"ما أريده هو السيطرة وتجنب فُقدان الكرة الذي من الممكن أن يجعلك تجري للخلف. من الأفضل تقديم جهد في الأمام بمقدار ١٠ أمتار من خلال الركض وخطف الكرة، بدلاً من أن يضطر الفريق للعودة ٥٠ متراً للخلف لاستعادتها في حالة تخلص الخصم من الضغط"
المدرب كيكي سيتيين.
لعب برشلونة أمام غرناطة برسم مزيج بين 3-5-2 و3-4-3، سيرجي روبرتو مدافع ثالث رفقة بيكيه وأومتيتي، ألبا "جناح ظهير" على اليسار، أنسو فاتي جناح على اليمين، ميسي مهاجم وهمي بالعمق، غريزمان نصف جناح ونصف مهاجم فيما يعرف بالجناح الوهمي.
من دون الكرة، ميسي وغريزمان بالأمام، فاتي على الطرف الأيمن، فيدال بالتبادل مع راكيتيتش يساراً، شيء قريب من 4-4-2 عند الضغط في نصف ملعب المنافس، من أجل استعادة الكرة سريعاً.
– طريقة توظيف اللاعبين:
روبرتو مدافع ثالث كان ينقصه الزيادة العددية وعمل "الأوفرلاب" على الخط، خاصة عند دخول أنسو فاتي في العمق. ربما عودة ديمبيلي واستعادته القوة ستجعل موقف 1 ضد 1 أفضل على اليمين.
ألبا يحتاج دائماً إلى لاعب يتحرك أمامه، لشغل المدافعين وجعله ينطلق من دون كرة في الفراغ، لضعفه الشديد في موقف 1 ضد 1، لذلك تواجد غريزمان في هذا المكان، كنصف جناح ونصف مهاجم إضافي على مقربة من ميسي.
فيدال دوره مهم لأنه يقطع دائماً كـ "بوكس" من الثبات إلى الحركة، داخل منطقة الجزاء، لتعويض غياب سواريز القاتل في مباريات الليغا.
إيجابيات مباراة غرناطة
. على مستوى قوة الوسط في الحيازة، التمريرات القصيرة، اللعب من لمسة واحدة، الـ "كومبينشن بلاي" في المساحات الضيقة. أدى ذلك بوضوح إلى سهولة السيطرة، افتكاك الكرة، زيادة التواصل بين ميسي ولاعبي الوسط لأول مرة منذ فترة طويلة.
. الحصول على كثافة عددية في الوسط، ميسي غريزمان فيدال، خلخلة عمق الخصم، ومن ثم فتح الملعب عرضياً على اليمين واليسار، جملة تكررت 3-4 مرات في الشوط الأول، لكن أضاع كل من "ألبا، ميسي، فاتي" فرصاً مؤكدة خلال أول 45 دقيقة، بنفس الطريقة تقريباً.
. مستوى بوسكيتس المثالي لأول مرة منذ فترة طويلة، مجهود فيدال البدني، ظهور ريكاردو بوج بأفضل صورة ممكنة، جنباً لجنب مع الحفاظ على نظافة شباك تير شتيغن.
سلبيات المباراة
- روبرتو المدافع التالت زيادته الهجومية ضعيفة جداً على اليمين هجومياً، وأيضاً بعد إصابة سواريز، برشلونة سيعاني في الليغا على مستوى العمق الهجومي.
- غريزمان لم يكن جناحاً صريحاً أو وينج باك كالسابق، ممكن القول إنه كان جناحاً وهمياً، بعيداً عن الخط، في أنصاف المسافات على حافة منطقة الجزاء. لكن ينقصه أيضاً حسم أكبر في الفرص التي وصلته، وأيضاً تحسن على مستوى القطع من الوسط/الطرف/ حافة منطقة الجزاء، للعمق الهجومي.
وإلا فإن برشلونة يحتاج لمهاجم رقم 9 إضافي على وجه السرعة.
لكن ماذا حدث أمام فالنسيا؟
الشوط الأول أمام فالنسيا.. سلبيات 3-5-2 تظهر بوضوح
فالاستحواذ مجرد أداة لا فلسفة ولا حتى استراتيجية، لذلك فإن استخدامه يعتبر وسيلة للوصول إلى هدف أكبر، لا غاية كما يعتقد البعض. كيكي نفسه يعرف ذلك ويفترض أن يبني استحواذه لأهداف أخرى، لا مجرد السيطرة وتناقل الكرات من دون فعالية.
لم يصنع البارسا أي فرصة بالشوط الأول، وتحول الاستحواذ إلى نسخة سلبية واضحة، لعدم خلق التفوق النوعي والعددي خلف خطوط ضغط فالنسيا، لعدة أسباب أهمها:
– لا يوجد جناح أيمن قوي في موقف 1 ضد 1 يستطيع المراوغة وخلق المساحات، أنسو فاتي لاعب تكمن خطورته داخل صندوق العمليات في ترجمة الفرص إلى أهداف، حتى قوته على اليسار عندما يقطع ويسدد مباشرة.
– لا يوجد لاعب وسط قادر على القطع من الثبات نحو منطقة الجزاء، مع نقص لياقة أرتور وسوء مستوى دي يونغ في الميستايا، مما جعل وسط برشلونة يظهر وكأنه على خط واحد، ثلاثي خلف الكرة لا أمامها.
– عاد ميسي كثيراً للوسط رغم وجود 3 لاعبين في هذا المكان، مما جعل العمق الهجومي ضعيفاً، خاصة مع إصابة سواريز وعدم تأقلم غريزمان بعد في المركز رقم 9.
نتيجة لذلك ظهرت عدة لقطات يتواجد فيها ميسي، دي يونغ، بوسكيتس، أرتور في منطقة واحدة، مع صعوبة فتح الملعب طرفياً لضعف أنسو فاتي في المراوغة، وسوء تصرف جوردي ألبا في بعض الكرات، بالإضافة إلى عدم وجود جناح أمامه لسحب الظهير المقابل، والسماح له بعمل "الأوفرلاب"، جنباً لجنب مع عدم فهم غريزمان لمركزه الحالي، كنصف مهاجم ونصف جناح بالشكل المطلوب.
كل هذه الأمور جعلت خطة 3-5-2 تظهر بدون أنياب في أول 45 دقيقة.
رغم كل السلبيات.. هل هناك بوادر للتحسن؟
رغم السلبيات العديدة التي تحدث عنها الجميع، وشرحنا جزءاً منها في السطور السابقة، إلا أن أداء الفريق تحسن في الشوط الثاني بفضل التعديلات التكتيكية التي تمت، وكان من الممكن إحراز التعادل في أكثر من فرصة، قبل الهدف الثاني لصالح الخفافيش الذي أنهى كل شيء.
يقول الصحفي المعروف جيليم بالاغي: "في الشوط الثاني كان هناك عمق وحركة وفرص للبارسا ليس لميسي فقط، وأيضاً لغيره من اللاعبين، كان يجب أن يكون البارسا أكثر ثباتاً من على الأطراف، ولكن هذا الخلل كان بسبب اللعب بـ 3 لاعبين في الخلف".
كيكي سيتيين نفسه اعترف بعد الخسارة بأن الفريق كان سيئاً في الشوط الأول، مع وجود بعض من سوء التقدير والفهم بين الجهاز الفني واللاعبين في شرح الخطة وإيضاح الأخطاء، وهذا أمر طبيعي لأنها ثالث مباراة له فقط في أقل من أسبوعين.
لكن في الشوط الثاني تحسن الفريق فعلياً خاصة مع دخول فيدال، وصعود دي يونغ خطوات للأمام -رغم سوء حالته الفنية بالمباراة- مما جعل هناك تنوعاً في صناعة الفرص، وسرعة أكبر في نقل الهجمة من الوسط إلى الثلث الأخير.
نجح فيدال في ملأ الفراغ الذي تركه سواريز، يتحرك باستمرار من العمق إلى قلب منطقة الجزاء، لعب غريزمان كنصف جناح ونصف رأس حربة، لتزيد المساحات أمام ألبا وفاتي على الأطراف، ويحصل ميسي على أكثر من فرصة في أماكن مناسبة للتسجيل، بالقرب من مرمى فالنسيا.
هذه الكلمات ليست دفاعاً عن المدرب، ولكنه يحتاج إلى الوقت من أجل فرض أفكاره، وبعدها سنرى إذا كان ناجحاً أم لا، مع الأخذ في الاعتبار رداءة بعض الأسماء ونقص خبرة البعض الآخر، فالهدف الثاني على سبيل المثال، ترك سيرجي روبرتو موقعه كمدافع ثالث للتغطية، لكن أنسو فاتي "الجناح الظهير" لم يعد للتغطية مكانه، مما سمح لغوميز بالاستلام والتسديد، جنباً لجنب مع خطأ أومتيتي الساذج في الرقابة خلال موقف 1 ضد 1.
منظومة كيكي سيتيين تحتاج إلى الوقت والصبر، وفي كل الأحوال إقالة فالفيردي مكسب، لأن المدرب الجديد في حال نجاحه فإنه سيحصل على دفعة للأمام، وفي حال فشله، -لا نتمنى ذلك- فإنها على الأقل ستكون ضربة نهائية لمشروع بارتوميو الذي أثبت فشلاً ذريعاً على طول الخط، مما يعني إمكانية إجراء انتخابات مبكرة بالصيف.
في أسوأ الأحوال، لا خسارة أكبر من استمرار فالفيردي.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
أحمد مختار هو صحافي رياضي، وكاتب مهتم بالتحليل والحديث عن كرة القدم وقصصها.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.