لم يكن غوارديولا أول ولا آخِر مدرب يُثني على مدرب نادي شيفيلد يونايتد كريس وايلدر وفريقه، نحن نتحدث عن فريق صعد لتوِّه من الدرجة الثانية وضمِن بقاءه تقريباً وأصبح في مركز يؤهله للمشاركة الأوروبية. نفس ما فعله وولفرهامبتون في موسمه الأول تقريباً، ولكن شيفيلد فعلها بإمكانيات أقل بكثير.
شجاع، مبدع، خلاق؛ أوصاف صارت معتادة لأسلوب لعب شيفيلد، والسبب في ذلك هو خطة وايلدر التي تبدأ بشكل 3-5-2 التقليدي، ثم تشهد عدة ترحيلات في العملية الهجومية تسمح بصعود قلوب الدفاع ذاتها للمشاركة في العملية الهجومية.
كريس وايلدر والـ overlapping center-backs أصبحوا حديث التكتيك في الدوري الإنجليزي، في واحد من أكثر مواضيع كرة القدم الحديثة إثارةً.
الـoverlap هو دخول الجناح للعمق، مما يسمح للظهير الدفاعي بالصعود والتقدم للأمام موازياً الخط الجانبي للملعب، سواء من الجهة اليمنى أو اليسرى.
يسمح هذا التكتيك بوضع الجناح في مكان يساعده على إنهاء الهجمة بدخوله لمنطقة الجزاء أو البقاء على حافتها، بينما يترك مهمة فتح الملعب وإرسال العرضيات للظهير القادم من الخلف بلا رقابة عادة.
هذا هو الـoverlap بشكل عام، لكن ما هو الـoverlapping center-backs؟ وكيف استطاع كريس وايلدر تطبيقه بشكل نموذجي؟
يعتمد المدرب كريس وايلدر مع شيفيلد يونايتد هذا الموسم على الرسم التكتيكي 2-4-1-3 بوجود محور ارتكاز ثابت أمام ثلاثي الدفاع، مع استمراره على أحد أكثر التغييرات ابتكاراً في كرة القدم الحديثة: Overlapping Center-Backs.
فكرة الـ Overlap بشكلٍ عام تعتمد على وجود لاعبين اثنين على الطرف. في خطة 2-4-4 مثلاً يكون الظهير هو المسؤول عن التقدم وعمل الـ Overlap مع الجناح.
خطة 2-4-1-3 التي يعتمد عليها وايلدر لا تمنح شيفيلد لاعبين اثنين على الطرف لعمل الـ Overlap وهو ما جعله يستخدم مدافعي الطرف لهذه المهمة.
(ينقسم المدافعون عند الاعتماد على ثلاثي دفاعي إلى مدافع مركزي أو ما يسمى بالليبرو، ومدافع للطرف الأيمن، ومدافع للطرف الأيسر).
في البناء، يعتمد شيفيلد على توسيع مدافعي الطرف للملعب بشكل عرضي أكثر، مع بقاء لاعبي الوسط في أماكنهم لتثبيت لاعبي وسط الخصم.
وأثناء ذلك ومع قيام الخصم بالضغط ينزل المحور الدفاعي لشغل مكان مدافع الطرف الذي يتقدم أكثر للأمام، ويستغل المساحة الناتجة عن إشغال زميله الظهير لظهير الخصم.
هذه التحركات يدعمها خلق مثلثات للتمرير في جميع أنحاء الملعب تقريباً، بين مدافع الطرف والظهير ولاعب الوسط القريب منهما، وكذلك بين الظهير ولاعب الوسط والمهاجم المتواجد في ذات الجهة، مع حرية في تبادل المراكز بين اللاعبين، الأمر الذي يخلق الكثير من الصعوبات على الخصم.
شكل شيفيلد الهجومي الأبرز يكون عبر محاولة خلق كثافة عددية على طرف ثم نقل الكرة سريعاً إلى الطرف الآخر، حيث يتواجد الظهير، والذي ومع تسلّمه الكرة يقوم مدافع الطرف بعمل الـOverlap ويتبادل الكرة معه أو يلعب الكرة العرضية.
مع تواجد الظهير والمدافع على الأطراف، يتواجد لاعب الوسط القريب في أنصاف المساحات، فيما يحاول لاعب الوسط الآخر التواجد على قوس منطقة الجزاء أو داخلها، لخلق كثافة عددية رفقة قلبي الهجوم، فيما يهدف الظهير على الطرف الآخر للدخول أكثر إلى منطقة الجزاء.
تلك الأفكار، ساعدت وايلدر هجومياً، لكن دفاعياً كيف وصل الفريق ليكون أكثر فريق خروجاً بشباك نظيفة في الدوري الإنجليزي حتى الآن، في 8 مباريات؟
عند فقدان الكرة -وبالنظر إلى أن فكرة تقدم المدافعين لمناطق أعلى من الملعب تخلق بعض المساحات في الخلف- يلجأ شيفيلد للضغط العكسي القوي ومحاولة استرداد الكرة في وقت مبكر أو ارتكاب خطأ لإيقاف اللعب.
عند النظر للإحصائيات تجد أن شيفيلد من أعلى فرق الدوري الإنجليزي في معدل الأخطاء المرتكبة.
وأيضاً بسبب حيوية اللاعبين يقل معدل خطورة الهجمات المرتدة على الفريق، حيث بمجرد فقدان الكرة يعود مدافع الطرف وأحد لاعبي الوسط سريعاً إلى مناطقهما تحسباً لأي هجمة مرتدة.
يغيّر ويلدر شكل فريقه إلى 5-3-2 بثلاثة مدافعين مركزيين واثنين من ظهيري الوسط الذين يمكن أن يواصلوا الهجمة المرتدة، لكنهم يتصرفون كمدافع رابع وخامس، في محاولة للحصول على الكرة عندما تكون في حوزة المنافس.
يبدأ شيفيلد دفاعه من الثنائي الهجومي موسييت ومكجولدريك، حيث يمتاز الثنائي بحيوية عالية جداً في الضغط المتقدم على حامل الكرة بمساعدة لاعب من وسط الملعب.
ثلاثي الارتكاز: لاندسترام، نوروود، وفليك هم السر الأقوى في فاعلية منظومة شيفيلد الدفاعية. هذا الثلاثي يطبقون أدوارهم بشكل مثالي جداً:
– قطع زوايا التمرير على الخصم، وذلك بفصل خطوطه عن بعضها البعض.
– تغطية المساحات خلف المهاجمين في حالة فقدان الكرة.
– استغلال البنية الجسمانية للثلاثي للتفوق في الالتحامات الثنائية وافتكاك الكرة.
لو تم تجاوز خطَّي دفاع شيفيلد الأماميين تبدأ مرحلة التقوقع بتكوين كتلة دفاعية من 8 لاعبين متقاربين من بعضهم حتى افتكاك الكرة.
بالإضافة إلى دين هيندرسون، حارس شيفيلد الذي يعد أحد أفضل حراس البريميرليغ الموسم الحالي، بالرغم من خطأ مباراة ليفربول، وقد يكون مستقبل مانشستر يونايتد لحماية عرينهم.
بالفعل، كريس وايلدر يستحق ثناء الفيلسوف الأصلع.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.