أشعل
ثورة كروية في بلاد الإنجليز، علمهم طريقة جديدة لركل الكرة بدلاً من تلك المملة
التي كانوا يركلون بها. أمضى 22 عاماً وهو المسؤول عن أرسنال، رفع معه 10 كؤوس،
وأشرف على انتقال النادي من ملعب هايبري إلى ستاد الإمارات متحملاً سني القحط
والجفاف. قدم كرة قدم أنيقة، تُعد من أفضل ما شُوهد في عصر الدوري الإنجليزي
الممتاز. صاحب دوري اللاهزيمة الوحيد في تاريخ الدوري الإنجليزي.
وعلى الرغم من أخطاء مواسمه الأخيرة، يظل آرسين فينغر معروفاً بكونه أحد أذكى عقول
اللعبة.
في هذا المقال سوف نتحدث عن بعض الدروس التي يمكن أن نتعلمها من البروفيسور أو كما يطلقون عليه بالفرنسية: "Le Professeur".
سمح توجيه فينغر والدعم المستمر لكل من تييري هنري وسيسك فابريغاس وروبن فان بيرسي وباتريك فييرا وكثيرين غيرهم مع أرسنال خلال المراحل المبكرة من حياتهم المهنية، بالتطور إلى أن أصبحوا عظماء في عالم كرة القدم.
يقول فينغر إن سر رعاية المواهب، هو إعطاء اللاعبين إيماناً تاماً بمميزاتهم، لأن لا أحد منا لديه كل الصفات لكننا نصنع حياتنا ونجاحنا بجودة كبيرة، فبمجرد أن يتمتع اللاعب بجودة عالية، فإن وظيفتي هي أن أمنحه الثقة، ولكن يجب ألا ننخدع، فنحن هنا لمساعدة الأشخاص الذين يريدون أن يكونوا ناجحين.
يرى فينغر أن أهم سمة يجب أن يتحلى بها المدرب، هي أن يكون متفائلاً. يقول البروفيسور: "يجب أن أرى ما يدور حول النادي بعد الهزائم الكبيرة، يشبه الأمر الحرب، الجميع ملقون على الأرض، لذلك عليك أن تكون متفائلاً وأن تقول: هيا، نحن جيدون بما يكفي للفوز بمباراتنا التالية".
كيف تخلق لاعباً من الألف إلى الياء؟
حسناً، استمع جيداً لما سأقوله، بناء اللاعب مثل بناء المنزل تماماً، أساس اللاعب هو الأسلوب، والأسلوب تحصل عليه بين سن السابعة والرابعة عشرة، إذا لم تكن لديك مهارات فنية في الرابعة عشرة فلن تكون أبداً لاعب كرة قدم.
لسوء الحظ فإن الطابق الأول هو الجانب المادي، الذي يتم تحديده بين 14 و17، وبناء عليه نقيم السرعة والقوة الكافية للبناء.
الطابق الثاني هو الجانب التكتيكي
ثم الجزء الأخير، والذي يتم البت في شأنه في سن الـ18 أو 19 عاماً. وهو متعلق بسؤال اللاعب لنفسه: كم أريد أن أكون ناجحاً؟ هل أنا مستعد لعدم الذهاب إلى الملاهي الليلة ليلة الجمعة لأنني أريد أن أقدم على مباراة جيدة يوم السبت؟
هذا ما يسميه فينغر السقف، وإذا لم يكن لديك سقف يحميك، فستمطر السماء فوقك بكل تأكيد.
لذا يجب الحفاظ على هذا السقف طوال حياة اللاعب، حياة أي إنسان قوي تتمثل في امتلاك لهدف طويل الأجل، المهم أن لا يتلاشى خلال تلك الرحلة، هذا هو الشيء المثير للاهتمام في مهمتنا.
لماذا انهار فينغر في النصف الثاني من ولايته؟
يُسأل فينغر.. لماذا تستمر في بيع أفضل لاعبيك؟ لماذا لا تنفق أي أموال؟ لماذا لا تغير نهجك التكتيكي ضد الفرق الكبيرة؟
يقول
فينغر: أعترف بأني ارتكبت الكثير من الأخطاء، لكني أعتقد أن القادة يجب أن يكونوا
في بعض الأحيان أقوياء بما يكفي لاتخاذ قرارات صحيحة وغير مقبولة من الجماهير.
لا شك أنه قدم كرة قدم ساحرة، سجل أهدافاً تعد من أجمل أهداف الفريق بالعصر
الحديث، حول كرة القدم إلى فن، الأمر الذي جعل أسلوب لعب الغانرز مفضلاً للعديد من
المشجعين، يعتقد فينغر أن الهدف من أي شيء في الحياة يجب أن يكون القيام بذلك بشكل
جيد بحيث يصبح فناً، على الرغم من حبي للفوز وكراهيتي للخسارة، إلا أن الأمر بحاجة
للترفيه.
الصبر في كرة القدم أمر نادر الحدوث في هذه الأيام، يشعر الكثير من المدربين بالضغط لتحقيق نجاح فوري. منذ 23 عاماً، كان فينغر المعين حديثاً يدرك أيضاً هشاشة منصب المدير. بدلاً من محاولة تغيير أسلوب اللعب في آرسنال فوراً، قرر فرض أساليبه على مراحل.
يقول فينغر: كنت واثقاً من أنني قد يكون لي تأثير إذا تم منحني الوقت، لكنني كنت على وعي سريعاً أنني بحاجة إلى نجاح قصير المدى للوصول إلى رؤيتي الطويلة للنادي، لذلك قررت أولاً عدم تغيير الكثير، ومحاولة الحصول على أفضل ما في الفريق، لقد غيرت بيئة الفريق وطريقة العيش، والخطوة الثانية كانت تغيير طريقة لعب الفريق.
في معظم الأوقات يدخل المدرب في حالة عاطفية، يدخل غرفة الملابس وهو منزعج غاضب، لذا عليه أن يهدأ أولاً، إن لم يهدأ فسيفتعل الكثير من المشاكل. عليه أن لا يتحدث كثيراً، فعندما تتحدث كثيراً لن يعرف أحد ما قلته، لذلك يتعين على اللاعبين التواصل أيضاً مع المدرب فهم يعرفون بشكل أفضل ما يحدث على أرض الملعب.
لا أحد يستطيع أن يشكك في شغف فينغر باللعبة، افتقر للانفعال على خط التماس، على عكس يورغن كلوب أو بيب، يؤمن فينغر بأسلوب مدروس في محادثات الفريق والتعليمات الجانبية.
يقول فينغر: لكي يكون لديك لاعب كرة قدم حقيقي، فأنت تحتاج إلى أن يكون سنه 23 عاماً، قبل ذلك السن قد يقدم مباراة جيدة وأخرى متوسطة، ويشعر بأن ما قدمه شيء كبير، وهو مخطئ، ذلك اللاعب فقد الدافع الأساسي للنجاح".
فالدافع الأساسي هو مفتاح النجاح على المدى الطويل، طوال فترة قيادة فينغر، ترك العديد من اللاعبين آرسنال في المقدمة وغادروا، بعضهم رحل لتحقيق مكاسب مالية، وآخرون لهثوا بحثاً عن العناوين.
لذلك يقول فينغر الدافع الخارجي لا يفضي إلى مهنة مستدامة على أعلى مستوى.
أيها السادة، الأشخاص التنافسيون على أعلى المستويات حقاً لا يحفزهم المال.. مثلاً لماذا يجب أن يفوز فيدرر أو نادال أو دجوكوفيتش كل عام؟
لأن هناك شيء يريدون إثباته، استمرارية النجاح، ذلك الدافع الأساسي لهم، أما المكافآت الخارجية مثل المال فلا يلتفتون لها.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.