هل اشترى ريال مدريد التروماي في صفقة كورتوا؟.. نافاس يجيبك

عربي بوست
تم النشر: 2019/10/07 الساعة 13:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/10/07 الساعة 13:29 بتوقيت غرينتش

أسطورة التدريب وبطل كأس العالم 2006 مع منتخب إيطاليا، مارشيلو ليبي كان قد صرح مسبقاً بأن تواجد النجوم والأسماء الرنانة في الفريق لا يعني بالضرورة النجاح وتحقيق البطولات. لكن ليبي نفسه خالف ما قال وأحرز الكأس العالمية رفقة تشكيل متخم بالنجوم.

لكن لماذا نضع هذا الطرح أمام الأعين؟ لماذا نسترجع كلمات ليبي عن الجلاكتيكوس؟ هل جمع النجوم لا يصنع النجاح ويحقق التفوق حقاً؟

 مثل تلك التساؤلات غالباً ما تكون إجابتها نسبية، فلن يستطيع أحدهم أن يقطع الشك باليقين ويقول إن الجلاكتيكوس لعنة مطلقة هذا لأن تعويذتها أصابت النجاح مرات عدة. ولا يستطيع آخر أن يحصر مقومات النجاح في شراء النجوم و الأسماء اللامعة فقط.

في حالة مثل حالة ريال مدريد الحالية، فإن كل ما يمكننا عرضه هو ما تفهمه الجماهير وتجهله الإدارة في مدريد.. وهل اشترى ريال مدريد التروماي حقاً عندما اشترى البلجيكي تيبو كورتوا؟

إذا كنت مهتماً بهذا الموضوع فمرحباً بك معنا في رحلة سريعة في عقل ريال مدريد.

كيف لا يفكر ريال مدريد؟ 

في صيف عام 2018 خرج الصحفي  جيمس بيرس، صاحب المصداقية العالية، ليصرح بأن يورغن كلوب مدرب ليفربول يسعى لاستقطاب حارس مرمى يستطيع لعب الكرة بقدمه؛ ليكون أول ترس في ماكينة ليفربول الهجومية، بالإضافة لكونه حارساً من الطراز الرفيع.

وسرعان ما علمت الجماهير أن الحارس الذي وقع عليه الاختيار هو البرازيلي  أليسون بيكر، ليبادروا بكتابة اسمه على قمصان الفريق وعمل مقاطع الفيديو على  اليوتيوب للترحيب بالمُخلِّص المنتظر بعد سنين مينيوليه وكاريوس العجاف، لكن المفاجأة غير السارة أن فريق ريال مدريد هو الآخر ارتبط اسمه بأليسون، لكن ثمة شيء ما غيَّر وجهة مدريد من روما حيث كان يتواجد أليسون في لندن حيث تتواجد الحلقة المفقودة في منظومة مدريد، لكن وجد مدريد ضالته في لندن؟ أم هناك اعتبارات أخرى خلف التعاقدات المبرمة؟

والسؤال الأكثر إلحاحاً الآن هو مَن الذي اختار كورتوا وفضَّله على أليسون؟

هل هو لوبيتيغي المدير الفني وقتها أم رئيس النادي ورجل مدريد الأول فلورنتينو بيريز؟

التسويق أولاً والأموال ثانياً

إلحاح بيريز على قدوم نيمار لمدريد وتصريحاته سابقاً أن قدوم مبابي حالياً للفريق بـ300 مليون يُعد أفضل من قدوم مبابي قبل عامين بـ 180 مليون يطرح تساؤلاً كبيراً.. لماذا؟

الإجابة تقطن في عقل بيريز التسويقي، فالعائدات من حقوق الرعاية والإعلان وحتى مبيعات قمصان نيمار أو مبابي ستتكفل بأموال الصفقة بل وستعطي ما هو أكثر من المال وهو الذهب الذي افتقده مدريد الموسم الماضي. بيريز يبحث دائماً عن الصفقة التي تعطي كل فوائدها في آن واحد، لذلك علينا التعامل مع عقلية بيريز بعيداً عن الحديث داخل المستطيل الأخضر، وهو ما لا يفقه بيريز عنه شيئاً.

قدوم كورتوا سلَّط بعض الأضواء على مدريد، فقدوم أفضل حارس في بطولة هي الأهم تاريخياً مثل كأس العالم يُعد صفقة خاطفة للأضواء بلا شك. لكن المنافسة بين كورتوا ونافاس جذبت أضواء أكثر لنادي العاصمة الأول.

نافاس المنتشي بـ 3 بطولات دوري أبطال أوروبا هو بطل لأكثر من قصة قصيرة داخل كتاب الأبطال الذي ألفه الميرينغي خلال ولاية زيدان الأولى. وكورتوا بالتأكيد لم يأتِ ليجلس على دكة البدلاء. ليصبح الحكم في النهاية في يد المدرب الفرنسي.

ينير داخل عقلي الآن حقيقة بسيطة وهي أن قدوم كورتوا بعد بطولة كأس العالم لم يكن قراراً فنياً من المدرب لوبيتيغي الذي يفضل اللاعبين ممرِّري الكرة، مما يعني أنه بالطبع يفضل نوعية الحارس الممرّر للكرة، مثل أليسون، لكن هناك اعتبارات تجارية حالت دون ذلك.

بيريز دائماً ما يظهر في مرة في الصورة ويختفي 10، لكن حين يظهر فإنه يعرف كيف "يصنع اللقطة".

الأزمة.. أهل الثقة أم أهل الكفاءة؟ 

الأزمة التكتيكية هي ما قامت بقطع وتر الثقة بين بيريز ورجله زيدان من جهة وبينهما وجمهور مدريد من جهة أخرى. لا يختلف زيدان عن لوبيتيغي أو سولاري كثيراً فيما يخص  خط الدفاع. كلهم اعتمدوا على اللعب بخط دفاع متقدم وهو ما يُعد بالاختيار الانتحاري في ظل الاعتماد على كورتوا كحارس أساسي للفريق. لكن قبل البدء دعنا أولاً ننظر إلى نشأة كورتوا التكتيكية وكيف تحول من حارس صعب المراس إلى حارس هش فنياً كما نراه الآن.

بدأ كورتوا مسيرته الفعلية مع فريق أتليتيكو مدريد وهو الفريق الذي يدربه سيميوني صاحب الفكر الدفاعي الصلب بالاعتماد على قلبي دفاع طوال القامة وصعبي المراس مثل جودين وميراندا وقتها، واستطاع سيميوني أن يحصل على بطولة الدوري الإسباني 2013-2014 برسم تكتيكي دفاعي قوي يعتمد على التكتلات الدفاعية التي تضع المنافسين أمام خيارات معدودة، فإما التصويب من مسافات بعيدة، أو إرسال العرضيات التي يتميز فيها جودين وميراندا ومن خلفهما صاحب الـ 1.99 متر كورتوا.

انتقل بعدها كورتوا إلى تشيلسي الذي طالب باستعادة لاعبه المعار الصغير الذي نضج في مدريد للعمل مع كتيبة مورينيو العائد إلى البلوز. رأى مورينيو في كورتوا الحل الأمثل لتعويض حارس تشيلسي الأسطوري بيتر تشيك الذي لا يختلف كثيراً عن كورتوا في أسلوب اللعب. مورينيو رجل ذكي للغاية، ويعلم كيف يخرج كل ما في داخل اللاعبين ليحصل على منتج كامل الجودة، لذلك جلب الحارس الذي يعطي السيطرة في منطقة الجزاء لأسلوبه الدفاعي الصلب هو الآخر، مورينيو اعتمد هو الآخر على التكتلات وخنق المنافس حتى إنه كان يهاجم في الصحافة بسبب أسلوب لعبه المعهود "Park The Bus". مما أعطى كورتوا ما يحتاجه وقام بالحفاظ على شباكه نظيفة في  12 مباراة.

الأمر لم يمضِ جيداً مع مورينيو في الموسم التالي فقامت الإدارة بالإطاحة به والمرور بموسم انتقالي حتى قدوم أنتونيو كونتي في الموسم 16/17. كونتي هو الآخر اعتمد على أسلوبه الدفاعي بوجود ثلاثي دفاعي أمام كورتوا يدعمه ظهيران وأمامهما النفاثة كانتي، تركيبة قوية جداً ساعدت كورتوا هذه المرة في الخروج بـ 16 "شباك نظيفة" طوال الموسم.

الشاهد من كل هذا أن كورتوا هو الحارس الذي يستطيع أن يلتقط العرضيات قبل  المهاجمين ويساعده طوله الفارع في التصدي للتصويبات بعيدة المدى، لكن على عكس نافاس فإنه يعاني في موقف واحد ضد واحد، وفي التصويبات الأرضية، كما أن عملية بناء اللعب التي يقوم بها الحارس وخط الدفاع من خلال عدة تمريرات قصيرة ليست من سمات كورتوا بل هي سمة من نصيب نافاس. كما تعتبر حركة أقدام كورتوا وتمركزه كارثية. هذه العوامل تجعل من اعتماد الدفاع المتقدم بمثابة عملية انتحارية في ظل وجود كورتوا؛ لأن الحارس البلجيكي سيكون على الكثير من المواعيد مع مهاجمي الفرق التي تواجه ريال مدريد وسيتعرض للكثير من المواقف التي لم يعتَد عليها من قبل.

في 8 مشاركات هذا الموسم مع الملكي استقبل كورتوا 11 هدفاً في جميع البطولات بنسبة 1.37 هدف في المباراة الواحدة بينما كانت نسبة الأهداف المتوقع دخولها في مرمى ريال مدريد في بطولة الدوري هي 1.14 في المباراة. ليبدو أن هناك خللاً ما كان يعالجه نافاس، أما كورتوا فليس من المرجح أن يسد تلك الثغرة التي صارت بادية للعيان.  

الحل المحتمل

يتواجد في أروقة مدريد من يستطيع شغل مركز حراسة المرمي بشكل جيد، أريولا الحارس الذي يحظى بهامش تطور مرتفع للغاية، لكن من الواضح أنه لا يحظى بثقة زيدان، وهو شيء غاية في الأهمية. فزيدان يعبر دائماً عن أنه ليس قلقاً، وهو ما يجعلنا نشعر أن العناصر ستكون دائماً ثابتة. ناهيك عن اعتماد زيزو على أهل الثقة، وهي الأسماء الرابحة في ولايته السابقة. بالطبع كورتوا ليس منهم، ولكنه انطباع شخصي عن عدم تغيير قناعات زيدان بسهولة.. كلها نقاط متقاطعة على فترات زمنية متقاربة تضعنا أمام السؤال الذي يهرب منه جميع القابعين في مدريد وهو: "هل اشترى ريال مدريد التروماي في صفقة كورتوا؟".

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مازن زكي
طالب وكاتب رياضي
طالب وكاتب رياضي