حان الوقت للتحدث عن دراستي (30 سنة ومازلتُ في المرحلة الجامعية)
نبدأ من السطر الأول
حسناً، قدمتُ للسويد وأنا في الـ19 من عمري، لم أكن قد أنهيتُ دراستي الثانوية بسبب ظروف العراق آنذاك، وتنقلنا من بلد لآخر.
عند وصلولي للسويد بدأت مرحلة تعلم اللغة، حقيقة لا أذكر كيف كانت من حيث الصعوبة، كل ما أتذكرهُ في تلك الفترة هو أنني كنتُ أقضي أكثر من 8 ساعات أمام الكتب والقواميس.
بعد اللغة جاءت الصدمة الكبرى (يجب أن أُعيد دراسة الثانوية من المرحلة الأولى (الرابع الإعدادي/صف 10)، نوبة من النحيب والبكاء استمرت أياماً، والسبب أنني وبكل سهولة (سوف أتأخر عن صديقاتي ووووو)
بعد ابتلاع الصدمة ننتقل للسطر الثاني
حلمي ومنذُ الطفولة أن أكون طبيبة أسنان، لم أكن أفكر في شيء آخر مطلقاً، وضعتُ الهدف أمامي، وبدأتُ أجتهد لهذا، إعادة المرحلة الثانوية ودراسة سنة تحضيرية للجامعة، والعمل في أيام العطلة كان هيكل حياتي في تلك الفترة، وبعدما حصلتُ على معدل عالٍ من هذه الدراسات الكثيرة أصبح بإمكاني التقديم بالجامعة أخيراً 🎉..
السطر الثالث
حقيقةً "فرح" في بداية العشرينيات لا تُشبه "فرح" الآن
لم أكن أود الانتقال لغير مدينة ستوكهولم، أو حتى خارج السويد، رغبتي أن أدخل الجامعة في العاصمة استوكهولم بالقرب من أهلي، لهذا وبعد الدراسة الثانوية انتظرتُ لأكثر من عام لقبولي في الجامعة، ولم تُتح لي الفرصة، لم أمتلك مقعداً في طب الأسنان، كنتُ حزينة للغاية، ومحبطة، لهذا قررت أن أقدم في مدن أخرى، وبالفعل، بعد أكثر من عامين تم قبولي في كلية طب الأسنان بجامعة كوثمبرغ.. يا رباه كلمة (ANTAGEN/ مقبول) بالأخضر على شاشة الحاسوب كادت توقف قلبي من السعادة، أمامي شهران فقط لأنتقل للمدينة الجديدة، وترك حياتي في ستوكهولم.
السطر الرابع
طب الأسنان وسعادتي العارمة لا يمكن وصفها، بعد الشهر الأول في الجامعة كان لدينا أسبوع دوام في العيادة (لا نفعل شيئاً، فقط نكتب ملاحظات، ونرى العمل الحقيقي لطبيب الأسنان)، هنا كانت الصدمة الثانية، لم أحب العمل قط، أصبتُ بالإحباط، هل فعلاً هذا ما سأفعلهُ بقية حياتي؟ أريد التكلم مع المرضى، وأن أركض في ممرات المستشفى من أجل حالات الطوارئ. عدت بعد أول يوم من العيادة مصدومة وخائفة أيضاً، كيف سأخبر الجميع (أن طب الأسنان ليس ما أحب).. لم أتفوه بكلمة، بعد دراسة ما يقارب عامين قررت أن أقدم على الطب، وإذا تم قبولي فسوف أخبر الجميع أنني لم أحب الأسنان (سأعترف 😁).
السطر الخامس والأخير
تم قبولي في كلية الطب، جامعة يوتبوري، وأنا في الـ28 من عمري، وحتى أكون صريحة لم أكن سعيدة بنفس الدرجة عند قبولي في كلية طب الأسنان.
الطريق لم يكن مستقيماً بالنسبة لي، ولكوني (الابنة الكبرى) في البيت لم يكن هناك مرشد للطريق، فالبلد جديد، وقوانين جديدة، وأنا كنت (مثل الأطرش بالزفة).
اليوم وأنا طالبة في المرحلة الثانية حقاً سعيدة بما فعلت، وأيضاً سعيدة في هذا المجال الطويل والشاق، وما أطلق عليه (التعب اللذيذ).
كل الحب❤.. فرح
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.