الإيقاف الأوروبي وسحب لقب البريميرليغ 2014 ومنحه لليفربول.. هكذا تلاعب المُلاك الإماراتيون بعقود الرعاية ومستقبل مانشستر سيتي

عدد القراءات
1,920
عربي بوست
تم النشر: 2020/02/18 الساعة 14:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/02/18 الساعة 14:21 بتوقيت غرينتش
الإيقاف الأوروبي وسحب لقب البريميرليغ 2014 ومنحه لليفربول.. هكذا تلاعب المُلاك الإماراتيون بعقود الرعاية ومستقبل مانشستر سيتي

عندي عدد غير قليل من الأصدقاء المقربين من عشاق نادي مانشستر سيتي بل إن بينهم مَن هو بمثابة الابن الغالي.

ولكنني لم أشعر بالأسف مطلقاً على النادي ومشجعيه عند إعلان القرارات أو العقوبات العنيفة التي وقَّعها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا لنستخدمها في بقية الموضوع) على النادي الإنجليزي لخرقه السافر لقواعد اللعب المالي النظيف بين عامَي 2012 و2016.

والعقوبات هي الأقسى على أي نادٍ في تاريخ الكرة الأوروبية في ذلك الجانب.. ويمنع مانشستر سيتي من المشاركة في كل البطولات الأوروبية لمدة عامين متتاليين اعتباراً من الموسم المقبل. كما يدفع النادي غرامة مالية قدرها 30 مليون يورو للاتحاد القاري. وسبق لليويفا أن عاقب مانشستر سيتي "السيتيزينز" في السنوات الماضية بغرامات متنوعة تجاوزت 45 مليون يورو وتقليل عدد اللاعبين المسموح له قيدهم في قائمته الأوروبية قبل عامين.

الجريمة هي إنفاق مئات الملايين من الدولارات أو اليورهات أو الجنيهات الإسترلينية خلال السنوات بين 2012 و2016 لشراء أحسن اللاعبين من أندية العالم بأسعار باهظة (بعضها مبالغ به لخنق أي منافسة محتملة من أندية أخرى) بينما لم يتمكن النادي من تحقيق إيرادات مشروعة تعادل الأموال التي أنفقها. وتنص لائحة اللعب المالي النظيف في أوروبا على ضرورة عدم تجاوز أي نادٍ حاجز ميزانيته وإيراداته في عمليات الإنفاق حتى لا تتحول الأندية الأوروبية إلى مجرد دكاكين يديرها أثرياء حول العالم. ورغم أن مانشستر سيتي تقدم بميزانياته عن السنوات الخمس موثقة ومعتمدة من الجهات القضائية والرياضية في إنجلترا، إلا أن الاتحاد الأوروبي شكك في صحة أرقام الرعاية المقدمة من شركات إماراتية خلال تلك الفترة، مثل طيران الإمارات ومؤسسات أخرى في إمارة أبوظبي. ويعتمد اليويفا على أن الأرقام المقدمة للرعاية تفوق كثيراً التقديرات الطبيعية للرعاية التي نالها النادي نفسه من رعاة آخرين من خارج الإمارات في تلك الفترة.

إدارة السيتيزينز وهي إنجليزية بنسبة مائة بالمائة رغم أن مالك النادي الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، الشقيق الأصغر لنائب رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد وهو حاكمها الفعلي، بادرت على الفور بتقديم احتجاج للاتحاد الأوروبي ومعارضة في المحكمة الرياضية الدولية في جنيف تلتمس إلغاء العقوبات التي لم تستند على أدلة دامغة (من وجهة نظر النادي)، كما طعن السيتيزينز لدى المحكمة في خرق يويفا ولجانها المتنوعة للإجراءات القانونية الواجب اتباعها في تلك الحالات. وأخيراً إلى عدم أهلية رئيس اللجنة التي حاسبت وعاقبت النادي بدعوى أنه سبق الجميع في إعلان أحكامه ضد السيتيزينز في حوارات صحفية متعددة. وهو ما يناهض المبدأ القانوني أن القاضي لا يجوز له الحكم في أي قضية بسابق علمه.

الشيخ منصور بن زايد آل نهيان رفقة غوارديولا

في إنجلترا يبدو الرأي العام لاسيما المناصر لمانشستر سيتي يرى أن فرصة إجهاض عقوبات يويفا كبيرة جداً لاسيما أن المعارضة المقدمة للمحكمة الرياضية مستندة على أدلة واضحة لخرق الإجراءات (دون الدخول في تفاصيل الجريمة الأساسية أي خرق النادي لقواعد اللعب المالي النظيف). لكن الاتجاه المعاكس في القضية ألا وهو اعتماد المحكمة الرياضية لعقوبات اليويفا سيودي بالنادي الفائز لموسمين متتاليين  بالبريميرليج إلى هاوية مالية وتسويقية واجتماعية ورياضية غير مسبوقة. وقد تهبط أسهمه في أسواق المال لدون قيمتها الحالية بأقل من خمسين بالمائة وهي التي اهتزت فعلاً خلال الأسبوع الجاري.

لكن الخسائر المالية مهما تعاظمت لا تؤثر على نادٍ مالكه أحد أغنى الشخصيات في العالم، بل هو الأغنى على الإطلاق بين مالكي كل أندية العالم. ويمتلك الشيخ منصور قلعة رياضية تحت مسمى (سيتي فوتبول جروب) وهي تمتلك الآن سبعة أندية أكبرها وأشهرها مانشستر سيتي، لكنها أضافت إليه نيويورك سيتي الأمريكي ويوكوهاما سيتي الياباني وملبورن سيتي الأسترالي ومونتفيديو سيتي الأوروغوياني مومباي سيتي الهندي وجيرونا الكاتالوني في إسبانيا وسيشوان جيونيو الصيني. وهي بصدد توسيع محفظتها الخاصة بالأندية لتصل إلى 20 نادياً خلال عقد من الزمان، والمفاوضات قطعت خطوات عملاقة مع عدد من الأندية في البرتغال والمكسيك والإكوادور وجنوب إفريقيا وماليزيا وفرنسا (سانت اتيين هو المرشح) ولعل نادي بيراميدز المصري المملوك حالياً للإماراتي الشامسي هو الأقرب للدخول في المحفظة في أكبر الدول العربية والإفريقية وأعرقها في كرة القدم. ولا يضير المالك الأغنى في العالم أن يدفع نصف مليار يورو غرامات نظير رفع العقوبات عن السيتيزينز وتبرئته من الاتهامات والعقوبات.

الكارثة التي تنتظر السيتيزينز ترتكز على مستندات بالغة الوضوح والدقة صادرة من إدارة النادي ومسجلة في دفاتره. وقد تعرض النادي لاختراق من أحد البرتغاليين البارعين في عمليات الاختراق "الهاكينغ" وتمكن من الوصول إلى الأدلة وقام ببيعها على الفور إلى مجلة دير شبيغل الألمانية الأسبوعية واسعة الانتشار. وهو ما جعل المخالفات في متناول القاصي والداني وكلها أصلية وكلها صحيحة ولا تقبل الجدل أو الدحض. ورغم أن ذلك الشخص البرتغالي تم القبض عليه وأدانته المحكمة ودخل السجن فعلاً لكن آثار الاختراق تدوي الآن في كل مكان في العالم. 

الهاكر البرتغالي روي بينتو

الكارثة لن تقف عند حدود عقوبات يويفا والطرد من أوروبا لعامين والغرامة المالية الباهظة، ولكن التداعيات بدأت بإعلان الجهة المنظمة للبريميرليغ عن انتظارها لنتيجة المحكمة الرياضية وإذا ثبتت الإدانة وبقيت العقوبات، سيتبعه خصم نقاط من الاتحاد الإنجليزي للنقاط من مانشستر سيتي في المواسم التي خالف خلالها اللوائح. وهو ما يعرضه لفقدان لقب البريميرليج الذي حصل عليه عام 2014، ويذهب اللقب عندئذ إلى ليفربول بل وتذهب معه كل الأرباح المالية المتنوعة التي حصدها السيتيزينز بعد تتويجه.

ولن يقبل كل نجوم مانشستر سيتي ومدربه الإسباني بيب غوارديولا بالبقاء داخل النادي الإنجليزي لمجرد الانخراط في مسابقات محلية لا تتسع لها نوافذ الإعلام العالمي. ولدى الفريق 12 لاعباً تمتد عقودهم لما بعد عام 2022 أي أن الحرمان سيشملهم طوال تلك الفترة، وإذا رفض النادي انتقالهم أو الاستغناء عنهم قد يلجأ بعضهم إلى المحاكم أو إلى الاتحادين الأوروبي والإنجليزي للحصول على حرياتهم الرياضية.

مانشستر سيتي يواجه كارثة غير مسبوقة.. هو الأول عالمياً.. ولكنه لن يكون الأخير.

علاء صادق هو ناقد رياضي مصري وحكم كرة قدم محلي سابق.
له 58 كتاباً رياضياً فى الاسواق، ظهر أولها عام 1974 بعنوان "الدورى المصري تاريخ وحقائق"
أسس 9 صحف رياضية أشهرها أخبار الرياضة وميدان الرياضة وساهم فى تأسيس 3 قنوات رياضية ابرزها ART.
عضو سابق فى لجنة الاعلام بالاتحاد الافريقي وعضو سابق فى الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاءات كرة القدم.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علاء صادق
ناقد رياضي مصري
ناقد رياضي مصري
تحميل المزيد