3 هزائم آخر 4 مباريات.. ما أسباب انهيار ليفربول المفاجئ؟

عدد القراءات
16,094
تم النشر: 2020/03/04 الساعة 17:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/04 الساعة 17:23 بتوقيت غرينتش
3 هزائم آخر 4 مباريات.. هل بدأ انهيار ليفربول مبكراً؟

فشل ليفربول في إيقاف مسلسل سقوطه الحر، ليودع مسابقة كأس الاتحاد الإنجليزي بخسارته في دور الـ16 أمام مضيفه تشيلسي بهدفين نظيفين، ليتبخر حلم تحقيق الثلاثية.

وهذه هي الهزيمة الثالثة التي يتلقاها فريق ليفربول في آخر أربع مباريات، بعد أن انهزم في ذهاب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا أمام أتلتيكو مدريد بهدف نظيف، ثم ضياع حلم "دوري اللاهزيمة" بخسارته على يد واتفورد بثلاثية بيضاء. 

على مستوى الأداء وليس النتيجة، قدم متصدر البريميرليغ عرضاً متوسطاً في الشوط الأول، وعرضاً متواضعاً للغاية في الشوط الثاني، بعد أن فشل في تسديد أي كرة على مرمى حارس البلوز. فكانت الخسارة حتمية أمام فريق أظهر إصراراً كبيراً على الفوز، وقدم أداء دفاعياً أكثر من ممتاز في الشوط الثاني. ليبقي تشيلسي على فرصه في الصعود إلى منصة التتويج هذا الموسم.

اتّبع فرانك لامبارد طريقة (4-3-3)، بينما تفاجأ ليفربول بالأداء الهجومي الناجع والفعال للبلوز، في الدقائق الأولى من عمر المباراة.

وبعد تسجيل الهدف الأول، أظهر لاعبو تشيلسي تماسكاً وتقارباً بين الخطوط الثلاثة، مستفيدين في الوقت ذاته من عودة ويليان وبيدرو للمساندة الدفاعية.

وقدم ابن أكاديمية تشيلسي بيلي غيلمور، لاعب الفريق اللندني، مباراة للتاريخ. ابن الـ18 ربيعاً استطاع ضبط إيقاع المباراة، وتضييق الخناق على نجم وسط ليفربول فابينيو. متسلحاً بالهدوء التام والنضج الكامل. كما لم يتأثر بخروج زميله في خط الوسط الكرواتي كوفاسيتش في الشوط الأول ودخول ماسون مونت بدلاً منه.

مباراة للنسيان

وفي الناحية المقابلة، لجأ مدرب ليفربول يورغن كلوب إلى خطته المفضلة التي لا تتغير (4-3-3)، واستعان هو الآخر بمجموعة من البدلاء، لكن خط الدفاع المنتهك أغلب فترات المباراة بقي محتفظاً بعناصر الخبرة، في وجود فيرجيل فان دايك وجو غوميز بالعمق، بإسناد من الظهيرين نيكو ويليامز وأندي روبرتسون، والأول لعب مباراة جيدة، وقدم برهاناً على قدراته الفذة، ما قد يرشحه لمنافسة ترينت ألكسندر أرنولد في الناحية اليمنى مستقبلاً. بينما قدم روبرتسون مباراة للنسيان. 

وقدم البرازيلي فابينيو أحد أسوأ عروضه مع ليفربول، الذي بدا مفتقداً بشدة لخدمات قائده المصاب غوردان هندرسون، الذي دائماً ما يُسهم في الربط بين الخطوط الثلاثة، إضافة إلى مساعدته المهمة في صناعة الألعاب.

ولم يقدم الثنائي آدم لالانا والواعد كيرتيس جونز أي مساندة مهمة لخط الهجوم، المكون من ساديو ماني وتاكومي مينامينو وديفوك أوريجي، والأول على وجه التحديد ظهر كأنه لم يلعب لفترة طويلة، فيما تاه الثاني وسط الزحام، ليتأكد أن الوقت مازال مبكراً إشراكه في مباريات مهمة كهذه.

وما عاب كلوب في هذا اللقاء هو تأخره في إجراء التبديلات.

فقد انتظر المدرب الألماني حتى الدقيقة 80 لإشراك الدولي المصري محمد صلاح، رغم حاجة الهجوم لنفس جديد.

ما أسباب الانهيار المفاجئ؟ 

أنت وأنا وكل المتابعين نعلم أن ليفربول قدم عروضاً مزرية خلال الشهر الأخير، وما الخسارة أمام تشيلسي سوى تأكيد على أن هناك الكثير من المشكلات الفنية التي كانت موجودة من قبل، لكن ليس بنفس الوضوح والحدة الحالية. وإذا لم يستطع كلوب حل تلك المشاكل في أسرع فرصة فسيجد نفسه خارج دوري أبطال أوروبا، ولن يتبقى له سوى الفوز بالدوري الإنجليزي. وبذلك سيكون قد ضيع على نفسه فرصة كتابة التاريخ مع واحد من أفضل أجيال ليفربول على الإطلاق.

ليس من ضرب الخيال القول إن أندي روبرتسون وترينت أرنولد هم من أفضل الأظهرة في العالم. والقول إن ترينت ألكساندر أرنولد هو أفضل ظهير أيمن في العالم، وأنه أهم مفتاح لعب في ليفربول ليس نوعاً من الهلوسة أو المحاباة، فهو اللاعب الأكثر مساهمة في أهداف ليفربول هذا الموسم، وعرضياته وتحركاته وتمريراته القطرية، خصوصاً ضد الفرق التي تتمركز في الثلث الأخير من الملعب، كانت مفتاح الفوز لكلوب.

خرجت إحصائية مصدرها شبكة "سكاي سبورتس" عن التمريرات المؤثرة المتتالية التي أدت إلى تسديدات هذا الموسم في الدوري الإنجليزي، ومدى تداخل اللاعبين في تكتيك فريقهم وفق هذا الشق، لتؤكد الأرقام أن جورجينيو هو مهندس أداء تشيلسي، ودي بروين هو عبقري مانشستر سيتي. كل هذه النتائج متوقعة بشدة، لكن المدهش فعلاً فيما نشرته الشبكة العريقة هو أن أرنولد هو المساهم الرئيسي في التمريرات المفتاحية، أو ما يسمى بالـkey passes في فريق ليفربول، بنسبة وصلت إلى 48.8% من إجمالي التمريرات المفتاحية للفريق. ماذا يعني هذا؟ 

إحصائية سكاي سبورت توضح نسبة مساهمة أرنولد في التمريرات المفتاحية لفريقه هذا الموسم.

هذا يعني أن أي هجمة يشنها ليفربول على الخصوم، أو تسديدة يطلقها على مرمى الخصم سيكون مهندس تلك الهجمة هو ألكساندر أرنولد بنسبة 48.8%.   

هذا الموسم، حاول الظهيران فك شيفرات دفاعات الخصوم بإرسال العرضيات، وكان متوسط عدد العرضيات في المباراة الواحدة هو 18 كرة عرضية. ووصلت نسبة نجاح عرضيات روبرتسون إلى 19%، في حين أن نسبة أرنولد وصلت إلى 22%. هذه النسب تعتبر عالية في عالم العرضيات، بل من الأفضل على الإطلاق. لكن المشكلة ليست في العرضيات نفسها، بل إن الفرق قد فطنت إلى اعتماد ليفربول شبه الكلي على الظهيرين، فصارت تضغط على الثنائي إما بغلق المساحات ومنعهم من إرسال العرضيات دون مضايقة أو ضغط. أو بوضع جناح سريع خلفهم يحد من تقدمهم ويستغل المساحات الشاغرة التي يخلفونها وراءهم. وإذا ما فشلت الأظهرة الدفاعية لتلك الفرق في منع الخطر من مصدره، في حال نجح ليفربول في إرسال العرضيات فإن مهاجميه سيجدون غابة من الرؤوس تنافسهم على الكرة. 

في نفس الوقت، يتحرك لاعبو الوسط بدون كرة كمجرد "طُعم" لدفاعات الخصوم أو للقيام بعملية تمويه، لأن ظهيرهم الأيمن الإنجليزي يعرف كيف يلعب التمريرات القطرية، من الطرف إلى العمق، بالتحديد أثناء تمركزه على الخط تجاه مركز اللعب مباشرة بالثلث الأخير، حتى يتسلم فيرمينو ويربط سريعاً مع صلاح وماني، أو تكون الكرة طولية تجاه ماني مباشرة، أو حتى كاسرة للخطوط لتصل إلى صلاح. المهم في كل ذلك أن الظهير الأيمن لا يكتفي بصناعة الأهداف مع فريق كلوب، بل يُسهم بشكل رئيسي في صناعة اللعب، وكأنه الرقم 10 الحقيقي في تكتيك بطل أبطال أوروبا.

الآن، تتضح المشكلة، وهي أن فريق ليفربول يعتمد اعتماداً كلياً على الأظهرة وعندما تختنق الأظهرة يختنق الفريق بأكمله. فخط الوسط لا يمتلك أي قدرة إبداعية، ولا يمتلك لاعباً مراوغاً أو فائق السرعة أو قادراً على تقديم تمريرات بينية للمهاجمين. بل مجموعة من الراكضين وراء الكرة لاستعادتها وتقديمها مرة أخرى إلى الأجنحة. لكن سيميوني قدم للعالم أجمع طريقة إيقاف ليفربول على طبق من ذهب، فخسر الفريق بعدها مباراتين، وفاز في واحدة بشق الأنفس على الضعيف وست هام. وها هو العالم الرياضي ينتظر بفارغ الصبر مباراة العودة ليشهد انهيار ليفربول أو انتفاضة كلوب في وجه الطامعين.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
حذيفة حمزة
كاتب ومحرر
محرر، وباحث في علم الاجتماع الرياضي
أحمد مختار
صحافي رياضي، وكاتب مهتم بالتحليل والحديث عن كرة القدم وقصصها.
صحافي رياضي، وكاتب مهتم بالتحليل والحديث عن كرة القدم وقصصها.
تحميل المزيد