"سيداتي آنساتي سادتي لقد عاد الميلان"
أطلق تلك الكلمات علي سعيد الكعبي، معلق أبوظبي الرياضية، بعد تسجيل لوكاتيلي الضربة الترجيحية الخامسة بنجاح أمام اليوفنتوس، ليفوز ميلان بكأس السوبر الإيطالي لعام 2016.
لا يا عزيزي، لا تنتظر مني تلك المقالة المتفائلة التي تلعب على مشاعر الأمل والحنين لأقول لك إن ميلان قد عاد، ولا تنتظر مني استشهادي بفضائح الاستثمار الصيني في الميلان، وشعور "ريال مدريد بالوحدة".
عزيزي القارئ، دعنا نتحدث سوياً عن ما يحدث في ميلان بمنتهى الواقعية، ووضح كافة السيناريوهات أمامك، ونرى ما هو أقرب سيناريو للواقع.
مقامرة فاشلة
بعد بداية غير موفقة للموسم رفقة المدرب الإيطالي جيامباولو قرر كل من بوبان ومالديني رؤساء المشروع الكروي في ميلان، إقالة المدرب، والبحث عن رجل آخر لتولي المهمة، خاصةً بعد امتعاض الجماهير من أداء الفريق البرغماتي وغياب الروح.
جماهير ميلان قررت أن تحضر مباراة فيورنتينا في الـ29 من شهر سبتمبر الماضي، في ملعب سان سيرو دون أن تشجع، وهي محاولة منها لإعطاء الضوء الأخضر لبوبان ومالديني لإقالة جيامباولو.
كما أنهم واصلوا في نشر مقاطع فيديو من المدرجات لهم وهم ينادون باسم جاتوزو، المدرب الذي سبق جيامباولو في إدارة ميلان.
بوبان ومالديني انتظرا حتى مباراة جنوى التي تلت مباراة الفيولا لاتخاذ القرار، والتي فاز فيها الميلان بثلاثية، وتبدأ عملية البحث عن مدرب جديد.
لا ترمِ كل الأوراق
بوبان ومالديني منحا الثقة لمدرب الإيطالي آخر هو ستيفانو بيولي لقيادة الميلان، حدث ذلك رسمياً في الـ9 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وهو الأمر الذي رُفض شكلاً وتفصيلاً من جماهير ميلان، فقرر الجماهير مهاجمة بيولي بعمل هاشتاغ
#pioli_out
كما أنه خرجت بعض التقارير المعارضة للقرار من منتديات ومواقع محبي النادي حول العالم.
مبرهنين على عدم أحقية بيولي بالمهمة من خلال تقييم تجاربه السابقة، فلا يرى أن المدرب الذي درّب بارما، ساسولو، وبولونيا، والذي يعد أكبر إنجاز في حصيلته التدريبية هو حجز مركز ثالث مع لاتسيو هو الرجل الذي سيضع ميلان على الطريق الصحيح أو القمة من جديد.
ما هو المعيار؟
حسناً عزيزي القارئ، نحن الآن أنجزنا الجزء التقريري الذي أروي فيه لك ما حدث بتسلسل سريع، وجاء وقت الجديد.
ما الذي جاء بنا إلى هنا لنتحدث عن بيولي؟
إذا ألقينا نظرة سريعة لأكثر المشاريع الكروية نجاحاً على الإطلاق "مشروع ليفربول" سنجد القطعة المفقودة في "مشروع ميلان"، قبل الحديث عن الفوز ببطولة تحدث يورغن كلوب مدرب ليفربول عن الإيمان بالفريق، ثم الوصول إلى مركز مؤهل لدوري الأبطال، ثم المنافسة شيئاً فشيئاً، عزيزي القارئ صدقني أنا أختصر معك بشدة ما حدث.
إذاً ما يحتاجه الميلان في الوقت الحالي هو الإيمان، فهل بيولي قادر على خلق هذا الإيمان؟
دعنا نطرح السؤال بصيغة أخرى، من غير بيولي قادر على منح النصف الأحمر من ميلان ذلك الإيمان؟
بصراحة وبساطة، لا أعتقد أن هناك غيره، بيولي وافق على إدارة الفريق في وقت صعب للغاية، ولم تكن بدايته جيدة بنتائج عالية بل بالعكس كان الشق السلبي هو الغالب، لكن جمهور ميلان أعطاه الثقة سريعاً، وذلك لم يكن محض صدفة، لكن وضحت لمسات بيولي الفنية في الفريق، كما أنه غيّر العناصر المستخدمة، وغيّر الأسلوب إلى أسلوب أكثر خطورة، وعادت الروح بعض الشيء حتى أنك تجد ميلان يفوز لأكثر من مناسبة في الدقائق الأخيرة.
إذاً لماذا نشكك؟
نحن نتفق أن هذه العناصر ليست هي الأفضل، حتى مع ضم إبراهيموفيتش، هذه العناصر قادرة على الوجود في المراكز المؤهلة لدوري الأبطال مقارنةً بأتلانتا وروما الذين ينافسون ميلان علي نفس المقعد.
ميلان كان يريد مدرب طموح يقامر بتوليه المسؤولية، ثم يقامر بأسلوب اللعب، ويحاول الفوز بأي طريقة، بيولي فعل ما يريده ميلان، وحالياً يقف أمام اختبار تاريخي للعودة بالفريق لمركز مؤهل في دوري الأبطال، والإطاحة بيوفنتوس من نصف نهائي كأس إيطاليا.
كيف أعطى بيولي بعض الأمل؟
بدأ بيولي فترته مع الميلان باعتماده على الرسم الخططي 4-3-3، بوضع هاكان على الجناح الأيسر وسوزو على الجناح الأيمن والاعتماد على نفس الشكل، مع تغير في بعض الأفكار من خلال بعض التحولات التي تحدث في وقت المباراة، ولكن سرعان ما فشلت هذه الفكرة لأنها لم تضع أي جديد ولم تعطِ بيولي المقامرة التي يحتاج.
ثم اتجه بيولي إلى الرسم الخططي 4-4-2 بوضع هاكان على الجناح الأيسر على الورق، وكاستييخو على الجناح الأيمن، ووضع رأسي حربة إبراهيموفيتش ولياو.
خطة بيولي هذه المرة كانت "خماسية" بمعنى أن بيولي الآن يعصف أي فريق بوضع خماسي هجومي في الثلث الأخير من الملعب، على سبيل المثال: يتواجد إبراهيموفيتش كمهاجم يقف مع آخر خط لدفاع المنافس، ومن تحته لياو يتحرك بسرعته ويستلم بين الخطوط، وأحياناً ينطلق في المساحات خلف خط الدفاع الذي دائماً ما يشغله إبرهيموفيتش.
أما هاكان تشالانوغلو فينضم إلى العمق ليس بشكل نسبي بل يصبح صانع ألعاب يحرك الملعب، وأحياناً ما يشغل هذا المكان "بونافينتورا"، ليترك الجناح الأيسر إلي ثيو الذي يتواجد في المناطق الهجومية أكثر ما يتواجد في مناطقه الدفاعية، لذلك لا عجب أن ثيو هو هداف الفريق الحالي.
وفي الجانب الأيمن ينتظر كاستيخو الكرة بتمركز واضح لا تنوع في الحركة فيه، فهو يشغل الجانب الأيمن طوال المباراة، وبسبب زيادة ثيو وضم هاكان للمنتصف، لا يطلب بيولي من كونتي الجناح الدفاعي الأيمن عملة الزيادة لكي يساعد المدافعين رومانيولي وكاير على عملية التغطية على تقدم ثيو.
بيولي بات يقامر بهذا الأسلوب بلا شك، لكنه يتجرأ حتي لا يأتي وقت للندم، أولاً تجرأ على نفسه بتركه الرسم الخططي 4-3-3 الذي يفضله، ثانياً بوضع خماسي دائم في عملية الهجوم.
لماذا أعطي أنا هذا الأمل؟
لأن الفريق استطاع الفوز في آخر 5 مباريات في الدوري والكأس، وبات في المركز الـ8 على بعد 8 نقاط من الرابع روما، ويتواجد حالياً في نصف نهائي الكأس.
السيناريوهات المتوقعة
الأمر ليس في غاية الصعوبة، لكنه ليس بالسهل أيضاً، بيولي عليه الآن أن يحاول بشتي الطرق للوصول إلى المركز الرابع كي يتأهل بالفريق إلى دوري أبطال أوروبا.
وعليه أيضاً أن يحاول أن يقصي اليوفي من نصف نهائي الكأس، ويستمر لحصد اللقب.
بيولي قد يخسر الاثنين معاً بكل تأكيد، لكن هنا يأتي دور المقامرة مرة آخري، هل سيحاول اللعب في المسارين؟ أعتقد ذلك.
هل سينجح؟ توقع أنت.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.