قدم مدرب الرجاء المغربي، جمال السلامي لقاءً تكتيكياً من العيار الثقيل، وعلى الطريقة الإيطالية، ضارباً ألف خطة وألف حساب لفريق مازيمبي. الفريق الكونغولي يعتبر قوة خارقة خاصة على ملعبه الذي يهاب الجميع الدخول إليه، محققاً هدف الرحلة إلى الكونغو بالتحليق نحو نصف النهائي بعد غيابٍ طويل عن دور الأربعة الكبار.
شوط ولا بالأحلام
دخل السلامي اللقاء بخطة الــ4-2-3-1 تتحول إلى الـ4-5-1 في الحالات الدفاعية، مدافعاً بخطين صلبين، يبدآن من الثلث الثاني وينتهيان في العشرين إلى الـ15 متراً الأخيرة من المناطق الدفاعية المغربية. مشكلين كتلةً لمنع مازيمبي من أي فرصة في صناعة اللعبة والتحكم في النسق.
أما مدرب زيمبابوي بامفيل ميهايو فقرر الدخول بنفس الخطة مع تغيير في الفكرة لتعويض إخفاق الذهاب، كل الإحصائيات أشارت لذلك. 66% من الاستحواذ على الكرة ذهبت لتي بي مازيمبي، مع 22 تسديدةً منها 10 على المرمى.
التساؤل المطروح هنا، هل هذه الأرقام والإحصائيات أظهرت قوة تكتيكية لمازيمبي، هل سيطر الفريق سلبياً أم إيجابياً؟
حسناً سنجيب عن هذه الأسئلة
كان الإغلاق الدفاعي للرجاء سليماً طوال الشوط الأول، الخطوط المتقاربة لم تمنح مازيمبي فرصاً كثيرةً للوصول إلى مرمى الحارس الزنيتي إلا من خلال ثلاث تسديداتٍ على المرمى منها واحدةٌ من خارج منطقة الجزاء، في هذه النقطة بالتحديد أظهر دفاع الرجاء تعاملاً خاصاً مع المهاجم جاكسون موليكا بحصره بعيداً عن المنطقة المفضلة بالنسبة له، وهي منطقة الجزاء.
مع منع مازيمبي من الدخول عبر الأطراف، وهي القوة الخاصة بالفريق، عبر تعريض الملعب، لمواجهة ظهير الخصم في الــ1ضد1 أو 2ضد1، السلامي لجأ إلى الرحيمي ومتولي كلاعبي جناح لإيقاف أجنحة مازيمبي بالزيادة العددية، ورغم ضعفهما دفاعياً نسبياً، نجح الفريق جماعياً في إيقاف الخصم ليحصر اللعب في خط الوسط.
وعلى الرغم من استحواذ مازيمبي على الكرة لفترة طويلة في الشوط الأول، لم تنجح المنظومة الكونغولية في اختراق أنصاف المساحات ولا إيجاد المساحات في العمق أو الأطراف، ليدخل الفريق الكونغولي في دوامة اللعب وفقاً لخطط الرجاء، والذهاب نحو نسق لا يفيد في شيء إلا تدوير الكرة.
هذه كانت حالة دفاع الرجاء وهجوم مازيمبي، أما في الحالة المعاكسة، فمن خلال افتكاك الكرة من الثلث الثاني بأخطاء في التمرير من قبل مازيمبي نجح الرجاء في التسديد مرتين على المرمى، وكاد بذلك أن ينهي آمال مازيمبي في الشوط الأول.
المُعاب على المدرب السلامي أن في فترة استحواذ الرجاء هجومياً يظهر الفريق متفككاً، ليظهر أن اللعب بالحافيظي كصانع ألعاب مكان متولي كان خطأً فادحاً، فالأول كان بعيداً عن منطقة الكرة كل مرة، ويفسر ذلك بأن عبدالإله لم يلمس الكرة إلا 9 مرات، كأقل عدد لمس في فريق الرجاء كاملاً، أقل من الحارس حتى.
كابوس مطبق
بدون مقدمات، في الشوط الثاني تغير النسق، وأصبح مازيمبي يصل إلى مرمى الرجاء بسهولة، مسدداً 6 تسديدات على المرمى. ومصطاداً لثلاث ركنيات والتي تشكل قوةً فارقة للفريق، والملاحظ فيها أنها تلعب غالباً في القائم الأول أو في المناطق الوسطى بقوة للقادمين من الخلف، مع لاعب ينتظر الكرة الثانية.
في هذه المرحلة بالذات، أصبح عرض الملعب مساراً ناجحاً لمرور مازيمبي نحو ثلث الرجاء الأول، فالهدف الأول أتى من استغلال عرضية خلف ظهر الظهير زريدة الذي تعامل بسذاجة غريبة، ليصبح مسجل الهدف خلف نطاق رؤية الظهير، وأمام الحارس مباشرةً.
بعد الهدف فقد الرجاء السيطرة ذهنياً، وأصبح مازيمبي أكثر شراسة في التوجه نحو المرمى، إما عبر الصراعات الثنائية في الهواء، أو رجلاً لرجل في الأرض، ليمنع الرجاء من الوصول إلى المرمى إلا في لحظةٍ وحيدةٍ
ملخص هذه الدقائق الصعبة هو ظهور أنس الزنيتي في أكثر من مرة لإنقاذ الرجاء، فالحارس تصدى لـ9 تسديدات طيلة اللقاء، وختم أدائه البطولي بالتصدي لركلة جزاء في الدقيقة السبعين ليحقق هدف الرحلة إلى الكونغو، وهو التأهل إلى نصف النهائي، والتساؤل الأخير يطرح على التحفظ المبالغ للسلامي حتى في استحواذ الفريق على الكرة في حالة الهجوم.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]