فاجأ المغربي أمين حارث متتبعي الرياضة العالمية، وبالخصوص عشاق الدوري الألماني لكرة القدم، بتألقه اللافت، في بداية الموسم الجاري، رفقة فريقه شالكه 04، بعدما كان، خلال الميركاتو الصيفي الماضي، ضمن قائمة اللاعبين غير المرغوب فيهم، بسبب التراجع الرهيب لمستواه في الموسم الماضي، الذي أدى لاستبعاده من منتخب بلده وعدم مشاركته في نهائيات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم التي احتضنتها مصر من 21 يونيو/حزيران إلى 19 يوليو/تموز الماضي.
فما الذي حدث حتى ينفجر حارث بهذا الشكل المذهل؟
وكيف أصبحت الآن نظرة مسؤولي النادي الألماني تجاه المغربي الشاب الذي كان، قبل أشهر قليلة فقط، من اللاعبين المنبوذين؟
ولكن وقبل أن نجيب عن هذا التساؤل، دعونا نعرفكم بإيجاز بمتوسط الميدان الهجومي المتألق أمين حارث.
بطل أوروبا مع شباب فرنسا في 2016
ولد أمين حارث يوم 18 يونيو/حزيران 1997 ببلدة "بانتواز" بالضاحية الشمالية للعاصمة الفرنسية باريس، من والدين مغربيين، ما يعني كون أمين مزدوج الجنسية بامتلاكه للجنسيتين الفرنسية والمغربية أيضاً. لكن رغم ترعرعه في مدينة النور، فإن والديه كانا يصران على قضاء العطلة الصيفية بمسقط رأسهما بمدينة الدار البيضاء المغربية، ليتأكدا من ارتباط ابنهما بجذوره وهويته الأصلية.
وتبلور هذا الارتباط في اختيار أمين الصغير، دون تردد، الانضمام للمنتخب الأول لبلده الأصلي في عام 2017، بعدما سبق له اللعب ضمن منتخبات الفئات الشابة لفرنسا، حيث تُوّج في سنة 2016 بلقب بطولة أمم أوروبا للشباب لأقل من 19 عاماً.
ويعود سبب هذا التراجع في المستوى إلى الحالة النفسية السيئة التي عاشها الدولي المغربي طيلة الموسم الماضي بعد تسببه في حادث مرور مميت، ذهب ضحيته أحد المارة، وذلك في ليلة 29 إلى 30 يونيو/حزيران 2018 خلال تواجده بمدينة مراكش المغربية، مباشرة بعد مشاركته رفقة منتخب "أسود الأطلس" في نهائيات كأس العالم لكرة القدم بروسيا.
وبعد خضوعه لتحاليل الدم تم التأكد من أن أمين لم يكن تحت تأثير الكحول أو المخدرات، وبالتالي تمت تبرئته من تهمة القيادة في حالة سكر، لكن مع الحكم عليه بعقوبة السجن لمدة 4 أشهر مع وقف التنفيذ بالإضافة لغرامة مالية بنحو 780 يورو.
حارث مر إذاً بظروف نفسية صعبة بعد تسببه، ولو بدون قصد، في وفاة أحد المواطنين المغاربة، ما انعكس سلباً على أدائه فوق الميدان رفقة نادي شالكه، لكنه نجح في تجاوز أزمته خلال العطلة الصيفية الماضية بفضل المساندة والدعم الكبيرين اللذين تلقاهما من طرف عائلته.
وقد أكد هذا الأمر حين صرح، مؤخراً لقناة سكاي سبورت ألمانيا: "لقد قررت ترك الماضي ورائي.. فلقد كان الموسم المنصرم جد صعب بالنسبة لي وبالنسبة لعائلتي أيضاً. ولم أكن بحاجة سوى لأيام من العطلة لكي أستعيد حياتي الطبيعية. لقد كانت تلك الفترة هامة بالنسبة لي فالوقت الذي قضيته رفقة والدي وأمي وابنتي الصغيرة ساعدني كثيراً من الناحية المعنوية، كما قمت بالتدرب بشكلٍ شاق خلال وقت فراغي حتى أعود للمنافسة بكل قوة".
وهو نفس الأمر أيضاً الذي أشار إليه الصحفي الألماني لوكاس هورستر في تصريح نقله موقع "فوت ميركاتو" الفرنسي، يوم 26 سبتمبر/أيلول الماضي حين قال: "من الواضح أنّ حارث قد أصبح أفضل مما كان عليه في الموسم الماضي. يبدو أنه قد حلّ مشاكله وتصالح مع نفسه فقد بات يملك ثقة كبيرة فوق الميدان".
عقد جديد في الطريق
وبعد استعادته للثقة بالنفس، استعاد حارث أيضاً ثقة مسؤولي الأزرق الملكي، الذين يريدون -بحسب الصحافة الألمانية- تجديد عقده وتمديده إلى غاية عام 2022، مع الرفع من راتبه قصد تحصينه من إغراءات الأندية الأوروبية الكبيرة صاحبة القدرات المالية الضخمة.
ويتمنى المغاربة أن تنعكس هذه الثقة على أداء أمين مع المنتخب الوطني، خاصة بعدما أعاده المدرب الجديد، البوسني وحيد خاليلوزيتش، إلى كتيبة "أسود الأطلس" بمناسبة المباراتين الوديتين اللتين جرتا، في مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي، أمام منتخبي بوركينا فاسو والنيجر، وذلك بعدما استغنى عن خدماته المدرب السابق لمنتخب المغرب، الفرنسي هيرفي رونار، منذ نهائيات مونديال روسيا 2018.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.