بمجرد أن أوقعت القرعة الأهلي أمام صن داونز في دور الـ8 من دوري أبطال إفريقيا، توقعت جولة صعبة جداً للنادي الأحمر، خاصة بعد خسارة السوبر المصري أمام الزمالك، بالإضافة إلى قوة الفريق الجنوب إفريقي، وخبرات مدربه موسيماني، جنباً لجنب مع الهزيمة الكارثية بالموسم الماضي أمام نفس الخصم، مما يجعل الأمور صعبة على الصعيدين الفني والنفسي.
من يتابعني بانتظام يعرف مدى تقديري واحترامي لمدرب الأهلي منذ اليوم الأول، رأيته رجلاً يعرف أبجديات ومبادئ كرة القدم الحديثة، ولديه ولع بالتفاصيل وميل إلى الضغط والاستحواذ والتحولات السريعة.
تدور كرة القدم الحديثة مؤخراً حول تسجيل أكبر عدد من الأهداف، صناعة الفرص، التحولات السريعة، والضغط العكسي في نصف ملعب المنافس، مع الولع بالاستحواذ أو الضغط أو كليهما بالنسبة لبعض الفرق والمدربين، لذلك زاد عدد الأهداف في المباريات الإقصائية، وأصبحت عملية العودة في النتيجة متاحة للجميع.
فايلر فهم اللعبة
أمام صن داونز ذهاباً، أجرى فايلر تغييرات صحيحة في الشوط الثاني، وركز في هجومه على جبهة معلول-أجايي، واستفاد من أخطاء المواجهات الأخيرة، حينما وضع جناح طرفي صريح مثل جيرالدو أمام التونسي معلول، ليمنعه من الصعود على الخط وتقديم الزيادة الهجومية، ويتنافر الثنائي فيما بينهما كما حدث في مباراة السوبر.
لكن أجايي لاعب ذكي، مع كامل اختلافنا معه على مستوى لياقته ومزاجيته، إلا أنه لاعب "كوير" بلغة الكرة، يستطيع التحرك وملء الفراغات وفتح الطريق أمام صعود معلول، كما حدث بالنص في كرة الهدف الأول بالذهاب.
فايلر يتعلم، وهذا أمر طبيعي لرجل قادم من قارة مختلفة وظروف مغايرة تماماً، عكس كارتيرون -مدرب الزمالك- مثلاً، الذي يجيد بشدة اللعب في أجواء القارة السمراء، ولديه فريق جاهز لمثل هذه التحديات، تعلم كيفية التمركز والدفاع بدون كرة وقتل اللعب مع السويسري غروس، المميز جداً في هذا السياق، لذلك ظهر الزمالك بشكل أفضل -متوقع- أمام الترجي في 3 مباريات.
الأهلي في المقابل كان لديه شك لصعوده، عطفاً على الأسباب التي ذكرتها في مقدمة التحليل، لكن رينيه فايلر أثبت أنه رجل مرن، يتعلم من هفواته، وبدأ يفهم فعلياً طبيعة المنافسة في إفريقيا.
في مباراة الإياب أمام صن داونز يمكن وصفها بـ "ماستربيس" فايلر هذا الموسم في إفريقيا، لعدة عوامل:
– دخول المدرب بتشكيلة صحيحة تماماً، 4-3-3 أقرب إلى 4-5-1 بدون كرة، وجود متولي بالوسط كليبرو لمنطقة الارتكاز خلف الثنائي ديانغ والسولية.
– وجود جيرالدو على الطرف كلاعب سريع للتغطية، والقدرة على لعب المرتدات السريعة.
– البدء بأليو بادجي، صحيح أنه لم يقدم الشيء الكبير بعد فنياً، لكنه قوي فيما يخص الضغط وألعاب الهواء والاحتكاكات البدنية.
كانت هناك أخطاء في التغطية بعد هدف التعادل، نتيجة سوء مستوى رامي ربيعة وعدم تركيزه بالمرة، جنباً لجنب مع قوة فريق صن داونز، لأول مرة في إفريقيا أجد فريقاً لديه مجموعة مميزة جدا في التمرير القصير، البيني، الطويل، والمراوغات، مما يجعل الدفاع أمامهم صعباً جداً.
– أعطت هذه التغييرات قوة أكبر للأهلي على مستوى الأطراف الدفاعية، هاني على اليمين يقابله أحمد فتحي في منطقة الارتكاز، ثم أيمن أشرف لمزيد من الدعم في العمق وعلى الأطراف.
– وجود فتحي كارتكاز كان أفضل من محمود متولي، لأن الأخير بطيء بعض الشيء، لذلك يمكن ضربه بالبينات السريعة، عكس فتحي المتمرس في العمق والارتكاز، ومرن أكثر على مستوى الدفاع بدون الكرة، لذلك فإن هذا التعديل الخططي أعطى الأهلي الراحة تماماً في نهاية المباراة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.