بكاء وزغاريد ودعوات بالشتات.. ماذا يفعل المصريون في حضرة الحسين؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/12/10 الساعة 16:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/10 الساعة 16:02 بتوقيت غرينتش

لم تكن زيارتي الأولى لحي الحسين، ولكنها المرة الأولى التي دخلت فيها مسجد سيدنا الحسين، حاولت أكثر من مرة الدخول من قبل لكن في كل مرة أرى الزحام الشديد أمام المسجد وداخله فأقرر أن لا أدخل لاختناقي السريع من الزحام، لا أعرف لماذا هذه المرة قررت فيها الدخول، ربما الفضول!

مسجد الحسين في القاهرة

الحقيقة نعم هو الفضول، كنت أريد أن أعلم لماذا كل هؤلاء الناس يأتون إلى هنا وماذا يفعلون في الداخل.

التمست خطواتي ببطء وسط الزحام حتى وصلت للداخل عند المقام، كل ما كنت أفعله هو النظر حولي وملاحظة نظرات الناس وحركاتهم ودعواتهم، أول ما لاحظته أن المتواجدين من كل فئات المجتمع، من يدخل يمسح بيده على إحدى زوايا المقام ثم يقبلها في وقار وخشوع، سألت سيدة تقف بجواري لماذا يقبلونها، تهتهت ولم تعرف بما تجيبني، لكنها تداركت في عجالة "بركة.. افعلي كما يفعلون"، فابتسمت لها ووضعت يدي عليها لكن لم أقبلها، لم أجد سبباً يدفعني لذلك صراحة. ثم انشغلت بالسيدة التي تبكي منذ دخولي وهي مستندة على السور الذي يحيط بالمقام وعيناها معلقتان به، كنت أتمنى لو أستطيع أن أواسيها إلى أن رفعت عينيها وجاءت في عيني فابتسمت لها فردت علي بابتسامة تخالطها الدموع. وما هي إلا ثوان معدودة حتى سمعت خطوات قادمة من خلفي وإذا بها سيدة تطلق الزغاريد سعيدة بزيارتها لحضرة الحسين.

صورة من داخل مسجد الحسين

لكن كانت المفاجأة الكبرى عندما بدأت أركز في دعوات الناس من حولي والتي كان بعضهم يدعونها بصوت مرتفع بالأخص السيدات، أما الرجال فكانوا يتمتمون بدعواتهم، من تدعو لحفيدها بالشفاء وأخرى تدعو لأولادها ثم سمعت من تدعو على سيدة وذكرت اسمها بالكامل تدعو عليها بالشتات والفرقة بينها وبين إخوتها وأهلها كما كانت السبب في فرقتهم ثم تعيد الدعوة مرة تلو الأخرى. في هذه اللحظة انقبض قلبي كنت متوقعة أن كل من يأتي هنا يدعو بالخير، فهي تذكرت أن تدعو على من فرقتهم ونسيت أن تدعو أن يلم الله شملها هي وأولادها مرة ثانية!

هذا المكان مليء بالتناقضات، يجمع الحزن والفرح القلوب البيضاء والحاقدة، تلتمس الوساطة من الحسين والله أقرب إليهم من أنفسهم لا يحتاج إلا أن تطهر قلبك وتدعوه سيستجيب، ما رفعت يد إليه ونزلت خائبة.. حاشاه يخذلك.

شعرت بيد على كتفي فالتفت فإذا بها سيدة كبيرة تقول لي ادعي، لا أعلم كيف عرفت أني لم أدع أي دعوة منذ دخولي، الحقيقة لم أجدني أدخر أي دعوة لآتي بها في حضرة الحسين رضي الله عنه وأرضاه، فدعوت الله أن يرضى عني فإذا حلّ عليّ رضاه لم يشق قلبي أبداً.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
إلهام محمد
كاتبة ومدونة
تحميل المزيد