متى تُنقذ بنات الشرق يا الله قبل أن يهربن إلى بلاد الكفار!

عربي بوست
تم النشر: 2019/10/28 الساعة 13:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/10/28 الساعة 14:27 بتوقيت غرينتش
يا لها من حياة ظالمة تُوْجع قلبي وقلب كُلِّ أنثى كُلَّما كَبِرتْ

الفتياتُ في وَطَنِنا هارباتٌ دائماً مِن حُضنِ العائلة، وحُضنِ الدّولةِ، الكُلُّ يمارس ضِدَهُنَّ العَصا لِمَنْ عصا، في وطننا حيث تُمسَكُ السكاكين في العلن، وتُمسَكُ الأيادي في الخفاء، هنا حيث يقومون بخطيئة الحياة سِراً ويبصقون على من يحيا علناً هنا حيث يكذب الجميعُ على الجميع، في وطننا الحبُّ حرامٌ والورودُ الحمراءُ مخلةٌ بالأدب والعشقُ سِرٌ مُرعب، في وطني كُلُّ شيءٍ حلال ولكن لذكورنا فقط؛

 الأُنثى يا صديقتي في الشّرق كأحمرِ الشفاهِ في العزاءْ..

 – إِنّها ضِحكتي الٲخيّرة..

– عَيناي لاتزالان تُمطِرُان بالدّموع، ورائحةُ الحياة في ٲنحاءِ غُرفتي.. أُرتّب أشيائي وأتلوّى لها على أملِ ٲن ألمح طيفَ مُستقبلي المبتورِ، وحقوقيَ النّصفَ مسلوبة لِكَوني أُنثى شرقية بعائلةٍ متفهمة أعطتني نِصفَ حقوقي التي تَقدِرُ أن تمدّني بها، والأُسَرُ المُتفهمة لا توجد لدى جَميعنا وإنما أسرنا أحياناً تنحرنا إذا رأت ضحكاتنا، ولكن تلك المتفهمة لم تستطع أن تفعل شيئاً تجاه مجتمعي الذي سلب النصف المتبقي من حقوقي تلك، وضحكة قلبي.. وضحكة عينيّ التي خسرتها مُذْ أَعلن الإيكو عن أنوثتي، أَيُّ قَدَرٍ ذُكورِيٍّ هذا الّذي يسلبني حياةً لمجرد وجودي في هذا الجزء من العالم، أيُّ جزارٍ هذا الذي يمحي ابتسامة فتاةٍ في أول صباها، أيُّ مزيلٍ هذا الّذي يُزيلُ احمرارَ وَجنَتيَّ ويُحوِّله لِشحوبٍ، يكتم صوت ضَحِكاتي لِيُبَدِّله باكتئابٍ ليس له نهاية، أيُّ عدل هذا الّذي ينتزع إِناثنا من زهرة شبابهنَّ، ويحوّلهُنَّ إلى زهرةٍ يابسة لا جدوى من محاولة إنقاذها من سجلات الوفاة..

– إنها حياتنا.. إلى ٲين ذهبت.. وكيف؟!

– إلى مكان مظلم لا يُرى فيه شيء ولا يُسمع فيه سوى دويّ الرَّصاص وأصوات السُّيوف والمآذن، بعد الآن.. قد لا أسمع نفسي بعد دقائق ٲُوصي روحي أن تكون بخير..

– أيُّ خير سيسكننا بعد الآن.. أخذوا حقوقنا التي شُرّعت لإِخوتنا الذُّكور لمجرد الفرق الجندريِّ، فَرَحلت عنّا أجملُ أَيامنا..

– ولماذا حُلِّلَ لهم أن يُعَنِفوا ويُؤذوا ويَقتلوا بناتك يا ربي! لماذا يحق لهم تأديبنا إذا عشنا كما هم يعيشون، وضحكنا كما هم يضحكون، لماذا لهم كل شيء عادي ولنا إخلالٌ بالأدب، أَوَ يُحَلَلُ لهم قتلنا يا ربي تحت مسمى جريمة شرف، منذ متى والشّرف يلحق بالجرائم، منذ متى وخطيئة القتل مُحللة، وكيف حللوا لأنفسهم قتل كل مَن استنشق هواءك، منذ متى والقاتل يُثنى عليه، ولماذا يَحُقُّ لهم قتلنا ولا يحق لنا نحن ذلك، وهل يظنون أننا سنقتلهم لو سنحت لنا الفرصة؟                                    منذ متى والقتل يُسمَحُ به، ويُبَرَأ القاتل إذا أُرفِقَت جريمته بكلمة شرف! 

إنَّ الشرف بريءٌ من ذبحكم.. 

نحن لا شيءَ يَحُقُّ لنا حتى الاعتراض لا يَحُقُّ لنا، في كل ثانية تَمُرُّ يتم تشييئنا كأيِّ قطعة أثاثٍ منزلية وكأننا ملكية يتم التصرف بها؛          

 يا لها من حياة ظالمة تُوْجع قلبي وقلب كُلِّ أنثى كُلَّما كَبِرتْ.. قد حَرِصْتِ يا أُمي أن تُهَدهديني في ريعان شبابي حتىْ.. لَكِنَّ حِرصَكِ كانَ أَضعف مِن رصاصهم وذُكورِيّتِهم، ٲخذوا حياتنا وجعلونا أمواتاً أحياء، تركوا حروفنا تتساءلُ لماذا، أعادوك يا أُنثايَ لي شهيدةَ العنصريةِ والجهلِ مضرّجةً بالدِّماء النَّازفة مُعلنةً نَحرَ أُنوثتك.. 

سامحيني يا أُمي، لَو عَلِمْتُ أنّهم سيسلبوني حُضنَكِ لما أَعطيتُ لِعُمري الحَقَ أن يَكبُرْ، بل لأَبقَيتُهُ صغيراً في حُضنِك يَغفو..

حَبّذا لو نَرجِعُ أطفالاً لِتحرصوا علينا ٲكثر..

– أَنهرُ نفسي وأُنادي كُفّي عن هذا الكلام الجارح الّذي يمنحني دمووعاً ممزوجة بغصةِ القلبِ.. أنا عاجزةٌ حتّى عن احتضانِ نفسي.. انا هيكلُ روحٍ هلامية.. أطفو فوقَ نُواحي وأنيني ليلاً.. وأَجثو أمامكَ يا ربي طالبةً لمسةْ.. لا أزالُ أناديك باحثةً عن اسمك الحسن يا عادل يا رحيم أين أنت يا ربي فتشت عنك بين حروف الإنجيلِ والقرآنِ والتوراة بين أجراسِ كنائِسِكَ ومآذنِ مساجدكَ وجَدائِل حاخامتك، بحثتُ عنك في صَرختي الأولى ونفسي الأخير، نبشت القبور وقطعت الأشجار والتقطت الزّهور، بنيت عقلي حجراً حجراً، وتساءلت ألفَ سؤالٍ وأنا أبحث عنك، طالبةً عونك.. أود أن أعرف هل تكرهني كما يكرهني الذّكوري لأنني أُنثى ياربي!

– عُد إليّ ومدّ قلبي بالحياة.. عُد لفلذتك التي خلقتها إلى إناثك اللّواتي أحنَينَ ظهورهنَّ بعيداً عن ظلك بعد ما وعدت أن تكون عكازهُنَّ القويَّ وعمودهُنَّ الصُّلب.. عُد إلى رفيقاتي فإني أراك في كل واحدة منهُنَّ.. عُد من ٲجل أختي الصغيرة ف: ما زِلت قُدوتها وسيفها الحادّ المعطر بالورد.. كُلَّ يوم تسٲلني "متى سينقذنا ربي؟؟"

تراكم دمار غصّتي بسؤالها، وأحاول أن أخفي تعب قلبي ودموعي فٲجيبها بٲنك ستعود لتنقذنا جميعاً وتمسح دماء الحروب عن أفواهنا، وتنشر المساواة في هذه الأرض المشؤومة..                  

 يَرسُمُ الفرح ثَغرَها الصّغير الورديّ وتُكرر السّؤال: "هل سأقطف ياسميني يوماً كما يجمع أخي ضحكاته!!"

تذهب بعقلي الذكريات وينتابني الشّرود والبكاء وأجيب نفسي: "سٲشتري ضحكاتي إن لم أستطع أن أجمعها كما يفعل أخي، سأدقُّ أبواب هجرتي وأذهب لذلك الجّانب الذي ينعتونه بجانب الكفار، سأذهب إلى تلك البلاد الكافرة لأنها تمنعهم من ممارسة حقهم الذّكوري المُشَّرَعْ مجتمعياً باضطهاد إناث وطنهم.. "آااااه يا صغيرتي!

كيف سٲخبركِ ٲننا لن نتحرر يوماً ولن نموت في حقول الياسمين والنّرجس كما وَعَدتُكِ؟ لن نموت إلا شنقاً بحبل الذّكورية الخشن.. أيّ لونٍ سنرتدي يومها!؟

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

نينار راهب
طالبة وناشطة نسوية
أنا نينار راهب، عمري سبعة عشر عاماً، وُلدت في 30/9/2002 في مدينة اللاذقية لأسرة مكونة من أب وأم وأخ. أخي هو الرسام أشرف راهب. حالياً أنا طالبة في سنتي الأخيرة بالصف الثالث الثانوي العلمي، أي البكالوريا. لقد ظللت راقصة باليه لتسع سنوات، منذ سن الرابعة حتى سن الثالثة عشرة ومن ثَم توقفت عن تعلم الباليه وبدأت بتعلم الدانس دو سالون، أي رقص الصالونات، والرقص اللاتيني مثل الفالس والبتشاتا والسالسا والتانغو والزوربا، شاركت في العديد من العروض المسرحية الراقصة على مسرح دار الأسد للثقافة في اللاذقية، وأيضاً مارست الغناء وكنت أتدرب مع كورال الأمانة السورية للتنمية لمدة خمس سنوات في طفولتي حتى توقف الكورال. لديَّ خبرة في الصناعات اليدوية مثل نحت الصلصال والفوم، والرسم. أحب التصوير وبدأت به منذ سنة ونصف كهواية أتقنته وتعلمته بشكل ذاتي تقريباً، والآن أنا أعمل به إلى جانب دراستي وأقوم بتصوير الحفلات المسرحية الموسيقية والراقصة، أي الحفلات الفنية بشكل عام، ولديَّ صفحة خاصة بالتصوير وهي صفحة العمل على الفيسبوك: Nina Raheb photography متطوعة في الكشافة كمرشدة متقدمة في الفوج العاشر البحري لمفوضية اللاذقية الكشفية، أحب القراءة، وأدبائي المفضلون هم سيمون دو بوفوار، غادة السمان، نوال السعداوي، نجيب محفوظ، سحر خليفة، نزار قباني، محمود درويش... إلخ، أنا مناشدة لحقوق الإنسان والحريات الفكرية والشخصية كما أنني ناشطة نسوية. بدأت الكتابة منذ سنتين وتلقيت التشجيع من أسرتي وصديقي وأستاذي في اللغة العربية فبدأت بكتابتي لروايتي الأولى التي من المفترض أن أنهيها في سبتمبر/أيلول القادم عام 2020.
تحميل المزيد