إلى الحبيب الذي لا يهجرني مهما غفلت عنه!

عربي بوست
تم النشر: 2020/01/01 الساعة 14:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/01 الساعة 14:16 بتوقيت غرينتش

حبيبي.. كما أُحب أن أطلق عليك، أكتبُ إليك وأنا مُمددة مُتهالكة ولا أقوى على فعل أي شيء، أكتُبكَ بحبٍّ دفين وشوقٍ تلبّس بي من حيث لا أدري، أظن الآن أنكَ تتربع على عرش قلبي بلا مُنازع، وأنكَ تحتل المرحلة الأولى والأخيرة بعد أن خلتُ أنكَ لستَ بداخلي، وأنا الآن أقسمُ أني أُحسكَ هنا بيني وبين نفسي كسرٍّ مُخبّأ عازمة على أن أبقيك وحدك.

مضى وقتٌ طويل ولم أبعث لكَ رسالة واحدة، كما انتظرتُ منكَ أن تبعث لي ولم تفعل، أو لعلي ظننتُ هذا، لقد انتابني شعور أنكَ تخلَّيتَ عني، وأن حُبك لي قد بدأ يفتُر، وأنني لا أعني لك شيئاً، كما لم أكن أعني لأحدٍ شيئاً.

عزيزي.. آمل ألا يكون ظني في محله، وأرجوك أن تقرأ رسالتي حتى نهايتها، وألا تغفل عن ضربات قلبي المُتخبّطة مع كل حرفٍ يسكنُ إليك ويرنو إليك.

إنها السنة الأولى التي أخطئ فيها بحقي وحق الحُب الذي بيني وبتمامينك بشكل مُتكرر لا نهائي، وبِطرق عدة ومُفتعلة، ومُملة أيضاً، أفتعل شجارات كثيرة مع نفسي، أُهذّبها، أُعاتبُها، وأقسو عليها بشكل غير اعتيادي، لا شيء يُضاهي حزني، أغفر لي كآبتي قليلاً، حسناً قد لا تُحبني على هذا الشكل، كما لم يحدث لأحد أن أحبني عليه، كأن العالم تناسى حُزنه في جيب قلبي لفترةٍ طويلة حتى نسي أمره تماماً، أعتدتُ على هذا حتى الوحدة التي كنتُ أظنها ستقضي عليَّ لا مُحالة بدأتُ بوضعها على رفّ اللامبالاة كالأشخاصِ من حولي، رغم أنه لا أحد حولي على الوجه الذي أُريده. 

بدأتُ أكتب في الآونة الأخيرة بعد عدةِ شهور مما كانت عليه حُروفي العقيمة، وأبجديتي التي لا تلد.

كنتُ أحصرُ في نفسي حتى فاض الحبرُ أخيراً كمواساةٍ منهُ إليّ، لا أظنني كاتبة، فأنا لا أفتعل هذا، رغم الورق الكثير الذي أكدّسه بخفية عن تطفُّلات الغير، والقصائد العديدة التي أكتُبها دون عنوانٍ أرسلها إليه، ورغم أن الكتابة هي الشيء الوحيد الذي يعيدهم من حيثُ أتوا، لا صدر يضُمهم داخله ويحنو عليهم بخفية وحرص أن يراهم أحد، ولا قلب يحتفظ بهم كقلبي، ويلفظهم خارجاً في أوقات عدة، في الوقت الذي لا يروق لهم حسٌّ، ولا يمر لهم خاطرٌ بي.

حبيبي الوحيد أنا أقر وأعترف الآن بكامل قواي القلبية والعقلية أنني هجرتهم، وألا حبيب سواك هنا رهن إشارةِ قلبي.

قد تملكني اليأس في لحظة من لحظات حياتي، واستبدّ بي شعور أنكَ لا تُريدني، وأن ما أحدثتهُ بي فيما مضى كان خيبتي بك، لقد منعتَ عني أشياء أردتها، وحُلتَ بيني وبين أحلام قمتُ برسمها كأبهى ما يكون، وأبعدتني عن أشخاص تعلق قلبي بهم، حتى رأيتُ بأم عيني أن كل ما فعلتَ وكل ما منعتَ كان لحكمة خفية، هذا ما ظننت في البداية بباطن عقلي الضيق، وجهلي المُحدق، فاغفر لي هذا، بل كل ما فعلت.

 حسناً، أعلم أن بعض الظن إثم إن لم يكُن كُله إثم في حضرتك، وأعلم أنني إذا ما أردت العودة إليك فإنك تبسط أجنحة حُبك لاستقبالي مرحباً بالحُب الذي ما فتئ بيننا، متناسياً كل ما بدر مني بحقك.

أكتب إليكَ لأخبرك أنني أرتعش أمام وقع ما يخطّهُ قلبي لك، لقد راودتني هذه الرعشة في اللحظة التي كنت أصلي فيها الفجر، وفكرتُ فيها وعزمتُ أنني يجيب أن أكتب إليكَ رسالة، مفادها أنني ما زلتُ على عهدي بحبك، وأنني أثق بك بعد قطيعة دامت سنوات، وألا مرجع إليَّ غيرك، وأنني أشهدُ أنك كُنت فما مضى أحبَّ إليَّ من نفسي وأهلي والناس أجمعين، فهلّا أعدتَ بناء الجسور بيني وبينك، فإن الهجر كوى قلبي وأذابه، هلَّا غفرت زلاتي وظني السيئ بالأمور التي حدثت مؤخراً بشكلٍ لم أكن أريدهُ، وأردتَهُ أنتَ، وكنتَ سبباً فيه، وكان في طياتهِ رحمةٌ لم تتضح لي إلا بعد فوات الأوان، فهل فات الأوان حقاً بيني وبينك؟ فأنا جئتُ إليك مُنكسة وخجلة أشد الخجل على ما كان مني، جئتُ إليك لأخدك إليّ ومعي أين ما حللت، فأنت تعلم أنني وحيدة ومنسية، ولا أحد هنا بجواري وبحوزة يدي ونظري كما هم بحوزةِ قلبي، لقد هجرني الناس ووجدتك يا ربي قريباً.

عزيزي الله، الحبيب الذي لا يهجُرني، والقريب الذي لا يغيب، الغفور الرحيم، لقد ارتكبت أخطاء كثيرة بحقك فيما مضى، وكنت شاهداً على هذا، تُمهلني ولا تُهملني، ومنذو عزمتُ على العودة إليك وخُطاي تنحني تارة هنا وتارة هناك، أسألك الثبات، فحب عبادك أثقلَ قلبي، وشقاءُ الدنيا أجرى مدامعي، والذنوب قد حالت بيني وبينك إلى حد لم أكن لأتصوره، أنا فتاة عشرينية العمر، لا أظنني بعمري الذي مضى عشتُ حباً دغدغ روحي كحُبك، وأن كُل حُب دونك هو هلاك بعينه، وكل تعلق بسواك هو خيبة لا مفر منها.

اللهم إني أعلم أنك مُطلع عليّ، تعلم أن الأبواب التي عزمتُ على فتحها جميعها أُغلقت في وجهي، وأن القلوب التي حاولتُ أن أدلف إليها صدّتني، وتركتني كخرقة بالية وحيدة ومغشية على وجه المشاعر التي أحالتني إلى هنا، حيث لا ضوء هنا، لا أحد يحنو على هذا القلب غيرك، فهل عدتُ إليك؟ أنا باخطائي الجمة وبخيبة صدودي عنك، أنا بذنوبي التي تسترها برحمتك، وتغض الطرف عنها بوابل كرمك، أنا بحروفي وأبجديتي المحدودة أكتبُ إليك رسالة، إنني أريد بكل ما في هذه الكلمة من رجاء أن أعود إلى كنفِ حبي الأول والأخير، إلى حُبك يا ربي.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

إسراء شنيك
مدونة فلسطينية
مدونة فلسطينية