فضائح الكرة المصرية لا تنتهي.. من يوقف مرتضى منصور؟

عدد القراءات
2,156
عربي بوست
تم النشر: 2020/02/24 الساعة 12:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/02/25 الساعة 08:25 بتوقيت غرينتش
فضيحة كأس السوبر: كيف وصلت الكرة المصرية إلى هذا الانحطاط؟ هؤلاء باعوها بتراب الفلوس

بينما يحتفل الألمان (إحدى أغنى دول وشعوب العالم) بارتفاع إيرادات التذاكر في ملاعب أندية الدوري الألماني لكرة القدم (البوندسليغا) في الموسم الماضي لتتخطى النصف مليار يورو، وتجاوز عائدات البوندسليغا حاجز الـ 4 مليارات يورو في رقم قياسي غير مسبوق.

يفكر المسؤولون عن الكرة في مصر (إحدى أقل دول العالم في الدخل الثابت للمواطن) في التوسل لدى سلطات الأمن لإعادة الجماهير إلى ملاعب الكرة في مباريات الدوري المحلي ولو على مراحل متدرجة.

كرة القدم علم وصناعة واقتصاد ومكاسب ومتعة وترفيه وسياحة ورقي وانضباط وحضارة في دول العالم المتقدم.

بينما تركع اللعبة الشعبية الأولى عالمياً وعربياً لكل عناصر الضغط والتسييس والسيطرة والخنوع للنظام في مصر.

إيرادات الدوري الألماني – Insidefootballworld

المشهد القادم من أبوظبي، مساء الخميس الماضي، من مباراة كأس السوبر المصرية كان محزناً ومخزياً في نفس الوقت.

الحزن يأتي من وجود بضاعة مصرية مئة بالمائة من لاعبين في أرض الملعب ومن حوالي 30 ألف متفرج في المدرجات بينما التاجر أو الصانع أو البائع أو الناقل أو صاحب الحقوق الاقتصادية ليس له علاقة بمصر، ولكنه يعرف بمهارة و "شطارة" أن يستغل تلك البضاعة ليحقق النجاح المالي والدعائي بشكل كامل.

نفس المباراة في نفس البطولة بنفس الفريقين أقيمت في الإسكندرية قبل 7 شهور وخرجت بفشل ذريع اقتصادياً وإعلامياً وسياحياً وتسويقياً.. لأن الفارق شاسع بين من يعمل للنجاح ومن يفكر فقط فى مصالحه الشخصية الضيقة وفي إرضاء أولي الأمر من أهل السياسة والحكومة ووزارة الداخلية.

لكن الأمر في مباراة سوبر مصر في أبوظبي لم يقف عند حدود الحزن، ولكنه امتد إلى الخزي والعار.

سلوكيات المسؤولين التي سبقت المباراة كانت عاراً عليهم وعلى مصر، لاسيما من رئيس نادي الزمالك. أما ما حدث بين اللاعبين خلال وبعد المباراة فقد كان فضيحة عالمية للإنسان المصري وليس اللاعب أو الفريق فقط.

فور إحراز اللاعب عبدالله جمعه للركلة الترجيحية الأخيرة التي ضمنت الفوز والتتويج للزمالك انطلق اللاعب كالفهد الجائع بأقصي سرعة صوب النصف المخصص لجماهير الاهلي بإشارات بالغة السوء والاستفزاز. ولاحقته أمطار من الزجاجات الفارغة وما تصل إليه أيادي الجماهير وإذا بمحمود كهربا لاعب الأهلي (وهو لاعب سابق بالزمالك) يلاحقه لتأديبه. وتنشب معركة حامية الوطيس بين اللاعبين الأساسيين والاحتياطيين وعدد من الإداريين وسط ذهول المحايدين من الأجانب. وفور اندلاع الأزمة أصبحت مهمة كل لاعب البحث عن أي لاعب منافس للاعتداء عليه حتى ولو لم يكن طرفاً في المعركة. وهو ما تجلى في اعتداء اللاعب إمام عاشور على وليد سليمان بالركل بشكل شيطاني وكأن بينهما ثأراً قديماً وحانت لحظة رد الاعتبار.

أما الانحطاط الأكبر فكان من كبير الزمالك وقائده شيكابالا (37 عاماً) والذي اشترك احتياطياً في نهاية اللقاء ولم يلمس الكرة مرتين ولم يشارك في ركلات الترجيح. ولم يكن له أي دور في الفوز الذي حققه فريقه بكأس السوبر.. فتوجه شيكابالا عاري الصدر إلى مدرجات الأهلي باحثاً عن أعلى درجات الاستفزاز.. وأتى بعدد من الحركات، التي يعاقب عليها القانون، وكررها عدة مرات متتالية، متناسياً أن حركاته غير الأخلاقية تصل إلى عيون الأطفال والنساء.

استفزاز شيكابالا وعبدالله جمعة لجماهير الأهلي- المصري اليوم

وكم كان الأمر مخزياً في المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة عندما قال السويسري رينيه فايلر، المدير الفني للأهلي، بكل صراحة وقسوة: أنتم لا تعرفون شيئاً عن الروح الرياضية.. لا الفائز ولا الخاسر.. كرة القدم رياضة تنتهي بثلاث نتائج وعلينا قبولها دون خروج عن النظام.

ثم توجّه للصحفيين قائلاً: أنتم تسألون أسئلة حادة جداً وتقومون بعمل لا علاقة له بالصحافة. وإذا كان ذلك هو مفهومكم عن كرة القدم فلا أجد حرجاً أن أعلن لكم أنني لا أفهم كرة القدم.

عمق المأساة الرياضية والأخلاقية في مباراة كأس السوبر المصرية لم ينتهِ.. فعندما انتظر الجميع معرفة تقرير المباراة للاعلان عن اللاعبين والاداريين المتورطين في جريمة الشغب من شاهد عيان في الملعب. كانت المفاجأة.. مراقب المباراة جمال الغندور وهو رئيس لجنة الحكام لم يحضر المباراة بل لم يسافر أساساً إلى أبوظبي؛ لأنه كان مشغولاً في عضوية لجنة حكام بطولة ودية للشباب في السعودية. وما ينتظره من مال في البطولة العربية الودية التي تمتد لأسبوعين أكثر جداً مما يناله عن مراقبة مباراة واحدة.

آخر المهازل هو ما فعله رئيس الاتحاد عمرو الجنايني (وهو عضو مجلس إدارة سابق في نادي الزمالك) فقد احتفل بفوز فريقه المحبب على منصة التتويج. وقام باحتضان شيكابالا كابتن الزمالك المتورط علناً في فضيحة الإشارات البذيئة، وكأنه يحميه من أي اتهامات.

ببساطة كرة القدم لعبة رائعة في كل مكان في العالم إلا عندما تتحول إلى مجرد أداة بأيدي الفاسدين.

وعندما يكون المسؤولون عن وزارة الرياضة وعن اتحاد كرة القدم أضعف من مواجهة رئيس نادي الزمالك الذي يكيل للجميع أقذع الألفاظ وأبشع الاتهامات فلا تنتظر من الكرة شيئاً ولا نجاحاً.

مصر مارست كرة القدم في منتصف القرن التاسع عشر وتأسست بها الأندية في مطلع القرن العشرين وشاركت في الألعاب الأولمبية في إمستردام 1920 وفي نهائيات كأس العالم 1934 في إيطاليا.. وصدرت اللاعبين المحترفين إلى أندية أوروبا لاسيما إنجلترا وفرنسا منذ عام 1911.. ولكنها لم تستفد من ريادتها ومن تعدادها ومن شعبية أنديتها ونجومها.. وتراجعت الكرة المصرية في كل شيء حتى صارت عاجزة عن مواكبة التقدم في إفريقيا وآسيا.

وها هو الاتحاد الإفريقي يعلن عن تنظيم المباراتين النهائيتين لبطولتي دوري الأبطال وكأس الكونفيدرالية في ملاعب محايدة في مايو/أيار المقبل.. ويطلب من الدول التقدم لتنظيمها وحدد يوم 20 فبراير/شباط موعداً نهائياً لطلبات التقدم.. وأغلق الباب ولم يتقدم سوى تونس والمغرب بينما مصر التي تملك أكبر ملعبين في شمال إفريقيا (ملعب القاهرة الدولي وملعب برج العرب بسعة تزيد عن 70 ألف متفرج لكل منهما) احتجبت واكتفت بالمشاهدة رغم وجود أربعة أندية مصرية (رقم قياسي في البطولتين) ضمن المتأهلين لنهائيات البطولتين. 

كرة القدم في مصر هي العشق الأكبر لخمسين مليون مواطن.

تحولت إلى سلعة يبيعها مالكوها بتراب الفلوس.

علاء صادق هو ناقد رياضي مصري وحكم كرة قدم محلي سابق.
له 58 كتاباً رياضياً فى الاسواق، ظهر أولها عام 1974 بعنوان "الدورى المصري تاريخ وحقائق"
أسس 9 صحف رياضية أشهرها أخبار الرياضة وميدان الرياضة وساهم فى تأسيس 3 قنوات رياضية ابرزها ART.
عضو سابق فى لجنة الاعلام بالاتحاد الافريقي وعضو سابق فى الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علاء صادق
ناقد رياضي مصري
ناقد رياضي مصري
تحميل المزيد