بعد تحريره من “سجن” شالكه.. هل ينجح الجزائري بن طالب في إحياء مشواره الاحترافي مع نيوكاسل؟

عدد القراءات
604
عربي بوست
تم النشر: 2020/01/27 الساعة 13:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/27 الساعة 13:17 بتوقيت غرينتش

منح نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي طوق النجاة للاعب الدولي الجزائري نبيل بن طالب، لإخراجه من سجن نادي شالكه الألماني، بضمه لصفوفه، الثلاثاء الماضي، إلى غاية نهاية الموسم الحالي، على سبيل الإعارة مع أحقية الشراء، بعدما كان بعيداً عن المباريات الرسمية منذ نحو 9 أشهر.

ويمكن القول إن بن طالب يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية دخوله "سجن شالكه" في ظل تعدّد حالات عدم انضباطه في نادٍ رياضي ينتمي لبلد معروف بصرامته الكبيرة في التعامل مع حالات خرق القوانين واللوائح الداخلية.

في البداية، كانت تسير كل الأمور على أحسن ما يرام بالنسبة لنبيل في بداية مشواره مع نادي شالكه الذي انضم إليه في أغسطس/آب 2016، على سبيل الإعارة من نادي توتنهام الإنجليزي ثم على شكل انتقال رسمي ونهائي في يناير/كانون الثاني 2017، مقابل 20 مليون يورو.

ومن المؤكد أنّ نادي شالكه ما كان ليقوم بتفعيل بند شراء عقد بن طالب في الميركاتو الشتوي لسنة 2017، لو لم يكن راضياً عن أدائه الفني وسلوكه المنضبط، ولكن كل شيء تغيَّر في الموسم الثالث للاعب الجزائري مع النادي الألماني، أي في الموسم الماضي (2018-2019).

فبعد تراجع نتائج الفريق في مسابقة الدوري الألماني، بحث مسؤولو نادي شالكه، في ديسمبر/كانون الأول 2018، عن سبب الأزمة، فوجدوا أن أحد أسبابها يقع على عاتق اللاعبين المتحدثين باللغة الفرنسية، الذين أحدثوا انقساماً داخل غرفة ملابس الفريق، من خلال تشكيلهم لجماعة صغيرة شبيهة بـ "لوبي" خاص بهم، ما أثر على أداء الفريق وروح الجماعة.

من التألق والنجومية إلى سجن دكة البدلاء

وكان بن طالب أحد هؤلاء اللاعبين، رفقة كل من المغربيين أمين حارث وحمزة منديل، والسنغالي ساليف ساني والفرنسي بنجامين ستامبولي.

فقررت حينها إدارة شالكه إجبار اللاعبين على تعلم اللغة الألمانية، للمساهمة في تحسين الروح الجماعية للفريق، فخضع بن طالب لهذا القرار وبدأ في التعلم، بشكلٍ عاديٍ رفقة باقي زملائه الناطقين بالفرنسية لدى أستاذ مُكلّف من طرف النادي، وذلك إلى غاية غيابه عن إحدى الحصص دون مبرر مقنع ما أدى بإدارة الفريق بمعاقبته في منتصف شهر أبريل/نيسان 2019، بإبعاده عن الفريق الأول وتحويله للتدرب مع الفريق الرديف.

وبما أنّ المصائب لا تأتي فرادى، فإنّ بن طالب تعرض خلال تدربه مع رديف شالكه للإصابة في مرتين متتاليتين، ما أنهى موسمه مبكراً وحرمه من المشاركة مع منتخب الجزائر في نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم التي جرت بمصر في الصيف الماضي، وتُوّج بها "محاربي الصحراء" للمرة الثانية في تاريخهم.

وتسببت الإصابة الثانية أيضاً في فشل عملية انتقاله في فترة التحويلات الصيفية الماضية إلى نادي فيردر بريمن الألماني، بحيث لم يتعافَ منها إلّا في شهر أكتوبر/تشرين الأول المنقضي، وحينها كان الوقت متأخراً للعودة إلى الفريق الأول لشالكه ما تسبب في توتر علاقته أكثر مع إدارة النادي التي سعت للتخلص منه في أقرب وقت.. وهو ما تم، إذاً، يوم الثلاثاء 21 يناير/كانون الثاني الجاري بإعارة اللاعب إلى نادي نيوكاسل.

 وبانضمامه لنيوكاسل، يكون بن طالب قد عاد إلى الدوري الإنجليزي الممتاز الذي شهد بروزه وفتح له أبواب الشهرة العالمية، حيث تم تصنيفه في أبريل/نيسان 2014، ضمن أفضل 50 لاعباً واعداً في العالم من طرف صحيفة "لاغازيتا ديللو سبورت" الإيطالية الشهيرة.

فماذا فعل نبيل في ذلك العام حتى يتم اختياره ضمن أحسن المواهب الكروية العالمية؟ 

نجد الجواب في السطور القادمة من خلال التطرق باختصار لمشواره الرياضي قبل الانضمام لنادي شالكه.

طُرد من مدرسة نادي ليل.. وتألق صغيراً مع توتنهام 

وُلد نبيل بن طالب يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1994 بمدينة ليل الفرنسية. وقد تعلم أبجديات رياضة كرة القدم بحي "فازيميس" الذي نشأ به قبل أن ينضم للمركز التكويني لنادي ليل في عام 2004، والذي أبعد منه في سنة 2009، دون أن يعرف السبب، ما جعله يغادر فرنسا نحو مدينة موكرون البلجيكية لمواصلة تكوينه ضمن مدرسة النادي المحلي.

واستمر سوء الطالع في مطاردة الفتى الصغير بإعلان نادي موكرون إفلاسه في العام الموالي، لكنه لم يفشل في السعي نحو النجاح في رياضته المفضلة، فعاد إلى فرنسا للانضمام لمدرسة نادي دانكارك حيث تألق بشكلٍ لافتٍ مع فريق الناشئين لأقل من 17 سنة، خلال موسم 2010-2011، ما جلب انتباه بعض الكشافة الذين يعملون مع الأندية الإنجليزية، فقطع بحر المانش للقيام بتجارب فنية وبدنية مع نادي برمنغهام سيتي، لكنه فضّل في الأخير حط الرحال بنادي توتنهام.

نبيل بن طالب وهاري كاين

وكانت فترة تواجد بن طالب بنادي توتنهام مليئة بالأفراح والأحزان، تؤكد المشوار الرياضي الغريب والمتناقض للنجم الجزائري، حيث وبعد قضائه عاماً واحداً فقط في أكاديمية النادي اللندني أصبح نبيل قائداً لفريق الرديف (أقل من 21 عاماً) في موسم 2012-2013، ثم لاعباً أساسياً للفريق الأول وهو في سن الـ19 فقط.

ويعود الفضل في سرعة ارتقاء بن طالب ضمن نادي توتنهام إلى المدرب تيم شيروود الذي كان يشرف عليه في الفريق الرديف قبل أن يتسلم الإدارة الفنية للفريق الأول يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 2013 خلفاً للبرتغالي فيلاش بواش، حيث فضل المدرب الإنجليزي الاعتماد على اللاعب الجزائري الشاب لمعرفته الجيدة بقدراته الفنية وشراسته وحرارته الكبيرتين فوق الميدان.

وشارك بن طالب في موسم 2013-2014 في 20 مباراة رسمية مع الفريق الأول لتوتنهام، كما انضم للمنتخب الجزائري الأول في مارس/آذار 2014، بمناسبة اللقاء الودي أمام منتخب سلوفينيا، ليشارك بعدها في نهائيات كأس العالم لكرة القدم بالبرازيل في صيف نفس السنة، حيث كان أحد أصغر اللاعبين المتواجدين في المونديال.

معاناة وتوتر مع المدرب بوتشيتينو

وفي موسم 2014-2015، وعلى الرغم من رحيل المدرب تيم شيروود وقدوم الأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو، فإنّ بن طالب احتفظ بمركزه في خط وسط ميدان التشكيلة الأساسية لتوتنهام، حيث شارك في 35 مباراة رسمية، وذلك قبل أن تتغير الأمور في الموسم التالي (2015-2016) بفقدان النجم الجزائري لمركزه الأساسي بسبب بعض الإصابات وتوتر العلاقة مع المدرب بوتشيتينو، ما جعله يرحل عند نهاية الموسم إلى نادي شالكه الألماني.

بقية القصة معروفة، ولكنها لا تزال مستمرة، بحيث سينتهي عقد بن طالب رسمياً مع النادي الألماني في صيف 2021، ولكن قد ينفصل الطرفان نهائياً في صيف العام الجاري في حال تفعيل نادي نيوكاسل بند أحقية شراء العقد.

وقد يواصل نبيل، إذاً، مساره مع نيوكاسل في حال تألقه في النصف الثاني من الموسم الحالي، خاصة في ظل تواجد مدرب نيوكاسل، ستيف بروس، الذي أكد في تصريحات لموقع النادي أنه تابع بن طالب منذ فترة مع توتنهام.

وأضاف: "لقد لعب في أعلى المستويات آخر أربع أو خمس سنوات، لكنه لا يزال متعطشاً ولديه ما يريد إثباته وسيفيدنا بقدرته على التنافس. نعرف أنه يمكنه اللعب ويعرف متطلبات اللعب بالدوري الممتاز. انتقل من إنجلترا إلى شالكه ولعب في دوري أبطال أوروبا أيضاً، ونحن سعداء به. إنها صفقة رائعة".

وتعتبر ثقة المدرب أحد أهم عوامل نجاح اللاعب، وقد يكون الأمر كذلك بالنسبة لنبيل بن طالب مع مدرب نيوكاسل، مثلما كان الشأن قبل 5 سنوات مع تيم شيروود.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مراد حاج هو صحفي رياضي وكاتب جزائري، له العديد من المقالات التي تتناول الرياضة العربية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص. ويصب اهتمامه على أحوال كرة القدم ولاعبي شمال إفريقيا رفقة موقع عربي بوست

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مراد حاج
صحفي وكاتب جزائري
صحفي وكاتب جزائري
تحميل المزيد