الاستثمار من أجل المنافسة
حاولت شركة مشروب الطاقة الشهيرة (ريد بول) Red Bull لسنوات إنشاء فريق كرة قدم ينافس على الألقاب في أوروبا، وبالرغم من امتلاكهم فريق ريد بول سالزبورغ النمساوي إلا أن المنافسة الضعيفة في الدوري النمساوي وعدم جاذبيته للنجوم، جعل مسؤولي الشركة يفكرون في امتلاك فريق آخر في دوري محلي أوروبي ذي سمعة كبيرة.
بدأت روح المغامرة والاستثمار، كما هي عادتها، من الصفر بأخذ فريق يلعب في دوري الدرجة الخامسة ووضعوا استراتيجيتهم لتشكيل فريق قوي عاماً بعد عام، ولم يتسرّعوا في ذلك بل اهتموا ببناء قاعدة قوية من خلال التركيز على الاستثمار في بناء أكاديمية متطورة ومراكز تدريب حديثة، ووضع استراتيجية طويلة المدى تعطي الأولوية لتطوير نمط معين من كرة القدم على جميع المستويات العمرية، واختيار المدربين الشباب الواعدين، وإنشاء سلسلة من كشافي المواهب وتوظيف مواهب قليلة معروفة يتحولون تدريجياً إلى نجوم في النادي.
وبالرغم من هجوم الكثيرين على الفريق فإن النادي أصبح رقماً صعباً في الدوري ولا يقتل المنافسة مثل ما يفعل نادي باريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي، بل على العكس من ذلك جعل فريق لايبزيغ الدوري الألماني أكثر قدرة على المنافسة، وشكّل تهديداً مباشراً للعريق بايرن ميونيخ القوي، الذي لديه قوة مالية رهيبة وتكتيكات استقطاب للنجوم تعتبر عدوانية للغاية باعتراف مسؤولي الدوري الألماني أنفسهم والذي من شأنه أن تحولهم إلى أبطال أبديين.
إن تشكيل فريق شاب يضم لاعبين موهوبين وإدارة قوية ومدرباً يعرف كيفية تشكيل فريق من اللاعبين الجياع والموهوبين والشباب الماهرين للغاية، هو مزيج مثالي لتكون قادراً على التنافس مع فرق مثل بروسيا دورتموند وبايرن ميونيخ في الدوري الألماني، وبالنظر إلى التشكيلة الحالية لفريق لايبزيغ نجد أن المشروع الذي يسير عليه النادي وُضع ليبقى وليست ظاهرة تختفي في القريب العاجل.
فقد طُور اللاعبين من الصفر ليصبحوا نجوماً لامعين مراقبين من كِبار الأندية المحلية والأوروبية، مثل اللاعب نابي كيتا لاعب ليفربول الحالي الذي انتقل بسعر مرتفع عندما أصبح من المستحيل التمسك به أكثر. ولكن هنالك الكثير من اللاعبين الشبان الذين يمكنهم أن يصبحوا رموزاً للنادي أو يمكنهم اللعب للنادي لفترة طويلة مثل المهاجم الدنماركي يوسف بولسن الذي أتى للفريق في عام 2013 عن عمر يناهز 19 عاماً عندما كان لايبزيغ لا يزال في الدرجة الثالثة.
لماذا أصبح النادي الأكثر كُرهاً في الدوري الألماني؟
بعكس الدوريات الأوروبية الأخرى، كرة القدم الألمانية تتميز بظاهرة فريدة من نوعها، حيث يدافع مشجعو الدوري الألماني عن تاريخ وتقاليد أنديتهم، وبالنسبة لهم، يجب ألا تُلعب كرة القدم من أجل الجماهير فقط، بل يجب أن تكون تابعة للجماهير، وهذا هو السبب في وجود قانون 50+1 والذي يتيح للجماهير أو الأعضاء بشكل أكثر تحديداً امتلاك أغلبية الأسهم في كل ناد، والذي يتيح للجماهير التحكم في كل شيء من أسعار التذاكر إلى قرار بناء ملعب جديد.
وبالتالي يشكو العديد من مشجعي كرة القدم الألمان، خاصة مشجعي أندية بروسيا دورتموند وبايرن ميونيخ وهوفنهايم من مثل هؤلاء المستثمرين وينظرون إليهم بنوع من الريبة والشك والخوف في آن واحد، وفي حالة شركة ريد بول وفريق لايبزيغ نجد أن العديد من المشجعين يروا أن الشركة لا تلعب وفقاً للقواعد، فالصعود الخارق من دوري الدرجة الخامسة إلى دوري الدرجة الأولى (البوندسليغا) والمنافسة على اللقب والتأهل التاريخي للدور ربع النهائي في دوري أبطال أوروبا في سبع سنوات فقط، جعل الكثيرين ينظرون إلى الفريق على أنه عبارة عن (منتج) للشركة، وبالتالي يمكن أن يضر بقيم كرة القدم الألمانية العريقة.
ماذا عن المستقبل؟
مدثر النور أحمد سوداني كاتب (تقني/رياضي)، مهتم بمجال أمن المعلومات والخصوصية على الإنترنت، ومهتم كذلك بالكتابة عن جديد التقنية. دي حُب وعِشق مختلفان للرياضة وخاصة كرة القدم، وهي أيضاً من اهتماماتي المُحببة وأنثر حروفي حولها بصفة منتظمة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.