«قائد ثورة» ليفربول.. أرنولد يصنع اللعب ويوزع الهدايا

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/04 الساعة 15:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/04 الساعة 15:47 بتوقيت غرينتش

يتحدث الجميع في إنجلترا والعالم عن قوة الثلاثي صلاح، ماني، وفيرمينو في الصناعة والتسجيل والتهديد والفتك بمرمى الخصوم.
لكن هل هذه هي الحقيقة؟ هل يقوم فريق ليفربول بأكمله على ثلاثي الرعب أم أن هنالك أبطالٌ أخفياء في تشكيلة الحمر؟

قوة فريق كلوب الحقيقية تكمن في الظهيرين ألكسندر أرنولد وأندي روبرتسون، على الطرفين الأيمن والأيسر. يعتمد بطل أوروبا في طريقة لعبه على انطلاقات الأطراف بالكرة ومن دونها، من أجل توسيع الملعب عرضياً لاستلام صلاح وماني الكرات في العمق، بمساعدة المهاجم الوهمي فيرمينو.

صورة (1) توضح تمركز أرنولد لفتح الملعب عرضياً. مصدر الصورة: Liverpoolecho

نجح الـ"ريدز" في صنع العديد من فرص التسجيل بفضل قوة أرنولد في المراوغة، التمرير، صناعة الفرص وإرسال العرضيات المتقنة. أضف إلى ذلك تحول روبرتسون لدور الجناح الصريح حتى يدخل ماني إلى العمق كمهاجم إضافي، مما يجعل الفريق غير متوقعاً في الكثير من المباريات، حتى مع مضاعفة الرقابة على مثلث هجومه. تذكر عزيزي القارئ أن ليفربول لم يفقد سوى نقطتين في صراع الدوري الإنجليزي حتى الآن. 

تخبرنا إحصاءات التقرير الفني لبطولة دوري أبطال أوروبا بالموسم الماضي، أن نحو 26 % من أهداف الشامبيونزليغ جاءت عن طريق العرضيات واللعب عن طريق الأطراف، مع 94 هدفاً في البطولة بواسطة لاعبي الأطراف، سواء أظهرة أو أجنحة. لقد صار اللعب مباشراً بشكل أكبر، بفضل أمثال روبرتسون وأرنولد.

تثبت تجارب الماضي أن الفرق التي تمتلك أظهرة مميزة تكون لها حظوظ كبيرة. كارفخال ومارسيلو في ولاية زيدان الأولى، وتحديداً عام 2017، أرنولد وروبرتسون في 2019 مع ليفربول. لقد باتت الحاجة إلى استغلال الأطراف ملحة وضرورية، مع رفع شعار واحد صريح، العمق سهل غلقه ويُصعب اختراقه، لذلك الحل في صعود الأظهرة إلى الثلث الهجومي الأخير.

صورة (2) توضح أرقام ألكساندر أرنولد مع ليفربول في دوري أبطال أوروبا 2018-2019
المصدر: Squawka

لقد قلب كلوب الآية الخططية قليلاً، مع خط وسط يدافع ويركض ويجري، وهجوم يسجل أكثر مما يصنع، مع ثنائي من الأظهرة السريعة دفاعاً وهجوماً، ومعهما ثنائي دفاعي قادر على لعب الكرات الطولية من الخلف إلى الأمام، لذلك بدأت هجمات عديدة من ماتيب وفان دايك مروراً بأرنولد وروبرتسون قبل أن يخطف ماني وصلاح الأضواء من الجميع بالتسجيل وقنص اللمسة الأخيرة أمام المرمى.

تمريرات أرنولد القطرية فتحت الطريق أمام سيل من الهجمات بالنسبة للريدز، كذلك انطلاقاته بالكرة ومن دونها على الخط. تشعر عندما تشاهده وكأنك في حضرة جناح حقيقي على الطرف، خصوصاً أن صلاح يلعب كثيراً في العمق. لذلك يقوم هندرسون بالتغطية في أنصاف المسافات، ويترك المجال لزميله من أجل شن الهجمات وخلق الفرص بكثافة.

صورة (4) توضح تمريرات أرنولد الذكية في عملية بناء اللعب. مصدر الصورة: Liverpoolecho

أرنولد لاعب ذكي، ربما أذكى من روبرتسون، لأنه يجيد بشدة لعب التمريرات القطرية والعمودية من الخلف إلى الأمام، بمعنى أوضح يتحرك فينالدوم وهندرسون بدون كرة في الوسط كـ"حاجز أو سكرين"، من أجل فتح الطريق أمام أرنولد كي يمرر من الطرف إلى عمق الهجوم، تجاه صلاح أو فيرمينو أو حتى ماني بشكل مباشر.

وبالنسبة لي، أعتبر الظهير الأيمن لفريق ليفربول أهم من زميله على اليسار، لأنه أقرب إلى اللاعب الشمولي القادر على صناعة اللعب من أماكن بعيدة، وليس فقط صناعة الفرص والأهداف. الفارق كبيراً بين العبارتين، فأي ظهير/ جناح يستطيع التسجيل وصناعة الأهداف، مع المراوغات والتسديدات والعرضيات، لكن ما أضافه ترنت ألكساندر أن مدربه يعتمد عليه كثيراً في التحضير للهجمات، وبناء اللعب والخروج بالكرة من الخلف عبر التمريرات القصيرة والمراوغات السريعة، وفتح قناة اتصال مباشرة بين الدفاع وثلاثي المقدمة، في ظل ضعف الابتكار لدى لاعبي الوسط.

خرجت إحصائية مصدرها شبكة "سكاي سبورتس" عن التمريرات المؤثرة المتتالية التي أدت إلى تسديدات هذا الموسم في الدوري الإنجليزي. ومدى تداخل اللاعبين في تكتيك فريقهم وفق هذا الشق، لتؤكد الأرقام بأن جورجينيو هو مهندس أداء تشيلسي، ودي بروين هو عبقري مانشستر سيتي. كل هذه النتائج متوقعة بشدة، لكن المدهش فعلاً فيما نشرته الشبكة العريقة هو أن أرنولد هو المساهم الرئيسي في  في التمريرات المفتاحية أو ما يسمى بالـ key passes في فريق ليفربول بنسبة وصلت إلى 48.8% من إجمالي التمريرات المفتاحية للفريق. ماذا يعني هذا؟

هذا يعني أن أي هجمة يشنها ليفربول على الخصوم، أو تسديدة يطلقها على مرمى الخصم سيكون مهندس تلك الهجمة هو ألكساندر أرنولد بنسبة 48.8%.   

صورة (4) توضح نسبة مساهمة أرنولد في التمريرات المفتاحية لفريقه هذا الموسم.
المصدر: SKY SPORTS

يتحرك لاعبو الوسط بدون كرة كـ مجرد "طُعم" لدفاعات الخصوم أو للقيام بعملية تمويه، لأن ظهيرهم الأيمن الإنجليزي يعرف كيف يلعب التمريرات القطرية، من الطرف إلى العمق، بالتحديد أثناء تمركزه على الخط تجاه مركز اللعب مباشرة بالثلث الأخير، حتى يستلم فيرمينو ويربط سريعاً مع صلاح وماني، أو تكون الكرة طولية تجاه ماني مباشرة، أو حتى كاسرة للخطوط لتصل إلى صلاح. المهم في كل ذلك أن الظهير الأيمن لا يكتفي بصناعة الأهداف مع فريق كلوب، بل يساهم بشكل رئيسي في صناعة اللعب، وكأنه الرقم 10 الحقيقي في تكتيك بطل أبطال أوروبا.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أحمد مختار
صحافي رياضي، وكاتب مهتم بالتحليل والحديث عن كرة القدم وقصصها.
صحافي رياضي، وكاتب مهتم بالتحليل والحديث عن كرة القدم وقصصها.