«على غرار فيغو».. من يلقي برأس الخنزير على الخائن كهربا؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/12/16 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/16 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
«على غرار فيغو».. من يلقي برأس الخنزير على الخائن كهربا؟

أعلن النادي الأهلي عن ضم اللاعب محمود عبدالمنعم "كهربا" لمدة أربعة أعوام ونصف، وقبل أن تبدأ في التمني أن يصبح هذا المقال عبارة عن استعراض لأهمية هذه الصفقة أو تحليلاً فنياً لدوره في تشكيلة الأهلي، أريد أن أقول لكم أن هذا لن يحدث للأسف. فلستُ هنا اليوم لعرض هذا وإن كنت تبحث عن فائدة كهربا في أرض الملعب فأنت في المكان الخاطئ تماماً، وقبل أن تبدأ في التذمر أطلب منك إكمال القراءة فرُبما أقدر على منحك زاوية جديدة للحدث الأبرز على الساحة الكروية المصرية.  

هل أصبح الانتماء مجرد لعبة؟

يعد الحديث عن الانتماء من المواضيع الشائكة في كرة القدم، الأمر الذي يدفع الكثيرين إلى تجنب الحديث عنه، والسبب هو أن لا أحد يعرف ما هو الانتماء حقاً.

فهل تساءلت يوماً عن تعريف الانتماء؟

لا أعتقد أن الكثيرين فعلوا، أنا وأنت نستمع للكلمة منذ الصغر، وكل طفل داخلنا فسرها على هواه وسياقه، فمثلاً ربما قال والدك أمامك يوماً ما إن محمود الخطيب منتم للنادي الأهلي أو أن الخطيب يحب هذا النادي من قلبه. ربطت أنت فكرة الانتماء بمحمود الخطيب، من يفعل مثل الخطيب يكن منتمياً. 

أما لغوياً يُعرف الانتماء بأنه الانتساب إلى شيء ما، أمّا اصطلاحاً فهو الارتباط الحقيقي، والاتصال المباشر مع أمرٍ مُعيّن تختلف طبيعته بناءً على الطريقة التي يتعامل فيها الفرد معه. ويعرف أيضاً بأنه التمسك، والثقة بعنصر من عناصر البيئة المحيطة بالأفراد، والمحافظة على الارتباط به وجدانياً، وفكرياً، ومعنوياً، وواقعياً مما يدلّ على قوة الصلة التي تربط بين الفرد، والشيء الذي ينتمي له، سواء كان انتماؤه لوطنهِ، عائلتهِ عمله أو غيرهم.

في كرة القدم أصبح تعريف الانتماء مشوشاً، مغطى، وفي بعض الأحيان غير موجود، أو حُذف تحت مسمى الاحترافية. فعل أي شيء كان يُرى قديماً بأنه غير صحيح أو غير مقبول أصبح يطلق عليه احترافية. تغيرت كرة القدم كثيراً عن الماضي.

وهؤلاء الأشخاص الذين دائماً ما تجدهم يعلقون قائلين "زمان يا ولاد كانت الحياة مختلفة" ثم يبدأ في الاسترسال كأنه يحكي قصة ويختتم قوله بأن الحياة قد تغيرت كثيراً عن الماضي وواقعكم هذا أصبح متشحاً بالسواد، صار لوجودهم معنى. وهذا ما حدث في دنيا الكرة، التي تحولت لعمل يستغله اللاعبون للحصول على الأموال؛ لأنهم لا يجيدون فعل أي شيء آخر.

فيغو ورأس الخنزير

إلقاء رأس الخنزير على لويس فيغو

بالعودة للماضي قليلاً، وتحديداً في عام 2000، استيقظت إسبانيا بأكملها على خبر توقيع فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد الجديد آنذاك مع نجم برشلونة لويس فيغو، اللاعب الذي كان أحد أهم عناصر برشلونة ويُصنف في ذلك الوقت بأنه من أفضل اللاعبين في العالم. انتقل فيغو للغريم التقليدي، وفي يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول، من نفس العام شارك فيغو ضد برشلونة على ملعب الكامب نو، وعلى الرغم من تحذير الجميع له وتوصيتهم أن لا يشارك، أصر فيغو على موقفه. كان الملعب مليئاً بلافتات كتب عليها "الخائن"، ولا ينسى مشهد رمي رأس الخنزير عليه ولا يمحى من ذاكرة كرة القدم. 

يقول لويس إنريكي عن ذلك اليوم: "اعتقدت أنه سيُرمى بخنزير كامل".

وصف فيغو جمهور الكتلان بأنهم أغبياء وأن الأمر ليس إلا مجرد احترافية ولا داعي لكل هذا الغضب والحزن.

ليقفز هذا السؤال إلى الواجهة، ماذا لو وُجد ناد أقوى من ريال مدريد وبذات القدرات المالية وعرض على فيغو ترك ريال مدريد والانتقال له، هل سيذهب إلى ذلك النادي؟

وماذا كان سيقول جمهور ريال مدريد حينها؟

وما هو حقاً تعريف الانتماء؟

وجهان لعملة واحدة

مع اختلاف المواقف طبعاً، يتذكر أغلبنا أزمة عبدالله السعيد، صانع ألعاب الأهلي المصري سابقاً وبيراميدز حالياً، عندما كانت قصته هي الشغل الشاغل لمنصات التواصل الاجتماعي لعدة أشهر. اللاعب الذي كان يلعب في الأهلي ورفض التجديد إلا بعد تحقيق بعض شروطه المادية وبعد مماطلات طويلة من الجانبين. اكتشف الأهلي أنه قد وقع للغريم الأزلي، الزمالك. استطاع الأهلي تقليل الخسائر واعتراض طريق السعيد إلى الزمالك، ومن ثم عرضه الأهلي للبيع. بالتأكيد تتذكر هذه الحرب التي اندلعت بين جمهور الأهلي والزمالك، جمهور الزمالك الذي بدأ يقول إن الفريق استطاع أن يحرم الأهلي من عبدالله السعيد والأهلاوية يردون بأنهم أوقفوا الصفقة وأفشلوها.

عبدالله السعيد مع أمير مرتضى منصور

المشكلة في النهاية أنها حرب "قصف جبهات" ليس أكثر، والرابح الوحيد كان عبدالله السعيد الذي أمن مستقبله بملايين أهلي جدة السعوديّ ومن ثم بيراميدز المصري. وفي العالم الافتراضي انتصر كلا الطرفين؛ الأهلي والزمالك في معركة وهمية.

الولاء للجيب 

ما يهمنا الآن من تلك المعركة هو وصف جمهور الأهلي للسعيد بكونه لاهثاً وراء الأموال وأن ولاءه الأول والأخير لجيبه. 

ليطل علينا سؤال جديد الآن، فيم يختلف موقف كهربا عن موقف عبدالله السعيد؟ ما الذي تغيّر سوى أنه سلك الاتجاه المعاكس الذي سلكه السعيد؟ 

لطالما التقطت عدسات المصورين كهربا وهو يُقبل شعار الزمالك ويضرب عليه بحب وشغف.

نعرف بالتأكيد أن طريقة إدارة النادي الأهلي وسياسة التعامل مع اللاعبين تختلف تماماً عن نظيرتها في زمالك مرتضى منصور، لكن هذا لن يغير من حقيقة الأمر من شيء وهو أن كهربا ليس منتمياً للأهلي ولا للزمالك ولا لأي ناد، هو يرى الكرة مجرد وسيلة للحصول على المال والشهرة ولا مانع من تحقيق بعض البطولات على الهامش.

كهربا بقميص النادي الأهلي

لذلك نتساءل الآن لماذا يُستخدم كهربا الآن كوسيلة لقصف الجبهات واستعراض القوة والنفوذ من قبل الأهلاوية؟

لأنه كما خدعت جماهير الزمالك بتلك اللقطات التي يقبل فيها كهربا شعار النادي، يمكن أن يكرر كهربا فعلته ويذهب إلى الخليج مع أول عرض برّاق أو إذا ما جلس على دكة البدلاء لفترة طويلة وهو أمر وارد. 

لا تختلف قصة كهرباء عن قصة فيغو أو عبدالله السعيد ومعهم السواد الأعظم من لاعبي العالم، وإن كان هنالك من عبرة من هذه القصص فهي أنه لا يمكن القول بوجود الانتماء في كرة القدم الحديثة. الكلمة التي يُعاير بها الجميع بعضهم البعض ولا أحد يعلم لماذا، فالانتماء أصبح لعبة يستغلها الجميع للكذب على الجماهير ليس إلا، ولكنهم في كل مرة تأتي لهم الفرصة للتخلي عن تلك الجماهير لن يفكروا مرتين في استغلالها.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

آمنة أيمن
كاتبة رياضية
كاتبة رياضية
تحميل المزيد