يعيشون في العصور الوسطى ويحاربون الإبداع.. كيف حصل فالفيردي على عضوية طائفة «الأمش» الأمريكية؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/20 الساعة 12:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/20 الساعة 12:27 بتوقيت غرينتش

شاهدت ليلتَي الأربعاء والخميس من الأسبوع الماضي حلقةً من جزئين، من برنامج "المهمة"، للصحفية المصرية منى عراقي، وقبل أشهر كنت قد شاهدتُ حلقةً حول المجتمع الياباني، وحلقةً أخرى حول القراصنة الصوماليين لنفس البرنامج، ما شدَّني في هذا البرنامج هو المواضيع الجديدة والمبتكرة وغير المكررة,، التي يناقشها ويعرضها.

الحلقة التي أتحدَّث عنها كانت تدور حول طائفة من المجتمع الأمريكي تُدعى طائفة "الأمش"، وهي طائفة تعيش في شمالي الولايات المتحدة الأمريكية، على الحدود الكندية، تعيش هذه الطائفة على طريقة العصور القديمة. فهي لا تستعمل الكهرباء، ولا البترول، ولا أي نوع من أنواع الوقود الأحفوري، ولا المحركات، ولا يركبون السيارات، ولا الطائرات، ولا يلتقطون الصور، وأغلبهم يعتمدون على الزراعة. وبالنسبة للعادات والتقاليد فيمكن القول إنهم مجتمع تقليدي محافظ.

صورة عائلة أميشية

دعنا في البداية نخبرك أنَّ منى عراقيهي صانعة أفلام ومخرجة، تخصَّصت في واحد من أصعب أنواع الإنتاج التلفزيوني، وهو التحقيقات الاستقصائية. وهي  تقدم برنامجها بهدف واحد، ألا وهو النهوض بالمجتمع المصري للأفضل، عن طريق التحقيقات الاستقصائية التي تكشف مكامن الخلل والفساد في المجتمع.  

أما طائفة الأميش التي تعيش دون كهرباء وتتنقل بعربات تجرها الخيول، فقد شهدت رواجاً وسط المجتمع الأمريكي العصري، حيث تضاعف عددها في الـ16 سنة الماضية.

ويعيش أعضاء هذه الطائفة المنحدرة من البروتستانت في عزلة عن ضوضاء العالم، نابذين للكمبيوتر والتلفزيون، وبالتأكيد لا يمتلكون حسابات على الفيسبوك أو تويتر، ولم يضعوا صورهم على إنستغرام من قبل.

وتعود أصولهم إلى مهاجرين من جنوب ألمانيا وسويسرا والإلزاس بشرقي فرنسا، في نهاية القرن الثامن عشر. ويبلغ عدد أعضائها 231 ألفاً خلال 2008 مقابل 125 ألفاً عام 1992، أي بزيادة قدرها 84% حسب الدراسات المنشورة. 

لكن ما العلاقة بين هذه الطائفة الأمريكية والمدرب الإسباني إرنستو فالفيردي وكرة القدم؟

لا يختلف اثنان الآن على أن نادي برشلونة يمر بواحدة من أصعب فتراته خلال العقد الأخير، وذلك على الرغم من تصدُّره للدوري الإسباني. فلقد فقد الفريق بريقه، ولم يعد يقدم كرة القدم الجميلة التي تعوَّد عليها المشجعون والخصوم، تلك التي كانت تعرف بالتيكي تاكا. مثلما كان عليه الأمر رفقة المدرب الفيلسوف غوارديولا، وبدرجة أقل مع لويس انريكي.

أصبح النادي الكتالوني يجد صعوبة كبيرة جداً في المباريات خارج الكامب نو، حتى صارت الفرق المتواضعة تفرض سيطرتها عليه، وتهاجمه من كل حدب وصوب، وأحسن مثال على ذلك مباراة الفريق في دوري أبطال أوروبا ضد نادٍ متواضع جداً مثل سلافيا براغ، الذي رغم هزيمته على أرضه فإنه استطاع تقديم مباراة بطولية، واستطاع إحراج النادي الإسباني، ولم يتوقف عند هذا الحد؛ بل فرض التعادل على برشلونة في معقله في الكامب نو، في مباراة العودة، وكان قريباً من الفوز أيضاً.

وإذا كانت طائفة الأميش تعيش على طريقة العصور التقليدية ومازالت تعتمد على الخيول للتنقل، ولم تعرف بعدُ عالمَ الوقود الأحفوري والبترول والغاز، ولا ترغب في التصوير، ولا يدخل أولادُها الجامعات، وتعيش على طريقة العصور الوسطى، بعيداً كل البعد عن الإبداع والابتكار والتكنولوجيا، لدرجة أنهم لا يملكون جوازات السفر، ولا يشاهدون التلفاز، ولا يتصفَّحون الإنترنت، بل حتى لا يملكون هواتف، فإن المدرب فالفيردي لا يختلف كثيراً عن تقاليد هذه الطائفة، فهو تقليدي كلاسيكي حتى الملل، لا يعرفُ الإبداع والتجديد والابتكار له طريقاً. 

فكل مبارياته مملة، وكل أفكاره مكرَّرة، ومبارياته تسير كلها بنفس النسق، لدرجة أنك تشعر أنها مباريات قديمة يُعاد بثُّها. يمكننا القول أن فالفيردي يعيش في العصور الكروية الوسطى.  

قتل إرنستو روح الكرة الجميلة في النادي الإسباني، وركَّز على الدفاع واللعب بتحفظ كبير، وفشل أيضاً في ذلك، فدفاعات برشلونة منتهكة طوال الوقت، ولولا حراسة تير شتيجن لمرمى برشلونة في السنوات الماضية لَما فاز الفريق بأي بطولة.

صورة المدرب إرنستو فالفيردي

ومن المفارقات العجيبة أن إدارة برشلونة عندما تعاقدت مع فالفيردي كانت ترغب في تحسين الدفاع، لأن هذه الطريقة هي التي بنى عليها فالفيردي سمعته، والنتيجة كانت ضياع هوية الفريق الكروية من جهة، ومن جهة أخرى أصبح  دفاع النادي الكتالوني أكثر سوءاً وتلقياً للأهداف عن ذي قبل.

الرجوع إلى الأصل فضيلة

يُكمل المدرب فالفيردي موسمه الثالث، وينتهي عقده مع نهاية هذه السنة، وأعتقد أنه يجب على إدارة برشلونة التفكير في بديل آخر، والبحث عن مدرب لا يكون بعيداً عن طريقة برشلونة التقليدية، والحلول كثيرة ومتوفرة، والأسماء المتاحة كثيرة، فها هو ابن النادي تشافي هيرنانديز، والهولندي رونالد كومان، والأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو متاحين أمام النادي، وكلهم أسماء بإمكانهم إرجاع بريق النادي مرة أخرى، فهم أبناء النادي، وأكثر مَن يفهم فلسفة الكرة الشاملة.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
أحمد سالمي
مهتم بكرة القدم وريادة الأعمال
تحميل المزيد