أنشيلوتي يهدي كلوب رمانة فارغة.. لكن الألماني لم يستخدم عقل آينشتاين طيلة المباراة

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/28 الساعة 12:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/28 الساعة 12:10 بتوقيت غرينتش
مدرب ليفربول يورغن كلوب

لابد أن نتذكر جيداً ونحن نخطو في ردهات ملعب الآنفيلد أن ذلك الفريق ذا الزيّ الأزرق القادم من جنوب إيطاليا لم يفُز في آخر ست مباريات في الكالشيو. ولكي يتضح لك عمق الأزمة التي يمر بها نابولي، فاعلم أن رئيس الفريق غرّم اللاعبين بسبب عدم مبيتهم في النادي بعد نهاية المباراة الأخيرة.

هل أنت مستعد للانطلاق في رحلة تكتيكية، تُخالف تماماً الأخبار التي تعكر صفو الپارتينوبي وتعلن الأفراح في معسكر الريدز؟ 

عقارب ساعة عتيقة

مَن تابع مباريات نابولي ضد ليفربول في الموسم الماضي، فهو شاهد على تفوق تكتيكي ولو نسبي لصالح أنشيلوتي على حساب كلوب. يتبع الإيطالي المحنك العجوز خطة الـ 3-5-2 كلما واجه فريقاً يضغط عكسياً، حتى أصبحت هذه الخطة موضة متبعة كلما تصادم مع يورغن كلوب، هذا الأخير لا يخالف قواعد الــ4-3-3 مهما حدث. 

يثبت أنشيلوتي ثلاثياً خلفياً، ويُقدم الظهيرين قليلاً، حينها يتحرك زيلنسكي خطوتين إلى العمق، ويتجنب آلان الأطراف بخطوات واسعة، كون دي لورينزو هو الحليف الأول للمنطقة على اليمين. وهنا نشهد تغيراً في وضعية الفريق أثناء محاولة بناء الهجمة، فينزل آلان إلى الخلف أمام الثلاثي الدفاعي ويسانده الرشيق الأنيق فابيان رويز في نفس المنطقة.

أما يورغن فهو يورغن، بشكله المألوف وطريقته المعتادة. يمنح الأجنحة حرية كبيرة للتوغل في العمق، مفسحاً الطريق ومانحاً المساحة لكل من روبرتسون وغوميز للتقدم ودعم الأجنحة في الأمام، مع عملية تبادل المراكز بين لاعبي خط الوسط، لإعطاء شيء من الحلول في العمق لتجنب أخطاء الماضي الذي بُني على الاعتماد على الأطراف فقط. مع مسؤولية كبيرة على عاتق لاعبي الوسط في الضغط والافتكاك واستعادة الكرة في مناطق دفاع الخصم.

ماذا لو قدمت لك هدية تكرهها؟

يزداد كارلو ذكاءً كلما تصارع مع كلوب، فخطّتهُ تتأسس على تكليف الأظهرة الدفاعية بالعودة كثيراً إلى الخلف عند فقدان الكرة. والهدف من ذلك أن يُجرد ليفربول من قوته الضاربة المتواجدة على الأطراف بخلق الزيادة العددية لمدافعيه، مانعاً بذلك وضعيات الـ1ضد1 بل يصنع مواجهة ثنائية متجنباً الصراع الفردي.

ساديو يسقط أرضاً محاطاً بثلاث لاعبين من نابولي

يقوّض أنشيلوتي بما سلف مهارات لاعبي ليفربول، ليخلق مشكلة في الإيقاع. وإيقاع اللعبة هو نسقان متداخلان؛ نسق عام، ونسق خاص، الأول هو نسق الفريق بأكمله وتحركات كافة اللاعبين وتمركزهم. والثاني نسق فردي، يتحكم فيه حامل الكرة، فهو من يختار إما الركض بالكرة، والتمرير وزاويته أو التسديد.

هنا يطرح التساؤل الآتي: هل يترك أنشيلوتي الكرة مخيراً؟ والجواب هو نعم. يترك الإيطالي الكرة لليفربول ليُحكم هو  القبضة على النسقين المذكورين. ومن المعروف عند خبراء اللعبة، أن ليفربول فريق سرعات، قوتهُ في الاستلام والتسليم السريع، وضعفه في الاستحواذ طويل المدى في مناطق ومساحات ضيقة من الملعب. وهنا استغل أنشيلوتي هذه النقطة، ليقود اللعب إلى تلك الأماكن المكروهة من أفراد الريدز.

عقل آينشتاين في ما بعد الستين..

تحركت المادة الرمادية قليلاً في دماغ يورغن كلوب. أدرك أن جو غوميز ظهير مبالغ في الدفاع، وغالباً لن يهاجم نابولي مهما حدث؛ لينزل أوكسلايد شامبرلين كجناح مساند، ويتحول هيندرسون إلى نصف ظهير ونصف خط وسط، بينما ينضم صلاح إلى العُمق للتلاعب بدفاع نابولي، وإعطاء حل إضافي للتحرك المزدوج بين المهاجمين صلاح وفيرمينو.

فطِن يورغن إلى تهرب أفراد نابولي من الصدامات والصراعات الثنائية والاندفاع المبالغ في الهجوم، فقرر الزيادة في الهجوم، محرراً روبرتسون أكثر، ليرتفع الإيقاع وتزداد حدة التحولات السريعة، التي بلغت ذروتها في مرات ثم فشلت في مرات، والجواب يكمن في أن لاعبي نابولي لم يسقط أي منهم في فخ الدخول في نسق ليفربول، لتقطع جميع السبل في الوصول إلى مرمى الحارس ميريت.

كانت تلك الدقائق طفرةً عابرة بالنسبة، إذ استطاع خط وسط نابولي في قلب اللعبة إلى العرض لتخفيف سرعة الإيقاع، كلما أغلقت المساحة بين الخطوط، وأسقطت الزوايا العمودية بالرقابة العالية، ليصبح تدوير الكرة سلبياً بين أفراد الريدز. ويصعب اختراق الخط الأخير من المنظومة، والأهم أن لا مواجهات فردية صريحة.

أنشيلوتي يطلب من لاعبيه تضييق المساحات

في النهاية استطاع كلوب خطف هدفٍ من ركلة ركنية ليحصل على نقطة واحدة، وليكرس كارلو هيمنة تكتيكية على يورغن كلوب، مجبراً إياه على تقاسم نقاط ثمينة، تقود نابولي بشكل كبير إلى الدور الثاني، بينما ليفربول سيطير في رحلة مفخخة إلى سالزبورغ، رحلة المنعطف الأخير، وهو يعلم أن الخسارة تعني خروجه من الباب الصغير.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

زيد شقيري
كاتب رياضي يسعى إلى الركض خلف المعرفة كل يوم.
كاتب رياضي يسعى إلى الركض خلف المعرفة كل يوم.
تحميل المزيد