يحمل درجة الماجستير في الإدارة وصديق مقرب للاعبين.. كيف أعاد كونتي إنتر ميلان للحياة؟

عدد القراءات
5,984
عربي بوست
تم النشر: 2020/02/13 الساعة 17:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/02/13 الساعة 17:31 بتوقيت غرينتش
يحمل درجة الماجستير في الإدارة وصديق مقرب للاعبين.. كيف أعاد كونتي إنتر ميلان للحياة؟

تحدث ويسلي شنايدر، لاعب إنتر ميلان السابق، عن موقف طريف حدث بين صامويل إيتو ورافا بينيتيز عندما عملوا جميعاً في إنترميلان، يقول ويسلي: "كنت ألعب كرقم 10، في المنطقة التي تلي دييغو ميليتو مباشرةً لإرسال الكرات له في المنطقة، بعدها جاء لنا صامويل إيتو من برشلونة بعد خلاف بينه وبين غوارديولا، الحقيقة أنني قُلت كيف سيلعب إيتو وميليتو في الفريق وهما في نفس المركز، لكن بعدها طلب منه مورينيو أن يتحول إلى جناح أيسر ولم يرفض، وفاز بالثلاثية وأصبح أول لاعب يحصل على الثلاثية مرتين في موسمين متتاليين في تاريخ كرة القدم".

"بعد خروج مورينيو جاء رافا بينيتيز، حينها طلب من إيتو نفس الطلب باللعب كجناح أيسر، لكنه أسرع وقال له لا، أنا أفعل هذا من أجل مورينيو فقط، مكاني ليس هنا بل في المقدمة".

بالطبع تتساءل الآن ما علاقة هذا الأمر بكونتي وإنتر ميلان الحالي، لكن في الحقيقة هو يفسر كل شيء حدث مع إنتر ميلان بعد خروج مورينيو من الفريق وانتهاء الحقبة الذهبية للفريق، حيث جاءت بعدها مواسم من التخبط الفني والإداري التي غير فيها مسؤولو النيراتزوري ما يزيد عن العشرة مدربين خلال التسع سنوات الماضية.

كان يجب وضع حَد كُلي لهذا العبث الذي احتل النادي، فاختارت الإدارة بقيادة رئيس النادي ستيفين زهانج مدرباً بشخصية قوية ويملك مهارات الإدارة التي تنقل طموحات الفريق واللاعبين لمرحلة أخرى، مرحلة من المفترض أن تكون طبيعية لفريق بحجم إنتر ميلان. على أن يكون مدرباً إيطالياً ويفهم جيداً خبايا الدوري الإيطالي، وأن تزين البطولات المختلفة سيرته الذاتية، ويستحسن أن يكون ذلك في أكثر من دوري. بعد هذه المعطيات.. خمّن من هو الرجل الذي وقع عليه الاختيار؟

. بالتأكيد أنتونيو كونتي.

ثورة بين شوطي الديربي  

ديربي ميلانو الأخير يوضح ويفسر كل الدوافع التي جلبت كونتي إلى النصف الأزرق من ميلانو. في شوط الديربي الأول رأينا فريقاً شبحاً لم يلعب، وفريقاً آخر يفعل ما يحلو له بالكرة، قادراً على تقويض كل أفكار كونتي ولاعبيه. ضغط مباشر من الثنائي ريبيتش وكاستييخو جناحي أي سي ميلان على أظهرة الطرف الأوسط لإنتر ميلان، مع تأخر ظهيري الروسينيري في التقدم الهجومي لمنع

 تقدم ظهيري كونتي للضغط عليهم بالتبعية. فلا يتبقى أمام كونتي إلا حل الاختراق من العمق واستغلال تقدم محوري الميلان، لكن حتى هذه الثغرة سرعان ما أغلقها مدرب الميلان بيولي في وجه كونتي بضغط مباشر من هاكان تشالهانوغلو على بروزوفيتش، وضغط مستمر من إبراهيموفيتش على دي فراي إذ لا يوجد أفضل من الضغط على أفضل مدافع يمرر الكرة في إنتر ميلان عند بداية الهجمة لإيقاف الفريق. والنتيجة لكل هذه التفصيلات التكتيكية هي انتهاء الشوط بتقدم الميلان أداء ونتيجة بهدفين دون رد. 

نشرت صحيفة اللاغازيتا الإيطالية ما فعله كونتي بين شوطي المباراة، حيث أشارت إلى أن كونتي ابتعد عن طرق التحفيز التقليدية، كما أنه لم يلجأ إلى الصراخ وتعنيف لاعبيه، بل ذكّرهم فقط بتفوقهم على ميلان بفارق 19 نقطة، وأنهم أفضل منهم في هذا الموسم.

في علم الإدارة يتضح دائماً أن الضغط على أفراد المنظومة لصالح المنظومة أفضل من أي طريقة أخرى للتحفيز، هذا ما فعله كونتي مع لاعبيه بين الشوطين فأكلوا الأخضر واليابس في شوط المباراة الثاني.

انتفاضة ناجحة لأبناء كونتي في السان سيرو

لم يفعل كونتي ذلك سابقاً مع إدارة فريقه في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الذي انقلب فيه السحر على الساحر، فبعد خروج إنتر ميلان من دوري أبطال أوروبا بعد الهزيمة من برشلونة بثنائية على ملعبه، خرج كونتي علناً وانتقد سياسات الإدارة على مستوى التعاقدات، مثلما فعل مع تشيلسي سابقاً، ووصف باريلا وسينسي بالطفلين اللذين لن يجعلا الفريق يبرح المكانة الرديئة للمكانة المنشودة. وحتى إن كان هذا الكلام صحيحاً فالخروج علناً لقوله ليس ضغطاً إيجابياً، بل يضع الشعلة التي تجعل عُمر كونتي قصيراً مع الفريق لجوار البنزين.

لكن وعلى عكس ما حدث في تشيلسي، رضخت الإدارة لمطالب كونتي وضغطه المتحايل علناً، وبعد أن تعاقد الفريق مع 5 صفقات في 2019 من العيار الثقيل، تعاقد الفريق مع 3 لاعبين آخرين في الميركاتو الشتوي، كلهم يوافقون أفكار كونتي التي يريد تطبيقها بدايةً من هذا الموسم، حيث تعاقد الفريق مع ظهيرين وصانع لعب، يونغ وموسيس وإيركسين، الذين سيحملون أعباءً كبيرة في خطة كونتي المفضلة 3-5-2. كما أنهم سيجعلونه يستغني عن المستوى السيئ الذي يقدمه بيراغي دامبروزيو، مع إعارة سيدريك سواريس لساوثهامبتون وهنريك دالبرت لفيورنتينا حتى نهاية الموسم. 

البرميل الذي فضح صاحبه

للإجابة عن سؤال: لماذا هؤلاء اللاعبون تحديداً، دعنا نتذكر كلمات بول سكولز عن روميلو لوكاكو في أكتوبر/تشرين الأول 2018، حينما قال أسطورة مانشستر يونايتد إن الشياطين الحمر لن يفوزوا بالبريميرليغ ما دام لوكاكو موجوداً في الملعب، وهو ما يحتم علينا المقارنة بين لوكاكو اليونايتد ولوكاكو الإنتر، وهل لوكاكو الحالي لاعب مختلف عن لوكاكو السابق؟ أم أن كونتي ليس سولشاير؟

من الذي فجر البرميل؟ كونتي

توظيف أي لاعب كرة قدم داخل الملعب يعتمد أولاً وأخيراً على مميزاته التي سيضيفها للفريق، وليس ما يريد الفريق منه ولا يتواجد عنده، بمعنى أن التعاقد مع أي لاعب يأتي على أساس مميزاته التي سيضيفها للفريق. وكيف يطبق الفريق أسلوب لعب يخدم اللاعب ويساعده على إبراز إمكاناته، وليس تطبيق أسلوب يظلم اللاعب ويفضح عيوبه في العلن.

ما حدث مع لوكاكو من مورينيو وسولشاير كان مختلفاً كتفاصيل توظيفية للاعب، لكنه أبداً لم يكن كذلك من حيث الإجحاف الذي عانى منه اللاعب. فكان لوكاكو مهاجماً متحركاً مع مورينيو، يتطرف يميناً ويستخدم جسده مع لاعبي الخصم لفتح المساحات لباقي لاعبي مانشستر يونايتد، وقد بدا ذلك واضحاً خلال مباراة مورينيو الأخيرة مع اليونايتد في مواجهة ليفربول، إذ لمس لوكاكو الكرة يومها  20 مرة فقط خلال المباراة، من بينها سبع مرات في وسط ملعب فريقه، وأربع داخل منطقة جزاء أليسون. 

أما مع سولشاير، المهاجم "الهجام" فلا يناسبه أسلوب لعب المرتدات والتحولات الهجومية التي يتبعها سولشاير، فقد بدأ تأثيره يتضاءل حتى انحصر على الفوز بالكرات الهوائية فقط. وهنا اتهمه البعض تارة بالتخاذل وتارة بالبطء وتارة بالوزن الزائد، حتى إن بعض الصفحات الجماهيرية لقبته بالبرميل الذي لا فائدة منه.

لكن هذا البرميل ذهب لإنتر ميلان مع كونتي، كونتي يعرف جيداً من هو روميلو، لذا لن يطلب منه الركض بطول الملعب لقيادة التحولات، ولن يوكل إليه مهام ليست في استطاعته مثل صناعة اللعب، لكنه سيستغل قدراته البدنية خارج المنطقة للضغط على المدافعين والتقاط الكرات الثنائية والالتحام الجسدي معهم لصنع مساحة أكبر لزميله في خط الهجوم لاوتارو ميرتينيز، أو حتى يحدث العكس لأن ميزة لوكاكو الأساسية هي إنهاء الهجمة داخل المنطقة. فصنع الإيطالي ثنائية مميزة وهي ثنائية لاوتارو ولوكاكو.

نعود لإجابة السؤال الذي يبدو أنك قد نسيته للتو، لمَ موسيس ويونج وإيركسين؟

في هيكل خطة 3-5-2 التي يتبعها كونتي، يجب على ثلاثي الدفاع أن يقوموا بمراقبة الثلث الأول من الملعب ضد مهاجمي الخصم، ويقوم طرفا الملعب المتمثلان في الأظهرة بإضافة سلاح الهجوم الطولي للفريق، فيلتزم محورا الوسط ببناء الهجمة وحماية العمق الدفاعي، وأمامهما صانع لعب حر يخفف من سقوط المهاجمين خارج المنطقة.

ماذا سيقدم إيريكسن لمشروع كونتي؟

أبرم الفريق صفقتي موسيس ويونج في الشتاء لأنهما لاعبان جيدان، وبمبالغ رمزية، حتى موسيس مُعار مع أحقية الشراء، اللاعب الذي كان جيداً جداً مع كونتي في تشيلسي في الزيادة الهجومية، ويونغ وظف توظيفياً ليس سيئاً، عكس ما تعتقده الغالبية العظمى من متابعي كرة القدم، ويقدم اللاعب أداء جيداً حالياً مع كونتي، أما إيركسين فهو الإضافة الإبداعية في الوسط للارتقاء بالقيمة الفنية للفريق.

بدأ كونتي مع إنتر ميلان أولى خطوات بناء جيل مميز، ويبدو أنه يسير في طريقه بخطى ثابتة وبوتيرة متصاعدة، الاستمرارية على ذلك النهج ستحول هذا الجيل من جيل مميز لجيل تاريخي.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد حبيب
كاتب رياضي
كاتب رياضي
تحميل المزيد