"لم ألتق بساكي أبداً لكني تعلمت كل شيء منه كمدرب"
- يورغن كلوب
يورغن كلوب مهووس التفاصيل، أفضل سارق أفكار في مجاله، أو ربما التلميذ النجيب في عالم التدريب. كلوب كالنحلة يسقط على كل وردة يرشف من رحيقها حتى يمتلئ عقله وفكره بما حوى رحيقها. ثم لا يلبث ينطلق إلى وردة أخرى، حتى يكون مزيجه الخاص والفريد. قوة كلوب في تنوعه.
كرة القدم مدينة لأريغو ساكي على الثورة التي أشعلها في إيطاليا ثم انتقلت عدواها إلى كامل أوروبا. يظن البعض أن ساكي طوّر اللعبة على مستوى الهجوم، لكنه طوّر مفاهيم الدفاع أيضاً. الدفاع كمنظومة والضغط العالي على الخصم بدلاً من انتظاره في الخلف، هذه كلها أفكار ساكي.
يورغن كلوب هو ساكي العصر، أنجب طلاب العرّاب الإيطالي، الذي أخذ أفكار المعلم الرئيسية ثم طورها حتى وصل بها إلى أقصى مداها. فأصبح "ملك الضغط" وسيد اللعب بدون كرة. هوايته المفضلة هي محاصرة الخصم وغلق زوايا التمرير أمام لاعبيه والانقضاض عليهم وإجبارهم على ارتكاب الأخطاء والوقوع في الهفوات الواحدة تلو الأخرى. كما يحب أن يضع بصمات الخصم على السكين الذي يقتله به.. لكن ماذا لو عرف الخصوم كيف يقتلونك ويمثلون بجثتك! ماذا لو تركوا لك الكرة، وأنت لا تعرف كيف تستحوذ عليها؟
رحلة الهروب من الموت
للهروب من الموت ذهب كلوب للعرّاب الهولندي، مخترع الكرة الشاملة وواضع مبادئها الراسخة، يوهان كرويف. لأن مبادئ كرويف الكروية هي الاستحواذ وتدوير الكرة وفتح الثغرات واللامركزية والدفاع بالكرة بدلاً من التقهقر للخلف. ارتشف كلوب هذه المبادئ وتشبع بها، خلال المواسم القليلة المنصرمة.
لذلك تفاجأنا جميعاً بمستوى الريدز أثناء امتلاكهم للكرة هذا الموسم وكم التطور الرهيب للفريق في ذلك الجانب، عندما تضع أفكار "كرويفية" مع أخرى "ساكية" مع هوية إنجليزية في كسب الصراعات والحصول على الكور الثانية واستغلال الكرات الثابتة، ستحصل على فريق متنوع إذا أغلقت في وجهه باباً استطاع الدخول لك من باب آخر.
"٧٠٪ من المباريات تحسم بالدوافع و٣٠٪ تحسم بالتكتيك"
يعي يورغن كلوب تلك المقولة جيداً، فترى لاعبيه صاروا محاربين يشحذ هممهم وعزيمتهم بالخطب الرنانة والكلمات النافذة. ويدفعهم راكضين خلف الكرة في كل بقعة في الملعب، هكذا يستمرون بالركض بنفس الشغف طيلة تلك المباريات.
"إذا تعددت مراكز اللاعبين عبر تبادل مركزي جيومتري سيظن الخصم أنه يلعب ضد ٢٢ لاعباً، لذا لا تقل لي بأن كرة القدم ليست علماً عندي براهين لدحض فرضيتك"
لعب هندرسون كارتكاز ثم مدافعاً ثالثاً أيمن ثم أيسر، ثم لاعب وسط هجومياً ثم جناحاً، أرنولد ظهير ثم جناح ثم ظهير وهمي ثم مدافع ثالث أيمن، روبيرتسون هكذا، فينالدوم يركض في كل مكان يبني الهجمات ويساند يمين ويسار الملعب ويسدد بالرأس والقدم، فيرمينيو صانع لعب ولاعب وسط رابع.. لامركزية جيومترية مبنية على علم هندسي هنا، كل شيء محسوب وحركة كل لاعب مضبوطة بحركة زميله، لا مجال للعشوائية هنا.
- بيب غوارديولا
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.