إدلب
آخر المدن المحررة، يقطنها أكثر من 2.5 مليون شخص، بينهم أكثر من مليون و100 ألف
مهجر داخلياً.
هجمة بربرية وحشية يقوم بها المحتل الروسي ونظام الأسد المجرم، قصف جنوني عنيف، أهوال يوم القيامة تُعاش في معرة النّعمان، تحاول قوات نظام الأسد وميليشيات إيران التقدم برياً على جبهات شرقي وجنوبي إدلب، في سعيها للسيطرة على الطريقين M5 وM4 الواصلين بين دمشق وحلب واللاذقية.
شهِدت أرياف إدلب خلال 72 ساعة فقط أكثر من 1115 هجمة جوية وأرضية، أعداد النازحين من أرياف إدلب تجاوزت الـ40 ألف خلال ثلاثة أيام، نُزوح إلى المجهول وأكثر من 70 ألف نسمة في معرة النعمان تحت القصف.
والمنظمات الموجودة كفرق الدفاع المدني وفريق ملهم التطوعي ومنظمة بنفسج وغيرها من المنظمات لم تعد تستطيع استيعاب أعداد النازحين بعد حملات القصف غير الطبيعية من شدة القصف أصبح هروبهم أمراً صعباً، والبعض منهم خرج مشياً، وآخرون في سيارات، وعاد الطيران الحربي يستهدفهم في الرّشاش، هنالك آلاف المدنيين العالقين ما زالوا مهددين بالإبادة.
مرة تلو الأخرى ها هي معرة النعمان تكشف عار الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية، كما قبلها من المدن السورية كالغوطة وحمص وحلب والزبداني والوعر والمعظمية وداريا.
بعد إحراق الأرض مجدداً الفيتو الروسي والصيني يُستخدم ضد قرار في مجلس الأمن الدولي لإدخال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا ويُحرق حتى أي شيء يساعد السوريين، هذا الفيتو يعني توقف 90٪ من البرامج الإنسانية في الشمال السوري من مشافٍ ومدارس ومراكز صحية وإيواء وباقي القطاعات.
المحتل الروسي يعيد استراتيجيته التي قضى بها على "التمرد الشيشاني"، كان يقوم بمحاصرة المناطق الشيشانية الثائرة الوحدة تلو الأخرى ثم يفتح باباً للهجرة من جانب إجباري لينجو المهجّرون بأرواحهم، إلى أن استطاع جمعهم في غروزني، وعندما استطاع تطهير جميع المناطق الثائرة من أهلها وثوارها، قام بتدمير غروزني بالكامل، وأعلن انتصاره على "الإرهابيين" الشيشان.
اُستنسخت هذه الاستراتيجية في حلب والغوطة والمدن الأخرى التي تم تهجيرها من قبل ويحاول تطبيقها في إدلب.
ظُلمات التهجير، صواعق التخاذل من العالم وصرخات الموجوعين وآهات الثّكالى لا تتوقف، في معرة النعمان اللحظة تساوي الأبد ويعود الأبد يساوي اللحظة والحياة لا تُشبه الحياة في شيء، سحب الشهداء تثقل تلك البلدة الهامدة، في إدلب لا ضامن إلا الله، وحدها أبواب السماء مفتوحة للسوريين بلا تأشيرة أو حدود، أُطلقت هذه الكلمات المعبرة في هاشتاغ أطلقه ناشطون للتضامن مع إدلب "إدلب_تحت_النار".
لا شيءَ عند الموت يُشبِهُ موتَنا ** في كلِ يومٍ نموتُ ثم نموت
الجميع خان تلك الأرواح وتركوا هذا الشعب بوجه محتل روسي وميليشيات إيرانية ونظام مجرم اجتمعوا على إبادته على مرأى ومسمع من العالم.
ونحن من في المهجر ثكالى الأوطان نقف وقُوف شَحيح ضاع في التُّرْبِ خاتَمُه، أرواحنا تشبه كتلة من الشوك عَلِقت في كُبّةٍ من الصوف نحاول بحملات وجمع تبرعات ووقفات عساها تخفف من هول ما يحدث، لكن الأمنيات هي الوجه الآخر للمستحيلات.
حتى توقيت هذه الحملة في فصل الشتاء القارص يزيد المأساة، جاءهم الموت من كل مكان، من يدري كيف يمرّ الزمان على الساكنين هناك؟!! في المخيمات مبعدون عن ديارهم يفترشين الأرض وسقّفهم السماء.
الكل يتساءل أين الفصائل الإسلامية المسلحة أمام هذا التقدم السريع وغير المبرر؟ أين الفصائل التي شاركت في عملية "نبع السلام" والتي كانت مدججة بعتاد يحرر مدناً بأكملها؟ أين مخازن تحرير الشام "جبهة النصرة" والأسلحة الثقيلة التي وجهت لإبادة فصائل بأكملها؟ لكن يا ترى من باع حلب والغوطة سيشتري إدلب؟!
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.