لاعب كبير ومدرب صغير.. كيف تسبب لامبارد في خسارة فريقه أمام بايرن ميونيخ؟

عدد القراءات
1,367
عربي بوست
تم النشر: 2020/02/26 الساعة 12:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/02/26 الساعة 12:35 بتوقيت غرينتش
لاعب كبير ومدرب صغير.. كيف تسبب لامبارد في خسارة فريقه أمام بايرن ميونيخ؟

فرانك لامبارد، لاعب كبير بتاريخ حافل، هذه بديهة من البديهيات. لم أقُل أي جديد، لكنها حيلة نفسية شهيرة، تجعلك تتقبل النقد القادم لأفكار وإدارة لامبارد لمباراة فريقه أمام بايرن ميونيخ في ذهاب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا. المباراة التي تلقى فيها الفريق اللندني درساً في فنون الكرة على يد البافاري وخسر بنتيجة 0-3 على أرضه وبين جمهوره. لذا، دعنا نتطرق للأمر من هذه النقطة ونتساءل: هل فرانك لامبارد لاعب كبير بتاريخ حافل أم مجرد مدرب صغير واعد؟

إجابتك هي النقطة المحورية في الحديث، فإذا تطرقنا للأمر من جهة لامبارد الأسطورة فلن نتطرق له من الجهة المنطقية والواقعية وهي لامبارد الصغير الواعد. فالأولى تغفر الثانية في الوقت الحالي، عند وسائل الإعلام أو عند الجماهير، وتحديداً جماهير البلوز. الأمر ليس كارثياً لتلك الدرجة؛ إذ إن لامبارد اللاعب الكبير يساعد لامبارد المدرب الصغير، كون الأول يفهم خبايا عالم كرة القدم التي أمضى فيها حياته. لكن هذه النجومية في الملاعب تضع الكثير من الأضواء والأعين على لامبارد سواء من الجماهير أو وسائل الإعلام، فالجميع يتساءل هل سينجح أم سيفشل؟ عكس المدربين المغمورين، فيزداد الضغط ويصبح مطالباً بتحقيق نتائج جيدة تناسب طموحات الإدارة والجماهير، فيختفي الصبر، ويقل وقت التعلم والتطور.

هل فرانك لامبارد لاعب كبير بتاريخ حافل أم مجرد مدرب صغير واعد؟

الأمر كالدائرة الكهربية، لديها نقطة بداية ونهاية، لكن لا يوجد فرق بين الاثنين ضمنياً، فنقطة البداية تمثل النهاية بالتبعية. وهذا هو لامبارد، لاعب كبير، لكن ليس شرطاً أن يكون كذلك كمدرب. كلامي هذا لا يتنافى في المضمون مع لامبارد المدرب؛ هو ذو تفكير جيد لأقصى درجة، التفاصيل لا تحكم عليه بالهروب إنما بالمواجهة، يتصرف بواقعية شديدة، لكن مازال هناك بعض الحِنكة والخبرة التي تنقصه، لذا فإطلاق العبارات التنافسية والحماسية عما يقدمه كمدرب ليس فعلاً واقعياً وإنما من الأوهام.

سجل سيرجي جنابري ضد كل كبار لندن، صدفة أم للأمر تفسير آخر؟

نقص الخبرة والضغط على لامبارد ظهرا بالأمس بشكل فج. لعب الإنجليزي بنفس الخطة التي لعب بها ضد توتنهام (3-4-2-1)، بمبرر أنها أتت بالنفع ضد الأخير، لكنها ستودي به إلى المهالك أمام رفاق ليفاندوفيسكي. تتركز نقطة قوة بايرن ميونيخ الأولى والتي تجعله من أقوى فرق أوروبا هجومياً هذا الموسم في أطراف الفريق وسرعتهم وحدتهم تجاه المرمى في التحولات الهجومية في حال حصولهم على المساحات.. لذلك قرر لامبارد إعطاءهم المساحات.

تألق جنابري وسجل هدفين

الزج بباركلي وماونت في مباراة كتلك لم يُجدِ نفعاً من البداية، الثنائي يقومان بنفس الأدوار. اعتمد الإنجليزي منذ البداية استراتيجية رد الفعل ضد بايرن ميونيخ، فلعب كوفاسيتش أمس دور الريجيستا في بناء الهجمة، الكرواتي يأخذ الكرة من الخط الدفاعي ويمررها لألونسو على اليسار، يدخل الإسباني لداخل الملعب لكي يسحب بافارد الظهير الأيمن للبافاري من تمركزه، ويستغل ماونت أو باركلي المساحة الخالية على اليسار بالتمرير بينياً لچيرو داخل المنطقة.

مدرب البافاري هانز فليك لم يقف مكتوفاً اليدين، رد الألماني بخلق حالة مشابهة مع استغلال للمنطقة الخالية في العمق الدفاعي لتشيلسي بسبب توظيف لامبارد المخل للاعبيه. يأخذ كيميتش الكرة ويمررها لألكانتارا ويعود الألماني للخلف، حينها يتحرك مولر بين أنصاف المساحات في الخط الدفاعي لتشيلسي بين كريستنسن وسيزار أزبيليكويتا، ويتحرك الظهير الأيسر ديفيز للأمام ويتحول جنابري إلى مهاجم ثانٍ مع ليفاندوسكي لزيادة الكثافة العددية في منطقة الجزاء. حينها يتكلف ألكانتارا بكسر خط ضغط تشيلسي في الوسط بتمرير الكرة لمولر الذي يستغل عدم ضغط الخط الدفاعي بالتمرير لكومان الذي يستغل ضعف الارتداد الدفاعي لألونسو.

كمية مهولة من الأخطاء الفردية والتكتيكية وقع فيها تشيلسي سمحت باستباحته أمام جماهيره. 

النقطة المحورية في ذلك هي أسلوب الضغط الذي يتبعه لامبارد. في تجربته مع ديربي كاونتي قدم نموذجاً فريداً في الجمع بين الأسلوب والفكر الخاص والواقعية والنتائج. تقصى المحلل جوش ويليامز الإيجابية في أسلوب لعب لامبارد، فوجده ثاني أكثر فريق في الشامبيونشيب يضغط من الأمام، خلف ليدز يونايتد بقيادة مارسيلو بيلسا، وذلك وفقاً لوحدة قياس الضغط في كرة القدم (PPDA) التي تعبر عن العلاقة بين عدد تمريرات الفريق المستحوذ، وعدد التدخلات الدفاعية التي منعته من إكمال تلك التمريرات.

لم يختَر لامبارد هذا الأسلوب في الضغط ضد البايرن رغم تألقه به في السابق، اكتفى فقط بضغط متوسط وعدم ترك المساحات خالية خلف اللاعبين، فاستحوذ لاعبو بايرن ميونيخ على الكرة وكأنهم في أليانز أرينا، وسجلوا هدفين في بداية الشوط الثاني من إمضاء جنابري.

"جناح يواجه وجناح حر".. هذه كانت طريقة لعب المدرب فليك لمواجهة ذلك النوع من الضغط، والتي جاء منها الهدفان تباعاً. ونتيجة لتلك الطريقة، أجبر  كومان ألونسو على التقدم لمواجهته لغلق المساحة التي ستكون مفتاح الأول في التألق على الطرف، لذا كان الترحيل من لاعبي بايرن ميونيخ على اليمين بالتبعية، مع إضافة بسيطة وهي بقاء سيرجي جنابري على اليسار وأريحيته في الدخول للعمق بعد تمركز ديفيز على الطرف، وذلك لتحويل الكرة على اليسار في المساحة الخالية بعد انشغال لاعبي تشيلسي بالرقابة على اليمين، خصوصاً أنه لم يوجد مَن يساند سيزار أزبيليكويتا في التغطية العكسية.

تحركات لاعبي بايرن ميونيخ في الشق الهجومي

مع كل ذلك ظهرت المساحات خلف مدافعي بايرن ميونيخ الذين تقدموا لخطف المباراة، لكن الغريب من لامبارد هو تأخر إدخال ويليان سلاح التحولات الهجومية الأول للمدرب الإنجليزي بدلاً من روس باركلي، وحتى مع دخوله لم يفعل شيئاً يُذكَر؛ لأن كل شيء كان قد انتهى. كان لابد من دخوله من البداية، مع تحرك ماونت بين أنصاف المساحات في دفاعات بايرن ميونيخ لسحب مدافع معه للخلف بدون كرة وخلق مساحة لويليان على اليمين خصوصاً في ظل تقدم ديفيز.

ألفونسو ديفيز هو نجم لقاء الأمس، قدم مباراة رائعة هجومياً، مع ارتداد دفاعي جيد في مرتدات تشيلسي. من البداية شهدت مسيرة الكندي تحولاً جذرياً بعد أن تعاقد معه نيكو كوفاتش كجناح أيسر من الدوري الأمريكي لتعويض ريبيري مستقبلاً، لكن فجأة تم تحويل مركزه كظهير أيسر، ويستثمر فليك في مستواه بنفس التوظيف.

ديفيز يعبث بكريستنسين

ديفيز تم اختياره في التشكيلة الرسمية لمرحلة المجموعات في دوري أبطال أوروبا من موقع WhoScored، وتم اختياره كثالث أفضل لاعب في تلك المرحلة بعد ليفاندوفسكي أولاً وميسي ثانياً.

موهبة قادمة لغزو أفضلية مركز الظهير الأيسر بالاستمرارية، على طريقة مارسيلو، لأن البرازيلي فكرة، والفكرة لا تموت.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد حبيب
كاتب رياضي
كاتب رياضي
تحميل المزيد