إلى روح الراحلة ريم بنّا
عزيزتي:
أعلم أن هناك الكثير من التخبط، والمزيد من الحيرة، أسئلة تطرح نفسها بقوة، عن جدوى كل هذا، وإذا كانت هناك معارك تستحق الحرب عليها فعلاً أو لا، والأهم من كل تلك الأشياء، من نحن حقاً وسط كل هذه المعطيات؟
تتعالى الأصوات التي تدعو إلى البؤس، حتى أنا لا أخفي عليكِ هذا الأمر، يومياً تساورني هذه المشاعر أيضاً، أتساءل: لماذا نفعل كل ذلك؟
ربما لأنّه قد كتب علينا أن نتجرع من كأس كل المشاعر الموجودة في هذه الدنيا، وإن بدت مختلفة تماماً فيما بينها.
والحقيقة هي أنّ هناك إجابة لكل هذه الأشياء، ربما لا تؤدي إلى نهاية البؤس في حياتنا، لكنّها تخبرنا بما هو أهم، تقول لنا بقوة: هي الحياة تمر بين نقيضين، في أحدهما نبحث عن أنفسنا، وفي الآخر نجدها.
لا أعلم لماذا الحديث عن اليأس يقبله الناس كأنهم مغلوبون على أمرهم، يرحبون به وكأنه صديق قديم لهم، وعندما يتحدث غيرهم عن الأمل، يصبح كأنّه يتحدث عن شيءٍ خياليّ لا يمكن تحقيقه.
مؤسف، هم لا يعرفون شيئاً عن الأمل يا عزيزتي، يظنونه محض خيال لا وجود له.
يقولون عنّا نحن معشر المتفائلين مجانين؟
ولكن دعيني أسألكِ: من قال إن الأمل للعقلاء مثلهم؟ الأمل فقط للمجانين، أولئك الذين يبحثون عن المغامرة في الحياة، تحاول هزيمتهم، ولكن قلوبهم لا تتأثر، وتبقى في المعركة حتى النفس الأخير.
عزيزتي.. نحن لا نخشى الخسارة، نعرف أن كل تجربة هي ميراث من الأفكار والمشاعر والخبرات، تؤثر فينا، ونتناقله فيما بيننا، نسعى، حتى ولو ظهر لنا الوصول على أنه شيء مستحيل، لأننا من أولئك الذين لا يؤمنون بمفاهيم الآخرين، والأهم من ذلك يؤمنون بأنّه لا شيء يستحيل على الله، فقط نحن نحتاج إلى السعيّ الصادق من داخلنا، كخيارنا في مواجهة هذا العالم، لا يتأثر ما في الداخل بأي شيء خارجي. فإمّا الوصول، أو البقاء على الطريق، نسلّم الراية لمن يمكنه متابعة السير من بعدنا.
عزيزتي.. لن أمل يوماً من الحديث عن الأمل، لا أطلب من أحدهم أن يتبعني، كل ما أريده هو أن أكون أنا كذلك، وأدعو من الله أن يكون هذا كافياً ليؤثر في الآخرين.
فأنا -كما يقول الشاعر أحمد مطر- وحدي دَوْلَةٌ.. مادامَ عِندي الأمَلُ.. دولةٌ أنقى وأرقى.. وستبقى.. حينَ تَفـنى الدُوَلُ!
في ذكرى وفاتك الثانية كوني بخير دائماً يا عزيزتي، وألقاكِ في رسائل أخرى إن شاء الله.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.