مرة أخرى نحو ملعب الواندا ميتروبوليتانو، لكن هنا وصل كلوب بأبنائه وهم أبطال أوروبا للمرة السادسة، متصدرين للدوري الإنجليزي بدون خسارة بفارق 25 نقطة عن أقرب منافسيهم. أما المستضيف فليس في أفضل أحواله بعد الخروج من الكأس، ومبتعداً بفارق 13 نقطة عن متصدر الدوري الإسباني ريال مدريد، لذلك يدخل سيميوني هذه المعركة كأمله الوحيد في إنقاذ موسمه.
هيا نبدأ تفاصيل هذه المعركة!
أتلتيكو مدريد في نسخته السيميونية من الأندية التي تعتمد على استحواذ المساحات بدلاً من الاستحواذ على الكرة، لو سمحت لهم بالاستحواذ على الكرة سيتورط الفريق لأن أكبر مميزاته في الدفاع عن مرماه وليس كسر خطوط الخصم.
نتيجة لذلك، يواجه يورغن كلوب معضلة فيما يتعلق بنهج المباراة.. هل يترك الكرة لسيميوني ثم يضربه بالتحولات السريعة؟ أم يستحوذ على الكرة محاولاً كسر خطوط أتلتيكو مدريد الدفاعية؟
أتوقع أن كلوب سيفضل الاستحواذ على الكرة لأن فريقه متميز في الضغط العكسي وسيكون قادراً على كبح تحولات ومرتدات أتلتيكو مدريد.
أتلتيكو مدريد دائماً ما يبدأ مبارياته معتمداً على الرسم التكتيكي 4-4-2 رفقة الضغط المتوسط أو ما يسمى بال medium – block محاولاً البقاء ضيقاً في الملعب سواء أفقياً أو عرضياً من ثم إغلاق عمق الملعب وأنصاف المساحات عبر الأجنحة، أيضاً الأجنحة ليس لديها أية مشكلة في أن تتحرك تجاه خط التماس ما إذا وصلت الكرة لظهير الخصم للضغط عليه.
ما إذا وصلت الكرة للمناطق الواسعة من الملعب بجانب خط التماس ستكون مهمة أتلتيكو أسهل في حرمان خصومه من التمريرات الأمامية وإجبار الخصم على تحريك أكثر من لاعب للخلف لتجاوز خطوط ضغط أتلتيكو مدريد، هنا يفقد الخصم طول الملعب فتظل خطوط أتلتيكو مدريد متقاربة، ويفقد الخصم القدرة على ضرب دفاع أتلتيكو مدريد من الخلف.
كيف سيحاول كلوب كسر تلك الخطوط؟
كلوب سيحاول بأقصى ما يملك أن يبقى الجناح محله فاتحاً عرض الملعب والظهير أيضاً متقدماً قليلاً لسحب خط ضغط أتلتيكو مدريد الثاني بعيداً، لكنه سيعتمد على سقوط أحد متوسطي الميدان أو الارتكاز كمدافع ثالث لضمان أكبر قدر ممكن من مسارات التمرير دون سقوط أي من مهاجمي ليفربول وحرمان ليفربول من عمق وطول الملعب، كما فعل زيدان أمام أتلتيكو مدريد نفسه بإسقاط توني كروس كثالث قلب دفاع.
هدف كلوب بسقوط فابينيو مثلاً كقلب دفاع ثالث، لن يكون باختراق من العمق بل إجبار أحد أجنحة أتلتيكو التحرك ومراقبته ومنعه من التقدم من ثم تحويل الكرة سريعاً نحو الظهير والاختراق من طرف الملعب واختراق أنصاف المساحات.
طريقة أخرى أتوقع أن يعتمد عليها كلوب في كسر خطوط ضغط أتلتيكو مدريد، هي سقوط فيرمينو والمساندة في عملية البناء وسحب أحد قلوب الدفاع وراءه ومن ثم ضرب تلك المساحة بتحركات صلاح وماني الأمامية.
تلك العملية مشابهة لعملية غوارديولا وأغويرو أمام مورينيو الذي اعتمد على نفس المبادئ الدفاعية الخاصة بسيميوني.
دور الأظهرة وأنصاف المساحات
لقد قرأنا العديد والعديد من التحليلات التي تخبرنا بمدى أهمية أظهرة ليفربول وأنهم صناع ألعابه، لذلك سيكون على سيميوني إما حرمان أظهرة كلوب من الكرة أو حرمانهم من مسارات التمرير وإجبارهم على العرضيات الطائشة.
لكن ماذا لو وصلت الكرة للأظهرة عن طريق عملية ضغط فاشلة من أتلتيكو مدريد؟
يظهر هنا دور اختراق أنصاف المساحات لأن ظهير الخصم سيترك مناطقه وسيتقدم قليلاً لمقابلة ظهير ليفربول، سواء تحرك فيرمينو في أنصاف المساحات أو أن تصل الكرة لمحمد صلاح وماني بين الخطوط بزاوية جسد ومساحة ممتازة للتصويب أو إعطاء تمريرة مفتاحية في ظهر دفاع أتلتيكو مدريد.
سلاح ليفربول السري.. الكرات الثابتة
إحدى أهم مميزات ليفربول في الموسم الحالي هي تعاملهم مع الكرات الثابتة، أمام أتلتيكو مدريد أيضاً سيجد الفريق تقنياته في التعامل مع الكرات الثابتة فعالة لأن أتلتيكو مدريد يعتمد على دفاع رجل لرجل بشكل كلي.
لسنا هنا للحديث عن تقنيات التعامل مع الركنيات، لكن رغم تألق لاعبي أتلتيكو هوائياً وقدرتهم على الاستباق إلا أن هناك العديد من التقنيات يمكن استخدامها أمامه، وقد شاهدنا ذلك قبل ثلاثة أيام عندما فعلها فالنسيا.
فالنسيا أمام أتلتيكو قرر إبقاء لاعب وراء حارس المرمى أي أن حارس المرمى سيبقي حاجزاً بينه وبين مراقبه من ثم الاعتماد على أن تصل الكرة لذلك اللاعب في المساحة عبر سحب جميع مدافعي أتلتيكو مدريد بعيداً عن المرمى.
واستطاع فالنسيا تسجيل هدف في أتلتيكو مدريد من ركلة ثابتة بتلك البساطة.
هناك قدر كبير من الأساليب المختلفة التي يمكن أن يخطط لها كلوب في الركلات الثابتة، لكن سيكون لزاماً عليه أولاً سحب قلب الدفاع الأوروغوياني خيمنيز بعيداً عن المساحة المستهدفة، سنرى فان دايك يركض لتشتيت خيمينيز وسحبه من ثم إيصال الكرة في تلك المساحة التي تم إخلاؤها.
الضغط العكسي هو الحل!
مسار المباراة معروف، ليفربول سيعاني لكسر خطوط أتلتيكو مدريد، لكن المعاناة الأكبر ستكون في كبح تحولات سيميوني السريعة، لأن أتلتيكو مدريد هو أحد تلك الفرق القادرة على خلق خطورة من أي تحول سواء بالركض السريع أو لعب كرة طويلة نحو أبعد مهاجم في الملعب، لذلك سيكون فابينيو مكلفاً بإبعاد ذلك الخطر ومحاولة كسب الكرة الثانية سريعاً وحرمان أتلتيكو مدريد من تحولاته.
سيكون لزاماً على كلوب أيضاً أن يبقى ملعبه ضيقاً أثناء تحول أتلتيكو عبر الضغط العكسي السريع على حامل الكرة وحرمانه من جميع مسارات التمرير لاستعادة الكرة سريعاً.
لعبة الاحتمالات.. سيناريو آخر للتشكيل!
ماذا لو كان فابينيو غير قادر على مجاراة أتلتيكو مدريد بدنياً بعد الإصابة؟
لن يبدأ كلوب بمغامرة بل سيبدأ بتعديل بسيط سواء بعودة هيندرسون كريجستا الفريق والقيام بنفس مهام فابينيو والاعتماد على نابي كيتا بين الخطوط.
أعلم أن سيميوني لا يغير من 4-4-2، وقليلاً ما يعتمد على الضغط العالي، لكن دعنا نجلب بعضاً من الفانتازيا للتحليل.
ماذا لو اعتمد سيميوني على ثلاثي في الخلف بدلاً من رباعي دفاعي كما فعل سولشاير في مباراة تعادله مع ليفربول في الدوري؟
سيكون لزاماً على سيميوني مع تلك الخطة أن يبدأ بالضغط في ثلث ليفربول الأول بقطع مسار التمرير بين فان دايك وغوميز بأحد المهاجمين، المهاجم الآخر سيكون مكلفاً بمهمة مراقبة فابينيو.
الاعتماد على ثلاثي في وسط الملعب سيعطي لأتلتيكو لاعباً حراً كتوماس بارتي قادراً على كسب الكرات الثانية وأيضاً حرمان ليفربول من مساحات في ظهر الدفاع التي يستغلها صلاح وماني ببراعة.
أما الاعتماد على ثلاثي في الخلف فيعطي قدرة أكبر على الدفاع ضد العرضيات، تشكيل خط واحد من خمسة لاعبين غير قابل للكسر.
في النهاية، علينا أن نسأل سؤالاً واحداً فقط، هل سيكون سيميوني المحطة التي يتوقف فيها قطار كلوب؟!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.