يضرب زملاءه ويهرب من أداء الواجب الوطني.. لماذا لم يصبح المغربي تاعرابت أفضل لاعب في العالم؟

عدد القراءات
1,720
عربي بوست
تم النشر: 2020/01/30 الساعة 14:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/30 الساعة 14:12 بتوقيت غرينتش
يضرب زملاءه ويهرب من أداء الواجب الوطني.. لماذا لم يصبح المغربي تاعرابت أفضل لاعب في العالم؟

أبداً عمري ما نزيد نتفلت لورايَ.. الماضي راني غلقت بابو وقضيت عليه

من المؤكد أنّ الكثير منكم يا من بدأتم في قراءة هذا المقال لم تفهموا هذه اللغة. وبالطبع فأنتم معذورون في ذلك، لأنَّ الأمر يتعلق ببيت شعري باللهجة الجزائرية للمغني الشعبي الجزائري الراحل الهاشمي قروابي، وهي اللهجة التي يفهمها أيضاً الأشقاء المغاربة. ومعنى البيت باللغة العربية الفصحى هو: "لن ألتفت أبداً ورائي.. فلقد أغلقت باب الماضي وقضيت عليه".

هذا البيت من الشعر الملحون هو ما أراد اللاعب الدولي المغربي عادل تاعرابت أن يقوله، عندما صرّح للصحافة البرتغالية، السبت الماضي، أنّه لا يريد الحديث عن الماضي، وأنه سعيد جداً في الموسم الجاري مع نادي بنفيكا، حيث فاجأ النجم المغربي الملاحظين والنقاد الرياضيين بعودته القوية إلى الواجهة، بعدما أفل نجمه في السنوات القليلة الماضية، بسبب سلوكه المتهور والمنفلت داخل وخارج الملاعب.

وقبل أن نستعرض بعض الأحداث المثيرة للجدل التي شهدها المشوار الرياضي لعادل تاعرابت، دعونا نبدأ بقصته الغريبة مع فريقه الحالي. تعاقد تاعرابت مع نادي بنفيكا، في 12 يونيو/حزيران 2015، لمدة 5  أعوام، لكنه انتظر نحو 4 سنوات كاملة ليخوض مباراته الرسمية الأولى مع الفريق الأول، وبالضبط 1387 يوماً، وذلك بسبب توتر علاقته مع المدرب السابق للفريق، روي فيتوريا، وقرار إدارة النادي بتحويله إلى فريق الرديف، ثم إعارته لمدة موسم واحد ونصف الموسم لنادي جنوى الإيطالي.

ويعود الفضل في إعادة دمج تاعرابت ضمن الفريق الأول لبنفيكا لمدربه السابق في فريق الرديف، برونو لاجي، الذي خلف فيتوريا في رئاسة الجهاز الفني للفريق الأول، في فبراير/شباط 2019، والذي منح له فرصة المشاركة في أول لقاء رسمي يوم 30 مارس/آذار، حيث دخل بديلاً في الدقيقة الـ71 من مباراة تانديلا، لحساب الدوري البرتغالي.

وقد أحسن تاعرابت استغلال فرصة إعادة بعث مشواره الاحترافي، حيث أصبح منضبطاً بشكلٍ واضحٍ في التدريبات وفي حياته خارج الميادين، ما جعل نادي بنفيكا، في شهر أغسطس/آب الماضي، يُمدد عقده حتى يونيو/حزيران 2022.

مشاغب منذ الصغر

وُلد عادل تاعرابت يوم 24 مايو/أيار 1989 بمدينة تازا المغربية، قبل أن يهاجر والداه ويأخذاه معهما إلى فرنسا، ثم يستقران ببلدة "بير ايتانج" بضواحي مدينة مارسيليا. وقد بدأ ممارسة رياضة كرة القدم ضمن فريق بلدته، ثم التحق بالمركز التكويني لنادي لانس الفرنسي، عندما كان يبلغ من العمر 12 عاماً، والذي وقّع له على أول عقد احترافي في صيف 2006، قبل أن ينضم في يناير/كانون الثاني2007 إلى نادي توتنهام الإنجليزي، على سبيل الإعارة، ثم بشكلٍ نهائيٍّ في يونيو/حزيران من العام نفسه، مقابل 4 ملايين يورو.

ومن المؤكد أنّ العديد منكم قد تساءل عن سبب لجوء نادي لانس لإعارة تاعرابت لنادي توتنهام وهو في الـ17 فقط من عمره، وذلك بعد ستة أشهر فقط من توقيعه أول عقد احترافي. والجواب هو "السلوك المتهور"، حيث تشاجر الفتى عادل مع زميله الفرنسي غريغوري فينيال، الذي يكبره بـ8 سنوات كاملة خلال إحدى مباريات فريق الرديف، ثم غادر الميدان تاركاً فريقه يكمل اللقاء بـ10 لاعبين فقط.

تاعرابت بقميص نادي بنفيكا هذا الموسم

ويُلاحظ إذن أنّ تاعرابت كان مثيراً للجدل منذ صغره، وقد التصقت به صفة وسمعة "التمرد" عندما عبر بحر المانش للعب بإنجلترا، إذ وبعد فشله في فرض نفسه ضمن التشكيلة الأساسية لفريق توتنهام، قرّرت إدارة النادي اللندني إعارته في مطالع عام 2009 لنادي كوينز بارك رينجرز، ثم تم تمديد فترة إعارته في يوليو/تموز لموسمٍ كاملٍ، قبل أن يتعاقد مع نفس النادي لمدة 3 سنوات في صيف 2010.

وزنه زائد أم افتراء؟

بعدما كان متألقاً مع كوينز بارك رينجرز، ونيله جائزة أفضل لاعب في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي (شامبيونشيب) في موسم 2010-2011، تراجع فجأة أداء النجم المغربي في المواسم الموالية، ما جعل علاقته تتوتر مع المدرب المخضرم هاري ريدناب، في النصف الأول لموسم 2014- 2015، الذي "فضحه" أمام العلن، عندما صرّح للصحافة البريطانية قائلاً: "تاعرابت ليس مصاباً، ولكنه للأسف غير جاهز لممارسة رياضة كرة القدم، لا يمكنني الاستمرار في حماية لاعبين لا يمكنهم الركض والتمرن، والذين يملكون 20 كيلوغراماً زائدة عن وزنهم المثالي. هل يمكنني القول له واصل الحصول على 60 ألف أو 70 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع من دون أن تتدرب؟".

ولم يتأخر عادل في الرد على ريدناب، حيث صرح: "أنا لاعب محترف، وأتناول الأكل بشكلٍ صحيٍّ ووزني هو 85 كلغ، لكن المدرب يبحث عن الأعذار فقط". 

رد تاعرابت على المدرب ريدناب

وأرفق تاعرابت كلامه بالتقاط صورة من قِبل مُصور الصحيفة التي تحدث إليها، للتأكيد على عدم وجود أي أثر للـ20 كلغ التي أشار إليها مدربه. وانتهى الخلاف برحيل المهاجم المغربي إلى نادي ميلان الإيطالي، في يناير/كانون الثاني 2015.

اللعب أساسياً مقابل البقاء

لم تقتصر مشاكل عادل تاعرابت على الأندية فقط، بل امتدت إلى منتخب بلده المغرب، ففي يونيو/حزيران  2011، وقبل 48 ساعة من مباراة منتخب "أسود الأطلس" والمنتخب الجزائري، لحساب تصفيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2012، علم تاعرابت من مدربه البلجيكي إيريك غيريتس أنّه لن يكون ضمن التشكيلة الأساسية للقاء، فلم يكن أمام اللاعب المتمرد سوى حزم أمتعته ومغادرة المعسكر، ما سبَّب له سخطاً كبيراً لدى الجماهير المغربية، واضطره لتقديم اعتذاراته الرسمية والعلنية لبلده من خلال قناة إذاعية.

وعندما عاد المدرب المغربي بادو زاكي للإشراف على منتخب بلده في عام 2014، قرر إعادة بعض النجوم "المغضوب عليهم"، ومن بينهم عادل تاعرابت، فقام بالاتصال به هاتفياً عدة مرات، لكن دون أن يرد اللاعب على مكالماته، فكان ذلك بمثابة نهاية مبكرة للمشوار الدولي للاعب، إلى استدعائه في شهر أغسطس/آب الماضي، من قِبل المدرب الجديد لتشكيلة "أسود الأطلس"، البوسني وحيد خاليلوزيتش، وهو في سن الثلاثين.

ويمكن القول إنّ عادل تاعرابت قد ضيّع مشواراً احترافياً كبيراً بسبب عدم انضباطه، حيث كان يراه العديد من المختصين "مشروع لاعب كبير"، بالنظر لقدراته الفنية العالية وقوته البدنية الهائلة، ورغم فشله في تجسيد هذا المشروع فإنّ قصته قد تُشكل درساً ونموذجاً للاعبين الشباب الباحثين عن النجاح، وذلك بضرورة الصبر والمثابرة في العمل والسلوك السوي داخل وخارج الملعب.

مراد حاج هو صحفي رياضي وكاتب جزائري، له العديد من المقالات التي تتناول الرياضة العربية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص. ويصب اهتمامه على أحوال كرة القدم ولاعبي شمال إفريقيا رفقة موقع عربي بوست

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
مراد حاج
صحفي وكاتب جزائري
صحفي وكاتب جزائري
تحميل المزيد