بسبب هذا العبقري الأهلي المصري في طريقه لاحتلال إفريقيا.. وهذا هو وجه الشبه مع ليفربول

عربي بوست
تم النشر: 2019/12/12 الساعة 15:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/12 الساعة 15:34 بتوقيت غرينتش
مدرب النادي الأهلي رينيه فايلر

"لا أصدق أننا خسرنا بثلاثية رغم هذا الأداء الجيد" 

عبارة تبدو صحيحة وردت على لسان تاكيس جونياس، مدرب نادي وادي دجلة المصري، الذي خسر أمام النادي الأهلي بثلاثية نظيفة بالأمس. تذكَّر أنني قلت "تبدو صحيحة". 

نعم أداء وادي دجلة كان جيداً، ولكن فعلياً لم يكن هناك تهديد لمرمى الأهلي الذي كان يلعب دون عمق دفاعي في وسط الملعب، ويواجه بخط دفاع متقدم جداً يتوسطه قلب الدفاع أيمن أشرف، الذي لا يحظى بثقة الكثيرين، ويقوم ببعض الأخطاء من حين لآخر.

"لا أرى أننا نعاني دفاعياً إلا إذا واجهنا لاعباً يمتاز بالسرعة الكبيرة، وهذا سوف يكون مصدراً لمعاناة كل الفرق، وليس نحن فقط، وهنا سيكون الخطأ من خط الوسط، كما أن لاعبينا يمتازون أيضاً بالسرعة، وهم مصدر قلق للمنافسين". 

. مدرب النادي الأهلي رينيه فايلر عقب المباراة

ردّ فايلر يبدو مناسباً جداً ومنطقياً وموضوعياً، في ظل مطالبات البعض بإشراك أليو ديانج بديلاً لحمدي فتحي، مع الاعتماد على نفس الأسماء، ولكن هذا قد يسبب أزمة فيما يطلبه فايلر من لاعبيه.

اعترف السويسري أنه قام بتغيير خطة اللعب أكثر من مرة من 4-3-3 إلى 4-4-2 ثم 4-2-3-1 كي يصل بالفريق إلى الشكل والأداء الذي يطمح إليه، والذي بدت بوادره تلوح في الأفق، ورفعت سقف طموحات الجمهور الأحمر.
ولكن هل يقدم فايلر كرة قدم مختلفة عن الموجودة في إفريقيا؟

تبدو كرة القدم الآن في إفريقيا أقرب إلى النموذج البدني مع التحولات (الهجمات المرتدة) بلعب مباشر نحو المرمى، ونادراً ما تجد لاعباً في وسط الملعب لديه قدرات خاصة في توزيع اللعب وضبط الإيقاع، ليبدو أي فريق إفريقي محظوظاً إن امتلك عنصرين في مركزي 8 و10 بقدرات خاصة في التمرير تحت ضغط.

ولقد استبشر الجميع خيراً مع قدوم حمدي فتحي، وبداية الموسم، فقد تمت إزالة مخاوف مركز الارتكاز المساند الذي يلعب فيه عمرو السولية إلى مركز 6، الذي يلعب فيه فتحي، وبالتالي بات لدى الأهلي نقطتا ارتكاز في العمق (حمدي فتحي في نصف ملعب الفريق)، ومحمد مجدي أفشة في نصف ملعب المنافس.

وكي يتفادى فايلر تأثير غياب حمدي فتحي بسبب الإصابة، وفي إطار رؤيته الهجومية، أصر على فكرة مختلفة.

يعلم السويسري أن الأهلي سيعاني دفاعياً إن تراجع بخط دفاعه عدة أمتار للوراء، وأنت بنفسك عزيزي المشجع الأهلاوي تخشى من أخطاء أيمن أشرف، وفي نفس الوقت تطلب أن يقدم الأهلي كرة قدم تليق باسمه، وأن يكون مصدر رعب للفرق في القارة السمراء، ومحلياً، لذلك لا يمكنك أن تعترض على ما يقوم به فايلر حالياً. 

اختار فايلر أن يغامر، وأن يشرك أفشة في مركز 8 بجوار عمرو السولية، الذي أصبح الارتكاز الدفاعي، وأن يلعب المخضرم وليد سليمان في مركز المهاجم الثاني المتحرك، بدلاً من مركز صانع الألعاب، ليصبح السؤال هو أين ديانج؟

يلعب ديانج في مركز الارتكاز المساند، أو ما يطلق عليه البوكس تو بوكس، ولكن تأخر ديانج في اتخاذ القرارات وفي ردة الفعل والارتداد الدفاعي يستلزم أن يكون لدى الأهلي ارتكاز دفاعي قوي، مثل المصاب حمدي حمدي، فالسولية لن يستطيع التغطية خلف أخطاء ديانج. لذلك فإن المفاضلة كانت بين قدرات أفشة في "مركز 8" مع قدرات ديانج في نفس المركز، وليست مقارنة بين ديانج وبين السولية في مركز الارتكاز.

ولأن الأخطاء واردة فقد قرر فايلر أن يلعب بشكل متقدم عمداً مع زيادة الضغط في منتصف ملعب المنافس، وهنا اصطدم بوادي دجلة، الذي يلعب بشكل مختلف.

ما هو مميز في دجلة هو كيفية الخروج بالكرة تحت ضغط المنافس العالي، بالإضافة إلى قدرات لاعبيه على التغطية نسبياً على أخطائهم.

دجلة كان جيداً جداً في الشوط الأول، بسبب ضغط الأهلي العالي جداً، ولكن ما لبث أن عدل فايلر من طريقته، بأن يتم الضغط أثناء اللمسة الثانية، هنا أصبح لاعبو وسط دجلة مراقبين، وبات على مدافعي دجلة أن يلجأوا للكرات الطويلة، ولكن من مسافات بعيدة، وهنا اتضح مدى جودة فكرة فايلر في اللعب بشكل متقدم.

لو لعب مدافعو دجلة الكرة متقدمين عشرين ياردة سيسبب ذلك خطراً محدقاً على الأهلي، وإن تقدم مدافعو دجلة سيفقدون عنصر التأمين اللازم أثناء فقدان الكرة، لذلك رغماً عنهم حاولوا مرات بناء الهجمة، ولكنهم اصطدموا بوقوف الأهلي الجيد جداً، وهذا ما أربكهم.

إن كنت دقيقاً فباستثناء كرة مروان حمدي الطويلة على أقصى أطراف منطقة الجزاء لن تجد خطورة لفريق المدرب اليوناني، وهذا ما يثبت صحة ما تم شرحه.

ما تم تطبيقه أمام فريق يلعب بأسلوب عالي الجودة مثل دجلة، أو بشكل بدني بحت مثل الهلال السوداني، أو فريق تكتيكي بشكل دفاعي مثل النجم الساحلي، يثبت أن فايلر نجح في تطبيق وفرض أسلوبه على ثلاث مدارس مختلفة. 

الأمر غير متوقف فقط على اختيار العناصر، ولكن تدريبها وتطويرها هو ما ساعد فايلر على تنفيذ أفكاره بسرعة، ولأنه يعلم أن وليد سليمان لن يستطيع اللعب بهذا الأسلوب طوال الوقت، فإنه يحاول بشكل متمهل إدخال عناصر أخرى، تمهيداً لنقل حسين الشحات إلى منطقة الوسط، ولكن هذا لن يحدث إلا إذا قدم الشيخ أو جيرالدو أداء مذهلاً في الجانب الأيمن، أو يقدم كهربا الحل.

هل تنتاب جماهير الأهلي مخاوف بسبب الأداء الدفاعي؟ بالطبع هناك مخاوف، أنت لا تلعب أمام أقماع، ولا يوجد فريق في العالم يستطيع أن يلعب بخط دفاع متقدم دون أن يتم تهديد مرماه.

هل تعرف ليفربول؟

عندما قرر الريدز أن يلعب بخط دفاع متقدم، ورغم امتلاكهم لأظهرة جنب في سرعة النفاثة، وفي ظل وجود أفضل قلب دفاع في العالم، تعرضوا لأخطار كبيرة بمجرد إصابة ماتيب، إلا أن امتلاك الفريق لحارس مرمى متميز جداً قلل من عواقب هذا التغيير الفني.

الحارس محمد الشناوي يحاول قدر الإمكان تحسين قدراته في الخروج من المرمي، دون التسبب في ضربات جزاء كما حدث في أكثر من مناسبة بالموسم الماضي، وإن أتقن هذا الدور ولعب دوماً على خط الست ياردات فسيصبح دفاع الأهلي في مأمن بشكل كبير.

أفكار فايلر واضحة ومرتبة، الرجل لا يقوم بإدخال عنصر إلا إذا كان مفيداً لأسلوب اللعب الذي يريد تطبيقه، والهوية التي يود خلقها للفريق. وهو ما لم ينجح فيه كل من لاسارتي وكارتيرون، رغم بعض النتائج الجيدة محلياً في ظروف صعبة، ولكن ما تريده الإدارة هو خلق هوية قوية للأهلي تساعده في الفوز، حتى في ظل الغيابات، وهو الشيء الذي تحقق وقت الداهية مانويل جوزيه، ولكن الأيام دول.

أخيراً.. سيفوز الأهلي ويهزم، فهذا هو حال كرة القدم، لكنه في كل الأحوال في الطريق لصنع مجد جديد. لماذا؟ لأنه يقدم كرة قدم مختلفة.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد أيمن
كاتب ومحلل رياضي
كاتب ومحلل رياضي
تحميل المزيد