«شاء من شاء وأبى من أبى».. ريمونتادا برشلونة هي اللحظة الأجمل في العقد الأخير

عربي بوست
تم النشر: 2019/12/31 الساعة 14:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/31 الساعة 14:08 بتوقيت غرينتش
احتفال ميسي بالريمونتادا أمام باريس سان جيرمان

ما سيتم ذكره هنا هو أقرب للحديث الشاعري، ليس تحليلاً فنياً أو سرداً تسلسلياً. قد كان هذا العقد -الذي لا أعرف هل سينتهي في نهاية العام القادم أم أن غداً هو آخر أيامه، لكن هذا لا يهم كثيراً- مليئاً بالعديد من الأحداث الضخمة واللحظات العاطفية التي ألهبت مشاعر جماهير الكرة حول العالم.

لكن أفضل مباراة في العقد الذي يودعنا الآن كانت تلك التي ذاق الفائز بها مرارة الفشل في الدور الذي حصد بطاقة التأهل إليه بأعجوبة. ستوضع تلك المباراة ضمن قائمة "مباريات لا قيمة لها على الإطلاق". ولكن هذا لا يهم، تذكر أن حديثنا هنا شاعري، وكل ما ستقرأه -إن قررت إكمال المقال بالطبع- ليس إلا محاولة يائسة لإقناعك بأنها المباراة الأفضل في العقد. عن طريق توثيق لتلك اللحظة التي لن تُنسى أبداً، اللحظة التي كانت الأعظم منذ بدأت مشاهدة كرة القدم، والتي جعلتني أؤمن بأن الكرة هي مصدر سعادتي الوحيد.

مباراة للنسيان

أتذكر التفاصيل جيداً كأن المباراة كانت البارحة، ما حدث في يوم 14/2/2017 على ملعب حديقة الأمراء في مباراة برشلونة وباريس سان جيرمان ضمن مباريات ذهاب دور الثمانية لبطولة دوري أبطال أوروبا. يومها كان برشلونة محطماً تماماً، 7 تسديدات هي إجمالي ما سدده الفريق على مرمى تراب حارس مرمى الفريق الباريسي في مقابل 16 تسديدة لباريس سان جيرمان. 13 تسديدة منها كانوا نتيجة لعب مفتوح. لاعبو برشلونة يفقدون الكرة في كل مكان، فقدوا الكرة 30 مرة. ملك الفريق ميسي فقد الكرة عديد المرات في نصف الملعب والنتيجة كانت كارثية في كل مرة. صحيح أن نسب الاستحواذ على الكرة كانت في صالح برشلونة لكن اللعب كان سلبياً تماماً.

ملخص مباراة الذهاب بين برشلونة وباريس سان جيرمان

ركّز باريس سان جيرمان على الضغط العالي، بالاعتماد على دراكسلر ودي ماريا وكافاني، الثلاثي الذي سجل أهداف المباراة الأربعة. دراكسلر ودي ماريا كانت مهمتهما الأساسية إغلاق جميع خيارات التمرير عندما تكون الكرة مع الحارس تير شتيجن، تركز ضغط باريس على أنصاف المساحات، نتيجة لذلك كان تير شتيجن يضطر للعب الكرة الطولية التي تعود إلى لاعبي باريس نظراً انتشارهم الجيد وقصر قامة لاعبي برشلونة. وكافاني كان يراقب بوسكيتس مثل ظله، لأن بوسكيتس هو الوحيد القادر على إخراج الكرة تحت الضغط. ليعاني ثلاثي خط وسط البلوغرانا. وفي حالة فقدان برشلونة للكرة، كان الفريق مستسلم تماماً، المساحات فارغة تنتظر لاعبي استغلال لاعبي باريس لها. إجمالاً، كانت تلك الليلة عبارة عن بؤس خام وعجز كامل من الطرف الكتالوني. لتكون رباعية فريق العاصمة نتيجة ضعيفة، لأن تلك النسخة من برشلونة كانت تستحق هزيمة أثقل.

ما قبل الملحمة

خرج لويس إنريكي في المؤتمر الصحفي قبل المباراة بتصريح اعتبره الكثيرون فكاهياً، وكان سيستخدم بالتأكيد كمزحة إذا لم تحدث الريمونتادا. كما استخدم تصريح ميسي عن عودة دوري أبطال أوروبا إلى الكامب نو في الموسم الماضي. وكما حدث مع تصريح هالاند قبل مباراته أمام ليفربول حين قال إنه سيسجل هدفين في شباك أليسون. قال إنريكي حينذاك: "إن استطاع فريق أن يسجل 4 أهداف في مرمانا، فنحن قادرون على تسجيل 6 أهداف في مرماه".  إنريكي كان بطل تلك الملحمة الأول، بالتأكيد إنريكي ليس من أفضل المدربين في التاريخ، ولكن تعامله النفسي مع اللاعبين بعد مباراة الذهاب وتهيئته لهم قبل مباراة الإياب، كان العامل الأكبر في الفوز في تلك المباراة.

من قال أن زمن المعجزات قد ولّى

حسناً كيف حدثت المعجزة؟ لا أعلم، ولا حتى لويس، ولا إيمري، لا، ربما يعرف إيمري، لأنه من أعطى برشلونة المباراة. تشكيلة باريس أفصحت عن نواياهم وأنهم لن يفعلوا أي شيء سوى الدفاع. تشكيلة الكتلان تقول إنهم لن يخسروا أكثر مما خسروه، إنريكي قرر الانتحار هجوماً وإيمري لم يختلف عنه كثيراً حتى وإن اعتمد عكس ما اعتمد نظيره. ولكن من انتصر في النهاية كان إنريكي، هدف باريس كان من الممكن أن يتضاعف في عدة مناسبات، برشلونة تدافع بثلاثة لاعبين فقط والباقي في الهجوم.

تحقق ليلتها حلم لاعب الأهلي والزمالك السابق ونجم أستوديوهات التحليل رضا عبدالعال. لا أحد يعلم ما الذي كان يجب أن يتوفر حتى يهاجم إيمري، 3 أهداف سُجلت في مرمى فريقه وهو مُصر على أنه والعدم سواء. لم يكن الفعل ولم يرغب حتى أن يكون رد الفعل.

بالتأكيد تتذكر مباراة برشلونة وريال مدريد التي انتهت بثلاثية مقابل لا شيء في موسم 2017/2018، جُرم زيدان الأول كان قرار أن يشرك كوفاسيتش فقط حتى يراقب ميسي. وهذا ما فعله إيمري الذي قرر أن يراقب ميسي بأكثر من لاعب، فظهرت المساحات لنيمار، الذي كان رجل الريمونتادا الثاني، إلا وأنه في بداية المباراة لم يجد طريقه جيداً، احتاج القليل من الوقت حيث كان يستعرض مهاراته قليلاً، إيمري دافع وترك لبرشلونة حرية الهجوم والضغط، الاستحواذ كان 70% لبرشلونة مقابل 30% لباريس سان جيرمان، مناطق تمركزهم أثناء استحواذهم على الكرة كانت أغلبها في مناطق الدفاع، حتى استحواذهم لم يكن طويلاً نظراً لضغط برشلونة، إجمالي التسديدات كانت 20 لبرشلونة مقابل 8 للضيف، إنريكي لم يجد شيئاً ليخسره فكان هذا دافعه، لكن إيمري امتلك كل شيء، وخسره في لحظة غباء.

ملخص الريمونتادا

تلك المباراة لم تكن مليئة بالتكتيك، ولكن هنا في هذه اللحظة هذا التكتيك لا يهم، تلك المباراة لم يفز بها إنريكي لفصاحته في التكتيك، تلك المباراة لم تكن سوى رد اعتبار من اللاعبين لأنفسهم ولجماهيرهم. 

واسمح لي هنا بأن استرسل في الحديث بقليل من الشاعرية، دعني فقط أخبرك بأن الأمل الذي تحدث عنه إنريكي في مؤتمره الصحفي لم يتواجد عندي في ذلك اليوم، الأمل كان ممزوجاً بالشغف تجاه الكرة التي قالت إن ميلان لم يفز في نهائي إسطنبول، وإن ليفربول قادر على تحقيقها، كان أملاً ممزوجاً بالرجاء أن تحدث تلك المعجزة، وهي معجزة حقاً، لأنك إذا سألت أي شخص في ذلك اليوم هل توقعت هذا، ستكون الإجابة دائماً بلا، الجمهور ذهب في تلك المباراة بحثاً عن أداء يخبرون به أولادهم وأحفادهم في يوم من الأيام، لم يتوقع أحد الريمونتادا ببساطة لأنها مستحيلة، لكل الأسباب المنطقية التي قرر إنريكي أن يتغاضى عنها فالأمر كان مستحيلاً.

كيف حدثت الريمونتادا؟

حقاً لا أحد يعلم، ولا أحد يعرف كيف وضعها روبيرتو في الشباك، أنا لا أعرف شيئاً سوى أنني بدأت بالركض في أنحاء المنزل، وأن جميع من في الكامب نو بدأ في البكاء، لم ألاحظ شيئاً سوى عصام الشوالي وهو يقول "من سجل هدف التاريخ؟" ما رأيته في ذلك اليوم كان الشغف بعينه، سواء كنت تشجع برشلونة أم لا، فتلك اللحظة كانت ملكاً الجميع، لماذا هي المباراة الأفضل؟ لا يوجد سبب لكنها هكذا طواعية.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

آمنة أيمن
كاتبة رياضية
كاتبة رياضية
تحميل المزيد