رفض تحقيق حلم والده ودراسة الهندسة.. من هو مساعد مورينيو الذي قد ينقذه من الانهيار؟

عدد القراءات
3,814
عربي بوست
تم النشر: 2020/03/03 الساعة 14:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/04 الساعة 08:22 بتوقيت غرينتش
رفض تحقيق حلم والده ودراسة الهندسة.. من هو مساعد مورينيو الذي قد ينقذه من الإنهيار؟ - GI

من بين الأشخاص الناجحين هناك نوعان أساسيان يمكن التمييز بينهما: الأشخاص الذين وجدوا كل شيء مصفوفاً لهم وطريق النجاح معبد أمامهم منذ ولادتهم. ونوع آخر عاشوا العديد من التجارب وفشلوا بمختلف الطرق، بعضها كان شديد الإحراج، قبل أن يتمكنوا من كسر نمط الفشل وتحقيق نجاحات كبرى.

أعلم أنك تشعر أحياناً بأن الحياة غير عادلة أبداً، وأن الظروف تقيّدك من كل صوب وحدب، وكثيراً ما تختار الاستسلام لظروفك لأنك تعتقد أنها أقوى من مواجهتها، الجميع مر بمثل هذه الحالة بلا أدنى شك. ولكن هناك من استسلم بالفعل وضاعت أحلامه وذاته في خضم الحياة والظروف، وهناك من واجه وقاتل حتى آخر نفس.

في لحظات شرود الذهن تأتيك أقصى طموحاتك كمشهد بسيط داخل عقلك، تحلم عبره بأنك رئيس لبلدك، بأنك لاعب مشهور، بأنك أحد نجوم السينما، لكنك تكتم تلك الأحلام. تنسى بكتمانك بأن الإنسان خُلِق ليحلم من ثم يعمل من ثم يحقق، أنا هنا الآن لأخبرك بقصة شخص لا يختلف عنك كثيراً لكنه الآن أصبح مساعداً للرجل الاستثنائي! 

جواو يشرف على تدريب فريق جامعة شمال ويلز

في قصة تشبهك كثيراً لطالب برتغالي في سن الـ18 يتنفس كرة القدم، يصر بكل عزيمة أن يقنع والده بأن يسمح له بالرحيل إلي ويلز ليتعلم تدريب كرة القدم في جامعة غلامورغان. وكالعادة يأتي الإصرار بفوائده ليسمح له والده بالرحيل ويتخلى عن فكرة أن يكون ابنه مهندساً. حينما وصل الجامعة أخبر الجميع بأنه يوماً ما سيكون مدرباً في دوري أبطال أوروبا.. ظن الجميع أن ذلك مستحيل لكن طموحه أكبر من المستحيل.

وصل ويلز وعانى في البداية من حاجز اللغة لكن ذلك لم يوقفه أبداً حتى أنه الآن يتحدث الفرنسية، الإنجليزية، الإسبانية بطلاقة، مع ذلك الإصرار لاحظ مدير القسم الرياضي ومحاضره في الجامعة بأن ذلك الولد سيكون يوماً ما ذا شأن عظيم.

شغف ذلك الشاب بكرة القدم جعله يعشق التفاصيل، جعله يذهب ويشاهد فرقاً مثل (سترلينغ ألبيون – لفبره – دورهام)،  ليقوم بكتابة وجمع التقارير الكشفية عن تلك الفرق، وتحليل أدائهم، لمعرفة نقاط القوة والضعف لديهم. حتى يكشف لفريق جامعة غلامورغان وسائل بسيطة للتغلب عليهم ،وقد نجح الأمر بشكل واضح، لأنهم في النهاية وصلوا إلى قمة ترتيب المسابقة وفازوا بها. 

عندما يكون الطلاب الآخرون خارج المدينة خلال عطلة نهاية الأسبوع، يكون هو في أحد الأندية المغمورة أو في أكاديمية كارديف، يقوم بتدريب الأطفال، يذهب لمشاهدة مباريات مدربين آخرين، يعمل بجد من أجل التطور كل يوم ، كانت لديه عقلية مختلفة تماماً عن كل الطلاب الآخرين. 

انتهى به الأمر لينشأ مدونة تتحدث عن كرة القدم و تشرح أساليب لعب لمدربين مثل بيب غوارديولا وخورخي جيسوس، بالتأكيد من شاهد تلك المدونة سيتأكد بأن ذلك الرجل يتنفس كرة القدم.

الغرور لا يعرف له طريقاً 

بعد أن أنهى دراسته لم يحب محاضره ديفيد آدامز أن يخسره، لمدى التفاني الذي أظهره في عمله أعطاه مهمة تدريس لطلاب الصف الأول، طلاب الصف الثاني، حين كان في 22 أو 23 من عمره. 

لقد ظن الجميع بأنه سيفشل، لما نعلمه من قصص تعجرف لاعبي الكرة الصغار بأن كلاً منهم يعتقد أنه يفهم كرة القدم أكثر من أي أحد، يعتقد كل منهم بأن من لم يمارس كرة القدم كيف يفيدهم بالنصيحة؟

لكن لم يكن ذلك الحال مع الشاب فقد حصل على الاحترام منذ بداية مسيرته حتى الآن. 

حيث يقول المحاضر ديفيد آدامز:

"جواو لم ير العمر أمامه كعائق من توصيل وجهه نظره إلى اللاعبين، لقد كان يحظى بالاحترام الكامل من زملائه، جواو كان إنساناً ذكياً وشديد الانتباه للتفاصيل.

في النهاية مادمت تقوم بعملك على أكمل وجه، ومادام بوسع اللاعبين أن يروا بأنك تساعدهم، فسوف يحترمونك". 

ويقول سافاج رئيس القسم الرياضي في الجامعة :

"يمكن أن تكون كرة القدم بيئة صعبة ومليئة بالكثير من التحديات، لذا يجب عليك أن تحظى بالاحترام من قبل اللاعبين، جواو كان لديه الحضور المطلوب في غرف تغيير الملابس، وقد دعم ذلك من خلال قدرته على توصيل ما يريده بالضبط إلى لاعبيه".

كابوس بييلسا 

لويس كامبوس آحد أشهر المديرين الرياضيين في أوروبا لاحظه وطلب منه المجيء إلى فرنسا كمحلل أداء في موناكو تحت قيادة غارديم. ومع رحيل كامبوس إلى ليل التحق به صاحبنا، لم يكن يعلم أن العمل تحت قيادة مارسيلو بييلسا سيكون من أصعب المهمات، وكابوسه الأسوأ. 

حينما وصل إلى ليل، وبدأ اسمه ينتشر في فرنسا كانت الصفعة بأن بييلسا كره كامبوس نفسه وظن أن صديقنا هو عين كامبوس في جهازه المعاون. جعله يعمل بشكل مكثف لتنظيم التدريبات الخاصة بالفريق ويعمل طوال الوقت تحت أشعة الشمس، حتى أنه أعطاه مهمة فرعية في الكشافة، لكن صديقنا لم يستسلم أبداً وظل يعمل حتى النهاية. 

جواو ساكرمنتو يشرف على مباراة ليل ضد باريس سان جيرمان

بعد إقالة مارسيلو بييلسا، وتعيين كريستوف غالتيير أصبح جواو مساعداً له، وساهما في تغيير حال الفريق من المنافسة على البقاء للتأهل إلى دوري الأبطال. 

كيفية نقل التحليلات التي كان يقوم بها إلى التدريبات بكل سهولة، وقدرته أيضاً على ابتكار تمارين مصممة خصيصاً لتطوير أسلوب لعب الفريق، هذه الأشياء أحبها كريستوف غالتيير كثيراً، حتى إن قائد الفريق صرح بأن العمل تحت قيادة صديقنا كان ممتعاً إلى أقصي حد. 

مشروع دراسي لتغيير الحياة بأكلمها 

ليس هناك الكثير من المشاريع الجامعية التي تجعل من صاحبها يقف على الخط مع جوزيه مورينيو لكن صديقنا لم يكن طالباً معتاداً، حيث أجرى الشاب مشروعاً تحليلياً لجوزيه مورينيو وأساليب لعبه وطريقة فهمه لكرة القدم من ثم أرسله لمحاضره ديف آدامز. 

من شدة انبهار الرجل بذلك التحليل نصحه بإرساله إلى جوزيه مورينيو مدرب إنترميلان في ذلك الحين، نفذ ساكرامنتو نصيحة محاضره وكانت النتيجة مذهلة، غيرت من مجرى حياته، حينما رد عليه مورينيو بأنه قد قام بعمل رائع ولابد أن يستمر بفعل هذا، لتكون تلك نقطة الاتصال الأولى بين كلا الرجلين. 

بعد 9 أو 10 سنوات بعدما نسي الجميع ذلك البحث، يأتي مورينيو ليشاهد تطور ذلك الشاب في ليل ويطلب منه مشاركته فنجان قهوة، مرت ساعات وهما يتناقشان فيها حول كرة القدم؛ حول مفاهيمهما لتلك اللعبة،  ليتخذ مورينيو قراره بأن ذلك الشاب سيكون مساعده الأول في منصبه القادم. 

جواو يتشاور مع جوزيه

ليعرف بعدها العالم مدى ذكاء ذلك الشاب وحبه للتفاصيل، حينما سجل توتنهام هدفاً في الدقيقة 90 والجميع يحتفل، ركض إلى معلمه مورينيو ينصحه بالتبديل السريع للحفاظ على النتيجة. 

قد تكون أنت النجم القادم 

لعلك لاحظت بأني لم أستخدم اسم ذلك الشاب أبداً لأني أردت أن أخبرك بأن ذلك الشاب قد يكون أي أحد قد يكون أنت، لست هنا لأخبرك بمسيرة رائعة لشاب عمل مع مورينيو، رانييري، غارديم لكني هنا لأجعلك تحلم بأنك قد تكون "جواو ساكرامنتو" مساعد مورينيو القادم في مجالك.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد الزير
طالب بكلية الطب ومدون رياضي
طالب بكلية الطب ومدون رياضي
تحميل المزيد