أعدمت الملك والملكية لكنها سقطت في فخ الاستبداد.. إليكم أوجه الشبه بين الثورة الفرنسية والثورات العربية

عربي بوست
تم النشر: 2019/12/06 الساعة 15:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/06 الساعة 15:28 بتوقيت غرينتش

هل الثورة طريقة ووسيلة لتحقيق أهداف الشعوب المقهورة وإقامة دولة عادلة مستقلة، أم مجرد حدث تاريخي يخلَّد في الكتب ليُحكى للأجيال القادمة، دون تحقيق أي إنجاز يستحق الذكر؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال المفخخ، دعنا نأخذ جولة في كتب التاريخ ونتذكر واحدة من أهم وأنجح ثورات البشر، وهي الثورة الفرنسية.
استطاعت الثورة الفرنسية إعدام الملك والملكية وتأسيس الجمهورية ووضع دستور يفصل بين السلطات الثلاث، متبنّيةً في طريقها لتحقيق مساعيها، أفكار التحرر الليبرالية بطريقة راديكالية.
غيرت الثورة الفرنسية مجرى التاريخ بشكل عميق، يجعل من تصوُّر حياتنا اليوم دونها مهمة عسيرة. إذ أطلقت الانحدار العالمي للملكيات المطلقة، وبدأت استبدالها بالنظم الجمهورية. وأطلقت من خلال حروب الثورة الفرنسية، صراعات عالمية مسلحة امتدت من البحر الكاريبي إلى الشرق الأوسط.

على النقيض، فشلت الثورة الفرنسية فشلاً ذريعاً في الجوانب الاقتصادية والاستعمارية، حيث تقلصات المستعمرات الفرنسية لصالح توسُّع الإمبراطورية البريطانية آنذاك. كما فشلت محاولات الإصلاحات السياسية والاقتصادية في القضاء على العجز المالي، في ظل ترسُّخ الإقطاعية وتركُّز رأس المال في يد فئة قليلة من المواطنين. ولكن لو نظرنا بتمعَّن لوجدنا أن من أهم أسباب هذا الفشل قدرة الأمن العام وفاعليته على تحجيم الشعب وقتل آلاف من الثوار بتهمة معاداة الثورة، وكان هذا في عصر دانتون أشد اليعاقبة، حيث تم وصف هذا العصر بعهد الإرهاب. وحدث ذلك نتيجة لانقسام اليسار الراديكالي إلى طرفين ودخولهما في صراع دموي وتبادل الاتهامات، لتزيد معاناة الثورة. أضف إلى ذلك الرغبة في الإدارة والسيطرة والتي جعلت كل من يمتلك منصباً يتخلص ممن لا يملك. فكان كل فريق ينظر إلى خصمه السياسي سافكاً لدمه إن هو وصل إلى السلطة.

في الشرق، قامت أول ثورة بالشرق الأوسط بقيادة الزعيم الإيراني السياسي محمد مصدق عام 1953، ضد أعتى الإمبراطوريات آنذاك، حيث أمم شركة النفط الإنجليزية الإيرانية، ليكون أول من أدخل مصطلح التأميم في المنطقة، بالإضافة إلى أنه افتتح عهداً جديداً بإعادة ملكية الثروات الطبيعية إلى أصحابها الشرعيين، وأعلن الإصلاح الزراعي، وعودة الحياة الديمقراطية. فأيَّدته الجماهير والحزب الشيوعي "تودة"، والقوميون الإيرانيون. إلا أن الولايات المتحدة وبريطانيا حاصرتا حكومته عالمياً بمنع شراء النفط الإيراني، لتفرغ خزينته عن بكرة أبيها، لدرجة وصلت إلى عجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين.


والآن، في منطقتنا العربية، يمكنني القول إن الشعوب العربية في حاجة ماسة إلى الموجة الثانية من الربيع العربي، موجة ثانية ناجحة. ولا يمكن اعتبار الثورتين السودانية والجزائرية من الثورات الناجحة إلا إذا حققتا مطالبهما كافة، ولم يتخل المتظاهرون عن ميادين الثورة، فقد ينتهي بهم المطاف بعودة نظام قديم كما حدث بدولة مصر في ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011، بتنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك وعودة النظام الديكتاتوري مرة أخرى برئاسة الجنرال عبدالفتاح السيسي. يمكن أن يصبح الوطن العربي أفضل، اذا استطاعت الشعوب العربية فرض إرادتها وتحقيق مطالبها. يمكن أن تحقق الثورات العربية الديمقراطية مطالبها كافة إن هي تمسكت بأهدافها مثل "الثورة المجيدة" عام 1688، التي ضمت تحالف البرلمانيين الإنجليز مع حاكم هولندا "ويليام الثالث"، بعد عزل جيمس الثاني وتعيين ابنته ماري وزوجها "وليام آورانج" ملوكاً على عرش إنجلترا. فقد استطاعت تطبيق إعلان الحقوق الذي أصدره البرلمان الإنجليزي عام 1689، واستعراض المظالم التي ارتكبها الملك جيمس الثاني في حق الشعب، واشترط على الملك الجديد عدم القيام بأي عمل يؤدي إلى الانتقاص من هذه الحقوق. ورغم بقاء الملكية وعدم حدوث تغيير ضخم في شكل الدولة والحكم، فإن ثورة الحقوق ثورة ناجحة بما أنتجته من أثر ضخم.
وأخيراً، إن لم تتحسن الظروف الاقتصادية وتتعدل الأوضاع في القريب العاجل، فلربما يلحق المغرب بجاراته في ثورات الربيع العربي.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

زهرة راشد
طالبة ومدونة قطرية
طالبة ومدونة قطرية
تحميل المزيد