إن فاتك نصف نهائي السوبر الإسباني بين برشلونة وأتليتيكو مدريد فقد ضاع عليك مشاهدة مباراة بها كل ما يمكن حدوثه في كرة القدم. كالعادة، ميسي يفعل كل شيء، ولكن يخسر برشلونة، لم يعد الأمر يقتصر على تألق ميسي ومحوه لأخطاء فالفيردي. إذ تدنى الشكل العام للفريق ووصل إلى مستوى جديد ظهر به بدون هوية، فريق ليس له أي شكل في الملعب، فشل وعجز تام بالمنظومة، وفالفيردي يشاهد كمن بالمدرجات.
مجريات المباراة
سارت أحداث اللقاء بنسق مختلف تماماً عن مواجهة الفريقين هذا الموسم في الدوري الإسباني بملعب واندا متروبوليتانو، بسبب أخطاء فالفيردي أثناء المباراة، وانتهاز سميوني تخاذل دفاع الفريق الكتالوني وكان للفار كلمته.
بدأ برشلونة المباراة برسم تكتيكي واقعي، وإن كان هناك بعض الجدل على عناصر تشكيل الفريق في البداية؛ حيث كان من الممكن تغيير لاعب أو اثنين، ليضيفوا أفضلية لبرشلونة على مستوى الشوط الأول، ولكن إرنستو فالفيردي بدأ بما يراه مناسباً، أتليتيكو بدأ كما اعتدناه، لا جديد. فريق سيميوني متراجع لمنطقة الجزاء، متماسك، ومتحكم في إيقاع المباراة، ويعتمد على سلاح المرتدات، تاركاً الكرة لخصمه وبانتظار الهجوم لاستغلال انطلاقاته المرتدة، ولكن تظل إحدى نقاط الفريق السلبية هي تحويل تطبيق الأفكار القديمة إلى الأساليب الحديثة في اللعبة.
توجيهات فالفيردي
نبدأ بأهم معالم الفريق الكتالوني؛ حيث وضع فالفيردي في خط الوسط مثلثاً على رأسه بوسكتس يتقدم أمامه فيدال ودي يونج، بتوليفة كنا نتمنى رؤيتها بتوجيهات صحيحة، ولكن وجدنا بوسكتس بطيئاً ولا يجيد التعامل أمام أهم سلاح لفريق أتليتيكو مدريد وهو المرتدات والنمط الهجومي السريع للخصم، وبدا دي يونج تائهاً في دور بلا ملامح أو تعليمات واضحة، ظهر خارج المباراة ذهنياً ولم يقدم الأداء المتوقع كما اعتدنا تألقه مع نادي أياكس الهولندي، ويمكن أن يعود ذلك المستوى إلى سوء التوظيف من المدرب للاعب شاب ذي مواصفات فذة مثل دي يونج، ثالث عنصر بوسط ميدان برشلونة وأفضل من ظهر بخط الوسط هو فيدال؛ حيث فعل أكثر ما يمكن فعله وكان دوره واضحاً في إراحة ميسي والانسجام معه، حيث إن تحرَّك ميسي إلى الطرف ليهرب من تكتلات كتيبة سميوني ومنح زملاءه المساحة وجدنا فيدال يتجه إلى العمق لتقديم المساندة بالجانب الهجومي، وإن انطلق ميسي إلى العمق يتحرَّك فيدال إلى طرف الملعب بدرجة تُمكنه من لعب العرضيات إلى منطقة جزاء الخصم.
تأثير حرية غريزمان
أما عن خط هجوم برشلونة أبرز من ظهر بعد ميسي هو جريزمان لأول مرة يمنحه فالفيردي حرية التحرك بعرض الملعب خاصة ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الخريطة الحرارية للاعب أثناء المباراة، من الصعب تحديد مزايا أنطوني جريزمان، فهو يمتلك بعض من خفة باتو، بعض من فاعلية ريكاردو كاكا، مع المزيج من مهارة زين الدين زيدان، والقليل من قوة رونالدو الظاهرة، هو شيء من كل أولئك، لذلك هو ليس مهاجماً صريحاً، ولا جناحاً بعيداً عن المرمى، ولا هو صانع ألعاب فذ، هو يلعب فيما بين كل تلك المراكز، جريزمان أشبه بفرانكشتاين الذي تكون من قطع متناثرة، لا يمكنك تقييده أو حبسه في مركز بعينه، أما عن سواريز فلا تعليق هو بمثابة رأس الحربة المتكامل، ولنجعل ختامها مسكاً ليونيل ميسي كطبيعته قدم كل شيء بالمباراة وسجل هدفين، ألغي أحدهما بسبب لمسة يد وضحت بعد العودة إلى الفار، حاول ليونيل إنقاذ فالفيردي الذي خذل مجدداً فريقه وعشاق النادي الكتالوني بعدم مجاراته للتسعين دقيقة وقراراته الخاطئة، رغم بدايته المنطقية للمباراة.
ابتسمت "المستديرة" لمدريد
بدأ أتليتيكو مدريد كما هو الحال مع سميوني منذ توليه مهمة تدريب الفريق مهما تبدلت العناصر، حيث ظهر برسم 4-4-2 وبوضع تعليمات محكمة يتم لعب كل الكرات بشكل ثابت بلا اندفاع متماسكين بوسط ملعبهم ومنطقة الجزاء تحديداً، فلم نلحظ أي أخطاء فادحة في دفاع أتليتيكو، وجدناه كالعادة فريقاً منظماً ينتهز أي هجمة مرتدة لصالحه، وبدت التوجيهات واضحة من سميوني إلى أجنحة فريقه اللاعبين كورّيا وساوول بالاتجاه إلى العمق، حيث يتحرك الأطراف إلى العمق لزيادة تكتل الهجوم واستغلال هشاشة دفاع برشلونة، وجنى فريق أتليتيكو ثمار تنفيذ توجيهات مدربه، حيث أحرزوا الأهداف الثلاثة وجاءت جل الفرص من العمق، واستطاع سميوني مجاراة أحداث المباراة بحنكة وهدوء يحسب له، هُيِّئت الظروف وابتسمت المستديرة لمدريد بتخبط حال برشلونة وتبديلات فالفيردي التي لم تضف أي شيء، وقرارات الفار حيث تم عن طريقه إلغاء هدفين للفريق الكتالوني واحتساب ركلة جزاء جاء منها الهدف الثاني لأبناء مدريد، إضافة إلى تألق فردي لأوبلاك حارس مرمى أتليتيكو وتصديه لكرات في نظر أحدهم هي من وحي الخيال وحلم بعض الحراس، يستغل سميوني ظروف المباراة ويخطف أتليتيكو بطاقة التأهل إلى نهائي السوبر.
الإقالة ونهائي مدريد
ينتظر البعض قراراً حاسماً من إدارة فريق برشلونة تجاه المدير الفني إرنستو فالفيردي بعد فشله بتخطي أتليتيكو مدريد، والتأهل إلى نهائي السوبر، وسخط عشاق الفريق الكتالوني على مدرب الفريق الحالي، وتكرار نفس الأخطاء بل تزداد الأمور سوءاً، فهل يحدث ما هو متوقع قبل مواجهة برشلونة نابولي بدوري أبطال أوروبا أم لإدارة النادي رأي آخر؟ فبعد ليلة كروية ليست بالجيدة على أبناء كتالونيا وملامح البسمة ترتسم على عاصمة إسبانيا، تتوجه الأنظار إلى يوم الأحد القادم؛ حيث لأول مرة هناك فريقان ليس بين أحدهما حاصل على الدوري أو الكأس نترقب مواجهة الغريمين ريال مدريد وأتليتيكو مدريد بنهائي السوبر الإسباني بعنوان ديربي العاصمة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.