مصر ليست إيران.. هل تفشّى كورونا في القاهرة؟

عدد القراءات
2,264
عربي بوست
تم النشر: 2020/03/05 الساعة 11:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/22 الساعة 15:13 بتوقيت غرينتش
مصر ليست إيران.. هل تفشّى كورونا في القاهرة؟

أصارع منذ عدة أيام فكرة إخفاء الحكومة حقيقة "كورونا" عن الشعب المصري، أحاول جاهداً فهم وتصوّر كيف يمكن للحكومة ووزارة الصحة، على وجه التحديد، إخفاء حدث ساطع في كبد النهار مثل تفشي فيروس كورونا في مصر.

وانتهى بي الحال، واضعاً عدة احتمالات: 

الاحتمال الأول: أننا، في مصر، في حالة مماثلة لإيران. بمعنى أن هناك حالة انتشار واسع جداً، أقرب للتفشي، يصاحبه تعتيم إعلامي كامل. لكن هذا الاحتمال ضعيف، لأن إيران بلد معزول عالمياً ومنغلق نسبياً ومحاصر إقليمياً. كما أن منصات التواصل الاجتماعي محجوبة في بلاد الفرس. ولولا الاحتفالات والمزارات الشيعية التي أقيمت في الشهرين الماضيين، وانتقال المرض إلى خارج إيران، لما علم أحد بالكارثة الواقعة في إيران؛ لذلك أستبعد هذا الاحتمال تماماً.

الاحتمال الثاني: أن يكون هنا ظهور محدود لعدد من الحالات، عدد أكبر مما أعلنته الحكومة. أعلنت الحكومة المصرية عن ٣ حالات، ولنفترض تضليل الحكومة، ولنقل أن عدد الحالات هو عشرة أضعاف هذا الرقم، وأنها تحتجزهم في مستشفى النجيلة أو في مستشفى سري تحت الأرض على غرار مطار إمبابة السري في الستينيات. ولو افترضنا حقيقة هذه الفرضية، فهذا لا يثير الخوف أو الفزع على الإطلاق، لأن هذا العدد المتخيل أقل من عدد الحالات المصابة الموجودة في دولة مثل الكويت التي وصل عدد الحالات فيها لقرابة 60 حالة. ومع ذلك لم تتخذ دول عربية أي إجراءات استثنائية ضدها، ولم تضع قيوداً على حركة القادمين منها. مع أن ذلك يعني أن نسبة المصابين لعدد السكان كبيرة جداً. 

الاحتمال الثالث: تفشى فيروس كورونا في مصر، والحكومة لا تعلم شيئاً عن الأمر. هذا يعني أمرين؛ الأول هو أن المرض تفشى وانتشر دون ظهور أعراض على حامليه، نتيجة تسرب حالات دون تتبعها ومتابعتها. لكن أجهزة استخبارات الدول الأجنبية استطاعت معرفة الحقيقة، ودولة مصر البوليسية بكل أجهزتها المراقبة للمواطنين لم تستطع فعل ذلك. ثانياً، لو افترضنا تفشي المرض وأن الحكومة تعلم ولكنها لا تود الإنفاق على المشتبه بهم، وصرف أموال على التحليل والكشف. لكن هذه الاحتمالية مستحيلة أيضاً، لأن في تلك الحالة كنا سنرى شباب الأطباء والممرضين على جبهات القتال، يصرخون وينادون ويفعلون كل ما يستطاع فعله. ولرأينا حالات تجمع وتكدس لحالات أمام المستشفيات لمشتبه بهم يحملون أعراض الحمى والإنفلونزا والالتهاب الرئوي.  وامتلأت حجرات العناية المركزة بشكل غير مسبوق. باختصار، كنا سنلاحظ أزمة مروعة في المستشفيات على غرار أزمة إنفلونزا الخنازير. عندما كانت تعالج الحالات على الأرض في صعيد مصر بسبب ضعف الإمكانيات.

لقد سألت أكثر من 500 طبيب مصري يعملون في مستشفيات حكومية وخاصة في محافظات مصر المختلفة عن حقيقة الوضع، ولم يخالف أحدهم ما أقول. ولم يلاحظ أحدهم انتشار أعراض كورونا بين زوار المستشفيات. وأتمنى لو كان ما أقوله خطأ أن يصحح لي أحدهم، أو ينشر معلومة لا نعرفها. 

ما أود قوله إنه حتى الآن لا توجد أدلة أو قرائن قوية وجديدة تكذب أرقام وإحصائيات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، مع وضع احتمال أن يكون الرقم الحقيقي للمصابين أكثر قليلاً من المعلن، لكن ذلك لا يستدعي القلق والفزع. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

سليم محمد
طبيب مصري
طبيب مصري
تحميل المزيد