تراجع الدولار ولم تنخفض الأسعار .. ما لا تعرفه عن الجرائم الاقتصادية التي تحدث في مصر

عدد القراءات
4,177
عربي بوست
تم النشر: 2020/01/24 الساعة 08:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/24 الساعة 08:33 بتوقيت غرينتش
ارتفاع الأسعار في أغلب الدول العربية/ رويترز

على مدى السنوات الماضية، كانت أسعار السلع والخدمات في مصر تسير في اتجاه واحد هو الارتفاع، لدرجة أننا رأينا زيادات في أسعار سلع لم تشهدها الأسواق المصرية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945 أو خلال الحروب التي خاضتها البلاد في النصف الثاني من القرن العشرين خاصة في الأعوام 1956 و1967 و1973.

وكانت بعض أسعار السلع الغذائية تشهد ما يشبه القفزات المتواصلة التي لا تتوقف، ولا ترحم المواطن متوسط الدخل وقبله الفقير، ولا تأخذ في الاعتبار القدرة الشرائية للمستهلك الذي يعاني من ضغوطات معيشية ضخمة، وتآكلا في المدخرات، خصوصاً عقب قرار تعويم الجنيه في بداية شهر نوفمبر 2016.

وحين تسأل عن أسباب القفزات، تكون الإجابة الحاضرة: إنه الدولار الذي قفز من نحو 6.15 جنيهات في عام 2012 إلى حاجز 20 جنيها في عام 2016، قبل أن يتراجع إلى نحو 15.76 أمس الأربعاء.

وعندما تستفسر عن التفاصيل يقال لك إن مصر تستورد ما يزيد من 60% من سلعها الغذائية، وبالتالي، فإن أي زيادة في سعر الدولار أو العملات الأجنبية تنعكس بشكل سريع على الأسعار وأسواق السلع والمتاجر، سواء كانت مخصصة لبيع الجملة أو التجزئة.

بل كانت تلك الحجة يتم تعميمها في ذلك الوقت للتغطية على جرائم الاحتكار وعدم انضباط الأسواق والرقابة الحكومية الضعيفة على الأسواق وانفلات الأسعار وقرارات خفض الدعم الحكومي المقدم للسلع الرئيسية مثل الوقود والكهرباء والمياه.

مثلا عندما تسأل: لماذا زيادة أسعار الخضر والفاكهة والسلع الغذائية واللحوم والدواجن والزيوت والألبان ومواد البناء المنتجة محلياً، يقال لك أيضا إنه الدولار وقرار تعويم الجنيه المصري.

ينطبق ذلك أيضا حتى على ساندويتشات الفول والطعمية وأي منتج لا علاقة له بتطورات سوق الصرف وتكلفة المواد الخام والسلع الوسيطة المستوردة من الخارج.

وعندما تبدي تعجبا من زيادة رسوم الأطباء والدروس الخصوصية والمواصلات العامة يقال لك: "ألا تتابع قفزات سعر الورقة الخضراء؟…كل الأسعار باتت ترتفع في البلد".

الآن، فقد سعر صرف الدولار أكثر من 10% من قيمته مقابل الجنيه المصري منذ شهر يناير 2019، وتزيد النسبة إلى الضعف وربما أكثر مقارنة بأسعار 2016، فلماذا لم تتراجع أسعار السلع بنفس القيمة، خاصة أن منظمة الأغذية والزراعة "فاو" أكدت أكثر من مرة أن أسعار الأغذية تراجعت في معظم شهور العام الماضي 2019.

كما أن أسعار النفط شهدت استقرارا في العام الماضي، وهو ما أدى إلى استقرار أسعار المشتقات البترولية مثل البنزين والسولار، بل وتراجع أسعارها في بعض الشهور.

صحيح أن بعض السلع تراجعت أسعارها في مصر، لكن التراجع ليس كبيرا وليس انعكاسا لانخفاض سعر الدولار، بل بسبب عوامل أخرى، منها ركود الأسواق واصابتها بحالة كساد، وتراجع القوى الشرائية للموطن، وابتكار المستهلك أدوات للتغلب على زيادة الأسعار.

منها مثلا مقاطعة السلع مرتفعة الثمن واستبدال سلع بأخرى منها، مثلا اللحوم بالدواجن أو اللحوم بهياكل الدواجن، وتخفيض عدد الوجبات التي يتم تناولها يومياً.

هناك حالة احتفاء شديدة من قبل الإعلام المصري بتراجع سعر الدولار المستمر وتصويره على أنه أحد ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي في البلاد والمطبق بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، لكن في المقابل لم يسأل الإعلام عن أسباب عدم تراجع أسعار السلع رغم تراجع سعر العملة الأميركية؟

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مصطفى عبد السلام
كاتب متخصص في الشأن الاقتصادي