عندما كان كيكي لاعباً، في إحدى مبارياته لعب أمام فريق يوهان كرويف، في تلك المباراة ظل يركض فريقه وراء الكرة ما لا يقل عن 80 دقيقة من المباراة، ولكن لا يستطيع لمسها، بعد تلك المباراة تغيَّرت نظرة سيتين لكرة القدم، ثم ذهب إلى عرَّابه يوهان كرويف، وأخبره بأنه يتمنى أن يلعب تحت قيادته يوماً ما.
في عام 2016 خرج علينا بتصريح قال فيه إنه كان يمتلك شعوراً دائماً بأن كرة القدم لابدَّ أن تُلعب بشكل أفضل، لكنه لا يدري ما هي تلك الطريقة الأفضل حتى لعب أمام فريق كرويف.
أتى عام 2020 ليتفاجأ العجوز الحالم بأنه يقود الآن سفينة يوهان كرويف، وعليه استعادة إرثه الكروي.
لاس بالماس أصبح قابلاً للمشاهدة!
شجاعة لاس بالماس في البناء من الخلف هي جزء رئيسي من نجاحه مع المدرب كيكي سيتين، حيث يتحرك الفريق في شكل أقرب إلى 3-3-4 متمركزين عبر عمق الملعب وفي المناطق الواسعة من الملعب، لإعطاء حامل الكرة أكثر من خيار على مستوى التمرير العرضي أو التمرير العمودي، التمركز في المناطق الواسعة من الملعب يعني إعطاء الخصم مساحة أكبر للتغطية، فحتى مع الضغط العالي يكون سهلاً على الفريق كسر خطوط الضغط.
يعود لاعب الارتكاز، روكي ميسا، مع فريق لاس بالماس، عادةً في هذه المرحلة من البناء إلى الخلف، للسقوط بين قلبَي الدفاع، عندما ينتشر قلوب الدفاع على نطاق أوسع، لخلق ما يعرف باسم "ساليدا لافولبيانا" (نسبةً إلى ريكاردو لافولبي مخترع تلك الطريقة).
وفي الوقت نفسه، ستتحرك الأظهرة إلى الأمام، وعادة ما تكون بجانب خط التماس على نفس الخط مع لاعب المحور الثاني، لتشكيل الخط الثاني أثناء البناء. أما الجناحان فيتحركان نحو العمق قليلاً نحو أنصاف المساحات وبين الخطوط مع ثنائي قلب الهجوم، لتكوين رباعي هجومي قادر على خلخلة أي دفاع.
الخط الأول المكون من 3 لاعبين يكون مع حارس المرمى "شكل ماسة" لخلق زيادة عددية على هجوم الخصم، إذا لم يضغط الخصم عالياً فإن التمريرة القصيرة من الحارس نحو الثلاثي، أما إذا ضغط الخصم عالياً برجل لرجل، فإن الأظهرة المتقدمة أعلى الملعب هي حل الحارس للخروج بالكرة.
يستعمل سيتين دوماً فكرة الرجل الثالث في تدوير الكرة، حيث يهدف ثلاثي الوسط إلى تكوين ثلاثي متمازج قادر على الحركة، وفتح ممرات التمرير لثنائي الهجوم، قد يسقط أحد المهاجمين في بعض الأحيان لتكوين ماسة أخرى في خط الوسط بهدف خلق الزيادة العددية على الخصم.
انظر دوماً إلى حامل الكرة في لاس بالماس ستجد أن لديه أكثر من خيار تمرير عرضي وعمودي من كل زوايا الملعب، نتيجة للتمركز الجيد والحركة المستمرة من لاعبي لاس بالماس، لخلق التفوق العددي والنوعي.
هل سمعتم عن الـJuego de Posicion؟ أي التفوق عن طريق التموضع، حيث الإيجاد الدائم للاعب حر ومناسب للتمرير لحامل الكرة لتفوق الفريق في التموضع، في المرحلة الأولى من البناء يخلق الفريق هذا التفوق مع فاراس وميسا واثنين من المدافعين المتحركين بشكل واسع.
في الثلث الثاني من الملعب تتم العملية نفسها، حيث يتمركز المهاجمون في المناطق العمياء بالنسبة للاعبي الوسط، حيث يخلق هذا معضلة للاعبي وسط الخصم، فيما إذا كان عليهم الضغط على الرجل حامل الكرة أو من خلفه، مما يعني أن اللاعب سيكون حراً في استقباله بين الخطوط أو غطاء الظل للاعب الوسط ، الأمر الذي يمنح حامل الكرة مزيداً من الوقت على الكرة دون أي ضغط.
الصبر ثم الصبر ثم الصبر
تمتع لاعبو لاس بالماس بقدرة رهيبة على تدوير الكرة ببطء طوال المباراة وذلك للحفاظ على التحكم الميداني، وأيضاً استخدام الكرة كوسيلة لإرهاق المنافسين؛ لكي تُفتَح بعض المساحات، يبدو لاس بالماس مدهشاً دائماً بالكرة، حيث القدرة الدائمة على التدوير وتغيير جهة اللعب في المناطق الواسعة، وتوفير ميسا وجوميز ثنائي المحاور خيارات التمرير في جميع مناطق الملعب.
يبحث كيكي سيتين دوماً عن قدرة المراوغة في لاعبيه، للجوء إليها في حالة اعتماد الخصم على الـ low-block، أي التقوقع حول منطقة دفاعه، وقدرته على إغلاق المنافذ بشكل دائم، فلابد أن يمتلك لاعباً مهارياً قادراً على كسر خطوط الخصم، وكذلك أجنحة قادرة على اختراق أنصاف المساحات، والركض خلف المدافعين، وذلك لاستخدامه الدائم لأظهُرته في توسيع عرض الملعب.
أساليب الضغط
لم يعتمد سيتين كثيراً مع لاس بالماس على الضغط العالي، بل يكتفي بالضغط المتوسط بدون شكل ثابت، حيث يتغير الشكل من 4-1-4-1 إلى 4-2-3-1 أو 4-4-2 حسب ظروف المباراة ووضعية اللعب، لكن يهدف دائماً إلى البقاء بشكل ضيق وإغلاق المساحات، وتوجيه اللعب نحو الأطراف، واستعمال خط التماس كلاعب إضافي في الضغط.
إذا اعتمد على الضغط العالي سيلجأ إلى 4-3-3 حيث سلسلة من ثلاثي هجومي تتحرك معاً بهدف توجيه اللعب إلى الأطراف.
لاس بالماس كان مع سيتين أحد أمتع أندية إسبانيا، من أكثر الفرق القادرة على إحراج كبار إسبانيا في اللعب بفرض العودة عليهم إلى مناطقهم، والبحث عن الانتصار عبر التحولات.
سيد ريال بيتيس
كأي مدرب أيديولوجي مهما درّب تستمر الأفكار والنهج، كذلك استمر سيتين في نفس نهج بالماس مع بيتيس، لكن برفاهية أكثر من اللاعبين بجودة أعلى. يمكن اعتبار النهج الرئيسي الذي يستخدمه سيتين للتقدم في بيتيس أفقياً في المقام الأول. يحتفظ الخطان الأول والثاني بالكرة، ويحركانها بشكل أفقي من جهة إلى الأخرى. يخلق هذا فراغات في دفاع الخصم، وإذا ظهرت فجوة بين الخطوط، فإن سيتين سيتطلع إلى اللعب فيها، إذا تمت زعزعة خط وسط الخصم، فإن الاستراتيجية هي لعب التمريرات العمودية إلى الأمام، سواء للعب بين الخطوط أو تغذية الأظهرة المتقدمة بالكرة ومنحهم الحرية للقيام بالعرضيات.
يدافع ريال بيتيس بشكل أقرب إلى 5-3-2 وفي بعض الأحيان بشكل 5-4-1 عندما يسقط أحد المهاجمين للمساعدة في الدفاع، بالإضافة إلى ذلك، يستخدم سيتين خط الدفاع المتقدم؛ ضماناً لأكبر قدر من النجاح لمنظومة الضغط العكسي؛ لذلك يحبِّذ سيتين تحرُّك فريق بيتيس ككتلة واحدة.
ماذا ننتظر من سيتين في برشلونة؟
برشلونة و4-3-3 متلازمان، سيتين سيحرص على ألا يدمر ذلك، ستتحول إلى 2-3-5 عند الاستحواذ بنفس الطريقة التي فعلها مع بيتيس ولاس بالماس؛ حيث يتحرك الظهيران إلى الأمام، وتحاول الأجنحة اختراق أنصاف المساحات والتحرك بين الخطوط.
أمام الفرق التي تلعب بالـlow-block، كأي مدرب يحبذ الاستحواذ سيهدف إلى توسعة عرض الملعب عبر الأظهرة لخلق مساحات، كذلك كما وصفت الـbusiness standard بأن فرق الرجل شبه آلية، حيث يحفظ اللاعبون مجموعة من التمريرات والجمل التكتيكية تهدف إلى كسر أي خط دفاعي يواجههم.
أحد أهم الأساليب التي لابد أن يتغلب عليها سيتين هي أساليب الفرق التي تستعمل الضغط العالي، والتي عانى منها برسا فالفيردي، باستخدام أساليبه المعتادة، سواء لافولبيانا أو أي وسيلة أخرى.
أخيراً.. انتظروا كيكي مع ميسي.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.