مورينيو لم يعد قادراً على لعب الشطرنج.. وهذه هي كلمات سر مانشستر يونايتد التي هزمته

عربي بوست
تم النشر: 2019/12/06 الساعة 17:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/06 الساعة 17:17 بتوقيت غرينتش
من النعيم إلى الجحيم.. كيف انقلبت إدارة تشيلسي على مورينيو؟

مقدمة لا بد منها

منذ أن انتهت رحلة مورينيو مع ريال مدريد وهو عاجز عن التعامل والتفاعل مع أي سيناريو غير متوقع وغير مخطط له قبل بداية المباراة. صار ردُّ فعله بطيئاً، قراراته متأخرة، واهتمامه بالتفاصيل التكتيكية شبه معدوم، بالإضافة إلى أن قدرته على تحفيز لاعبيه صارت ضعيفة للغاية. عكس مورينيو المحلل الفني تماماً، حاضر الذهن والقارئ الجيد للمباريات والمهتم بأدق التفاصيل في الملعب.

فى البداية دعنا نقل إن مباراة مانشستر يونايتد وتوتنهام كانت مواجهة بين مدربَين أفكارهما التكتيكية متشابهة للغاية. فالنسخة الحالية من مورينيو وسولشاير من نوعية المدربين الذين يضعون نظام لعب عاماً وشكلاً رئيسياً للفريق، لكن بلا طرق تكتيكية معقدة، ودون بناء محدد ومنظَّم للفريق في أرضية الميدان، ودون رغبة في التحكم بتحركات لاعبيه في الملعب. لكن كل لاعب له مكان بالملعب ويعلم متى وكيف يتحرك.

كلاهما يعتمد على تحريك أطراف الملعب في أثناء التحولات الهجومية، لكن كما أن لهذه الطريقة مميزات متمثلة في أنها تمنح حرية كاملة للاعيبن أصحاب المهارة في كيفية التصرف بالكرة والحركة وحتى حرية تغيير أدوارهم ومراكزهم خلال المباراة الواحدة حسب طبيعة وظروف اللقاء- فإن لها سلبيات متمثلة في أن أي خصم يمتلك قدرة الاستحواذ على الكرة وسدّ الفراغات والتحرك بين الخطوط وتكوين جبهات دفاعية، يستطيع شل فرق مورينيو وسولشاير ويمنعها من إيجاد الحلول. وهذا لأن نظامهما التكتيكيّ هش وضعيف.
وما مباريات مانشستر يونايتد مع مورينيو أمام ليفربول وتوتنهام إلا مثال على ذلك.

تشابهت الخطط واختلفت الأساليب

بالعودة إلى المواجهة، بدأ سولشاير المباراة بطريقته المعتادة 4/2/3/1، بوجود غرينوود مهاجماً وعودة لينغارد وأشلي يونغ إلى التشكيل الأساسي بدلاً من مارسيال المصاب وأندرياس بيريرا وويليامز على الترتيب. طريقة تتحول إلى 4/2/4 في حال فقدان الكرة. على الجانب الآخر، دخل  مورينيو اللقاء بخطته المفضلة 4/2/3/1، لكنها تتحول إلى 3/2/4/1 في حالة الاستحواذ على الكرة لاستغلال السرعات الهجومية التي يتمتع بها كل من لوكاس مورا وسون وديللي اللي وقدرتهم على التحرك من غير كرة، واستغلال الفراغات المتاحة فى دفاعات الخصوم.

تعمَّد سولشاير أن يترك الكرة بحوزة مدافعي توتنهام، مع إغلاق زوايا التمرير وإجبارهم على إرسال الكرات الطويلة، مع بعض فترات الضغط العالي بعمر المباراة، خصوصاً في الشوط الثاني، وكان يؤجل الضغط لمنطقة نص الملعب، محافظاً على تكتيكه في حالة فقد الاستحواذ بـ4/2/4. على العكس تماماً من مورينيو، الذي لم يمارس أي ضغط عالٍ في أغلب فترات المواجهة، حتى وهو متأخر في النتيجة كان يلعب بضغط متوسط، وبقي وفياً لطريقة الـ4/4/2 .

كلمة السر الأولى: راشفورد كجناح أيسر

بعد إصابة مارسيال وتأكُّد غيابه عن المباراة، فقد الشياطين الحمر عنصراً أساسياً من العناصر الهجومية القليلة أصلاً. وكان توقُّعي أن سولشاير لن يغامر، وسيشرك راشفورد كمهاجم مع وجود بيريرا كلاعب وسط ووجود لينغارد ودانيل جيمس كأجنحة. لكنه فاجأني وفاجأ مورينيو أيضاً بإشراكه الشاب اليافع غرينوود كمهاجم ولعب براشفورد كجناح أيسر.

في المباريات السابقة لمورينيو رفقة السبيرز، اعتمد بشكل واضح على الظهير سيرجي أورييه في فتح الملعب عرضياً، وخلق التفوق العددي أسفل الأطراف، سون على اليسار وأورييه على اليمين، ديللي اللي ولوكاس مورا في عمق الملعب، من أجل التحرك بين الخطوط الدفاعية للخصوم، مع هاري كاين كمهاجم، هذا مع تغطية كل ذلك بثنائي محوري صريح وهم إيريك داير وهاري وينكس، ومن خلفهم ثلاثي في الخط الدفاعي، دافيز وألدرفيليد وسانشيز، حتى يضمن الزيادة العددية الدفاعية، من أجل تفادي الهجمات المرتدة.
 

وجود راشفورد كجناح أيسر سبَّب شللاً كاملاً في منظومة مورينيو، إذ أعاق انطلاق أورييه إلى الأمام بشكل مستمر، ومع عدم ارتداد لوكاس مورا للتغطية الدفاعية مع أورييه كان يميل موسى سيسوكو ناحية أورييه؛ ومن ثم خُلقت ثغرة كبيرة في وسط ملعب توتنهام، لم يقدر على تغطيتها هاري وينكس بمفرده، ليمنع لوكاس مورا من التحرك الدائم في عمق الملعب والتحول كمهاجم ثانٍ بجوار هاري كاين. ولأول مرة منذ وصول مورينيو إلى توتنهام، سجَّل لوكاس مورا أقل عدد لمسات في منطقة جزاء الخصم (مرتين فقط).

كلمة السر الثانية: عودة مكتومناي 

في ظل غياب بوغبا الطويل، يعتبر مكتومناي ثاني أهم لاعب بتشكيل مانشستر يونايتد بعد ماركوس راشفورد. اللاعب الوحيد الذي يضمن الاتزان والثبات بوسط ملعب الفريق، قوي في الالتحامات، ذكي في التدخلات، يتحرك بكل مكان في نصف الملعب، مكتومناي يعتبر أول حائط صدٍّ دفاعي للفريق.

في آخر 10 مباريات لمانشستر يونايتد بجميع المسابقات، شارك مكتومناي في 6 مباريات، لم يخسر مانشستر يونايتد أي نقاط خلالها. في حين لم يشارك في 4 مباريات؛ للإصابة، كانت حصيلة الفريق فيها خسارة مبارتين وتعادلاً في مثلهما.

تحسّن مستوى فريد والجودة التي ظهر بها في اللقاء أعطيا أفضلية كبيرة لوسط ملعب مانشستر طيلة أول 65 دقيقة من عمر المباراة، من حيث الاستحواذ والضغط على وسط ملعب توتنهام، والنجاح في عزلهم عن الرباعي الهجومي. مباراة مثاليةٌ تلك التي قدمها فريد دفاعياً وهجومياً، ويمكن اعتبارها أفضل مبارياته مع اليونايتد منذ قدومه من شاختار.

الثنائي مكتومناي وفريد كان ضيَّق المسافات بين خط الدفاع وخط الوسط، فسُدَّت الفراغات بين الخطوط، وافتقد لاعبو توتنهام المساحات التي تُظهر قيمتهم الفنية.

شراكة قد تكون الأفضل فى الوقت الراهن لمنتصف ملعب فريق سولشاير. في مباراة توتنهام قام الثنائي معاً بعمل 6 اعتراضات للكرة، في حين قام ثنائي توتنهام باثنين فقط.

كما لم يتمكن توتنهام من شن أي هجوم مضاد طوال المباراة. 

كلمة السر الثالثة: نقص حاد في الإبداع 

في ظل التقارب الشديد بين خطوط مانشستر يونايتد وتقليل المسافات إلى أقل درجة ممكنة، فقد مورينيو سلاحه الهجومي الفعال في المباريات السابقة، وهو تحركات ديللي اللي ولوكاس مورا بين الخطوط وفي عمق الملعب. واضطره سولشاير إلى الاعتماد على الكرات الطويلة، التي سيطر عليها رباعي مانشستر هاري ماغواير وفيكتور ليندلوف وفريد وسكوت ماكتومناي. الثنائى الأول فاز بـ66% من الثنائيات مع هاري كاين، محطة الكُرات العالية لفريق مورينيو. والثنائي الآخر استحوذ على معظم الكرات الثانية.

بعد نزول أريكسن وندومبيلي لوسط ملعب توتنهام، تحرَّر الفريق، وبدل من الاستحواذ السلبي على الكرة وصل إلى مناطق خطرة، وهدد مرمى ديفيد ديخيا وخط دفاع مانشستر يونايتد، خصوصاً من جانب أورييه، الذي أصبح أكثر حريةً في الانطلاقات الهجومية، بعد خروج لوكاس مورا، مستفيداً من تغطية موسى سيسوكو لانطلاقاته.

تأخر مورينيو في الدفع بالثلاثي أريكسن- ندومبيل- لو سيلسو، خصوصاً بعد سوء حالة فريقه في الشوط الأول وعدم قدرته على صناعة فرص أو اختراق وسط ملعب مانشستر؛ وهو الأمر الذي أدى إلى ضعف أداء توتنهام الهجومي وقلة الفرص. (62.5%) من فرص توتنهام وصلت إلى مرمى دي خيا، و( 43%) من محاولات توتنهام جاءت عن طريق اللعب المفتوح وكانت بعد نزول الثنائى أريكسن وندومبيلي.

فوز يعطي الطمأنينة نسبياً لسولشاير قبل ديربي مانشستر يوم السبت، وإن كان الأمان التام مستحيلاً في ظل وجود مدربي نخبة متاحة في السوق، وستبقى نغمة إقالته تتردد في الأنحاء مع كل تعثُّر.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد رفعت
كاتب ومحلل رياضي
كاتب ومحلل رياضي
تحميل المزيد