مضى أكثر من 16 شهراً على انضمام الغيني نابي كيتا إلى ليفربول قادماً من نادي لايبزيغ الألماني. ومنذ ذلك الحين، لم يكن نابي الخيار المفضل والأساسي ليورغن كلوب في وسط الملعب. الثلاثي هندرسون وفينالدوم وفابينيو يقدمون أداء يصعب معه إجلاس أحدهم على دكة البدلاء. لكن أخيراً، ومع غياب فابينيو للإصابة، قرر كيتا أن يحمل قوسه، ويطلق أول سهام الحب باتجاه كلوب. لينجح بإصابة قلب المدرب الألماني بعد عدة محاولات ويلفت أنظار مدرب الريدز وجهازه الفني بإمكانياته، ليغدو من أهم أوراقه في الموسم الحالي ويثبت بأنه لاعب قادر على إعطاء الإضافة المطلوبة.
لم يكن نابي محظوظاً في بداية الموسم الحالي، فقد تعرض لإصابة في الفخذ قبل مباراة السوبر الأوروبي أمام تشيلسي، حرمته من فرصة المشاركة مع كتيبة يورغن كلوب في أولى مباريات الموسم. قبل أن يُسجل عودة استثنائية منذ مباراة جينك في دوري أبطال أوروبا وبدأ في مزاحمة ثلاثي الوسط الأساسي لفريق كلوب.
فكيف نجح بوضع اسمه في التشكيلة الأساسية ولفت أنظار كلوب مرة أخرى؟
ملك اللعب بين الخطوط
عندما تكون الكرة مع ليفربول، وخصوصاً مع كيتا الذي يحب التوغل نحو العمق في أغلب الحالات، غالباً ما ينجح الغيني بارتكاب جرائم في خطوط الخصم، مما ينتج عن ذلك مساحات غير مغطاة ولاعبون محررون من الرقابة يمكن التمرير لهم في أماكن خطرة. هذه المساحات يُمكن أن يستفيد منها محمد صلاح الذي يمتاز بسرعته وإنهائه المميز للهجمات، أو ماني الذي يحب استلام الكرة في مثل هذه الحالات ولعب كرات بينية إما لفيرمينيو أو لمحمد صلاح إن كان المهاجم البرازيلي يؤدي دوره بسحب لاعبي الخصم وإشغالهم، مما يُمكن النجم المصري من التحرك بكل راحة في ظهر دفاعات الخصوم.
أدوار دفاعية موزونة
من الممكن اعتبار أدوار نابي كيتا الهجومية فعالة ومفيدة أكثر من تلك الدفاعية، لكن لا يمكننا التقليل من ما يقدمه في الحالة الدفاعية خصوصاً في الصراعات الثنائية وافتكاكه الكرة بشكل سهل من بين أقدام الخصم دون ارتكاب الكثير من الأخطاء. وباعتماد كلوب على الرسم التكتيكي 4-3-3 مُنح كيتا فرصاً عديدة ليكون في التشكيلة الأساسية الموسم الماضي، لكن الحظ عانده في فترات وخيب هو الآمال في فترات أخرى ولم يكن موفقاً في العديد من المباريات. إذ بدا وكأن قميص الريدز "واسع" عليه بعض الشيء أو أنه ما زال يلعب بعقلية الناشئ وليس النجم. لكن بتطوره على المستويين الفني والنفسي، وبعودته الفنية القوية والعروض الاستثنائية التي يقدمها كيتا حتى الآن، نجح ببعثرة الأوراق من جديد، وفرض نفسه كلاعب وسط متعدد المهام والخصائص ويمتلك من المميزات الكثير، أهمها قدرته على الصعود بالكرة من مناطق الدفاع إلى الهجوم وهو تحت الضغط العالي من لاعبي الخصم بسبب مهارته العالية وبرودة أعصابه.
منذ مجيئه الى ليفربول، عرف كيتا بأن مهمته ليست بالسهلة، لكن كل تلك العوائق (الإصابات/عدم التوفيق/تذبذب المستوى) وإن عطلته قليلاً إلّا أنها فشلت في عرقلته، ونجح باجتياز الجزء الأصعب من الاختبار، وأكد بأن لكل مجتهد نصيباً.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.