ريال مدريد في انتظارك.. الاستقالة قبل الإقالة يا بوتشيتينو

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/07 الساعة 13:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/07 الساعة 13:08 بتوقيت غرينتش

تتاح لك الفرصة أخيراً في أن تتواجد وسط الكبار؛ فتتذكر كيف وضعت قدماً هنا للمرة الأولى، كيف مررت من عنق الزجاجة مرات عديدة، تتذكر كيف حالفك الحظ، وكيف خذلك.

تحاول على مدار خمسة أعوام أن تفرض أسلوبك الخاص رغم كل التحديات، حتى على المسؤولين عن المشروع برمته، تُهيئ لك بعض الظروف قِطعاً من الألماس تسقط أمام عينيك لتلتقطها وكلك لهفة، ثم تجد العصا من خلفك تضرب ظهرك لتقول لك إنه ليس كل سقوط يأتي من بعده البداية، فأحياناً يُعبر السقوط عن نهاية حتمية، حتى ولو حاولنا خداع المنطق، لتكتشف أن المرض قد انتشر ولابد من الاعتراف به لعلاجه.

"لا تلتفت كثيراً حولك، ولا تسمع الأصوات السلبية". هكذا يقول لك علم النفس، لكن هناك مراحل ينبغي عليك خلالها أن تستمع إلى من حولك، وابدأ بالاستماع إلى السلبيات والنصائح القاسية حتى تبدأ رحلة العلاج بأفضل طريقة ممكنة.

بوتشيتينو: "آن وقت الرحيل، آنت ثورة مدريد الضاربة".  أليغري: "حان وقت عودة الملكة إليزابيث إلى العرش".

صانع مشروع النهضة

قبل أن تطلق أصابع الاتهام على بوتيشينو عليك مراجعة المعطيات الفنية والذهنية. على مدار أعوام بوتشيتينو في العاصمة لندن لم نرَ الـ "سبيرز" ضعيفاً، ولكن رأينا فريقاً يُستحدث من العدم، ويزرع داخل لاعبيه ثقافة الفوز وشخصية البطل.

انتشل الأرجنتيني الفريق من الهاوية ليضعه في نهائي أكبر محفل قاري بعد عدة مراحل كان فيها التفوق حليفه تارة والتخبط تارات أخرى. لكن الظروف لم تخدمه كثيراً في النهاية، والجودة خانته أكثر، بوتشيتينو صنع من أسماء صغيرة وغير معروفة نجوماً لامعة تُقدر قيمتها المالية بالملايين الآن؛ هاري كاين، وسون، وإيريكسين. سقف الطموح لم يتوقف عند فريق يحجز مقعداً في المراكز الأربعة الأولى ليلعب في بطولة دوري أبطال أوروبا، لكنه ارتقى حتى وصل الفريق إلى النهائي، مما يعطينا انطباعاً داخلياً أن بوتشيتينو قادر على صناعة ما هو أكثر في ظروف أخرى.

سيميوني وبوتشيتينو.. وجهان لعملة واحدة

استنساخ تجربة استمرار دييغو سيميوني مع أتليتكو مدريد باءت بالفشل الذريع هذه المرة. مر موسمان كاملان على خسارة سيميوني لنهائي دوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد، حصل خلالهما على دعم مالي كبير استطاع من خلاله رفع جودة "الأسماء" المتواجدة في الفريق، لكنك تشعر أن الفريق ما زال عاجزاً، وأن ذلك العجز ينبع من عند سيميوني ذاته. حتى في الموسم الحالي لا يقدم الأداء المنتظر ولا النتائج المنتظرة، ولو أن للحكاية بقية. لكنها تعطينا مؤشراً يمكن أن نعتمده معياراً للتقييم، فاستمرار التجربة لم يجنِ ثماره بعد، بل طرح تساؤلات عديدة حول استمرار المدرب بوتشيتينو في مهمته.

يعمل الأرجنتيني في بيئة أكثر صعوبة من البيئة الإسبانية. فالدوري الإنجليزي لا يعترف بالأسماء ولا يوجد معيار ثابت يمكن استخدامه للتنبؤ والتوقع. من توقع أن يحصل فريق الأرجنتيني على 13 نقطة من أصل 33 نقطة في بطولة الدوري حتى الآن أو أن يتعادل مع أولمبياكوس اليوناني بعد أن كان متقدماً بهدفين، وبالتأكيد لم يتوقع أكثر المهووسين بالمراهنة على المباريات أن يهزم توتنهام على أرضه من بايرن ميونيخ بنتيجة 7-2.


كل هذه الكوارث تقرب رقبة بوتشيتينو من مقصلة الإقالة، وتضع لنا تساؤل نحن في غنى عنه.. هل هي محاولة استنساخ أم ثقة زائدة ليست في محلها؟

لماذا الاستمرار؟

لماذا يستمر بوتشيتينو من الأساس في منصبه بعد كل هذا النجاح؟ السؤال لا يبدو منطقياً لأن فيه الإجابة.
 لا يعتقد أحد من المحللين أن بوتشيتينو عليه البقاء في منصبه أكثر من هذا. لكن العواطف في كرة القدم تتحكم في بعض القرارات، حتي وإن كانت الإدارة صارمة، فعليها النظر واعتبار ردة فعل الجمهور. إذ أصبح من الواضح أن "بوكي" قد وصل إلى طريق مسدود مع محبيه، وأن أعداد رافضيه بدأت في التضاعف. ومع الوقت سيتحول الجمهور المساند للمشروع من وضعية المناصر إلى وضعية الساخط الطالب لما هو أكثر. لكن الحلقة المفقودة في هذه السلسلة تكمن في قدرة ورغبة الإدارة والمدير الفني لتلبية هذا الطموح والعطش لمزيد من الإنجازات.

بوتشيتينو كان قد لمَّح بعد الموسم الماضي إلى أنه يحبذ الرحيل إلي تجربة أخرى، وهو ما يتوافق مع نظرة جمهور الريال عن الرجل المناسب لهم.

إذ يسمح تاريخ بوتشيتينو بذلك، الرجل كان مدرباً لنادي إسبانيول أحد الأعداء الألداء لبرشلونة. كما أن عمره الصغير يزيد من فرصه كأحد المدربين الشباب الطموحين لتحقيق ثورة في أرجاء مدريد، خاصةً بعد تقديم فروض الولاء والطاعة إلى المشجعين بقوله إنه سيرفض تدريب برشلونة إذا عُرض عليه الأمر. لكن بيريز كان قد أصدر قراراً بفرمان كل هذه الأحلام عندما قرر إعادة زيدان إلى الصورة الرئيسية في مدريد. وهو ما جعل تجربة بوتشيتينو المنتظرة تتأخر بعض الوقت، والتي تعد في رأي البعض حتمية.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مازن زكي
طالب وكاتب رياضي
طالب وكاتب رياضي