منتخب بلده الأصلي سوريا؟

الجواب من الناحية النظرية هو نعم.. لكن تحقيقه عملياً على أرض الواقع يبقى بيد، أو بالأصح بـ"عقل" أو ربما بـ"قلب" نجم نادي بوروسيا دورتموند.. فكيف ذلك؟

يمكن لداوود تغيير جنسيته الرياضية من الألمانية إلى السورية، بحسب لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم، في حالة واحدة فقط، وهي عدم مشاركته في أي مباراة رسمية مع المنتخب الأول لألمانيا، وهو الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن.

هل يملك داوود الرغبة في تغيير جنسيته الرياضية؟

لكن الأمر مرتبط أيضاً بنية اللاعب نفسه في تغيير الجنسية الرياضية والانضمام لمنتخب سوريا، وهو الأمر الذي لا يبدو وارداً في الوقت الراهن، إذ كشف فجر إبراهيم، المدير الفني للمنتخب السوري الأول، في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في تصريح صحفي:"لقد كان هناك تواصل مع اللاعب محمود داوود في فترة سابقة، لكن لم تكن لديه رغبة على ما يبدو بالتواجد في المنتخب".

لا يمكننا معرفة السبب الحقيقي لعدم وجود رغبة لدى محمود داوود في الدفاع عن ألوان منتخب بلده الأصلي سوريا، لكننا قد نتساءل عن ما إذا كان السبب رياضي أو أمر آخر، فقد يكون داوود ينتظر تلقي دعوة للالتحاق بالمنتخب الأول لبلد نشأته ألمانيا، طموحاً منه لإثراء سجله بألقاب قارية وعالمية، مثلما كان الشأن مثلاً مع كريم بنزيمة، نجم نادي ريال مدريد الإسباني، الذي كثيراً ما صرح بأنه قد اختار اللعب لمنتخب فرنسا لدواعٍ رياضية لأن منتخب الجزائر لم يكن قوياً بما هو عليه حالياً عندما اتصل به مسؤولو المنتخب في عام 2007.

وقد يكون عدم اهتمام داوود بتدعيم منتخب سوريا له علاقة بما يحدث حالياً في هذا البلد العربي، بحكم أن اللاعب نشأ ضمن عائلة معارضة لنظام حافظ الأسد، ولا زالت معارضة للنظام الحالي ورأسه بشار الأسد.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مراد حاج
صحفي وكاتب جزائري
صحفي وكاتب جزائري
تحميل المزيد